“بوانو يكشف فساد صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء: هل أخنوش يغطي تضارب المصالح في مشاريع استراتيجية؟”

0
134

في ندوة صحفية عقدها د. عبد الله بووانو، رئيس الفريق النيابي بالبرلمان المغربي لحزب العدالة والتنمية، تناول فيها قضايا ذات صلة مباشرة بالأزمة السياسية والاقتصادية في المغرب، بما في ذلك تنازع المصالح في صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء – سطات.

هذه الصفقة التي تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية تتعلق بمستقبل الموارد المائية في المملكة، تأتي وسط أجواء من الشكوك والاتهامات الموجهة للحكومة بسبب تضارب المصالح الذي قد يحوم حول هذه المشاريع.




تضارب المصالح: أداة للربح أم دافع للفساد؟

تطرّق بووانو إلى ما اعتبره “تضاربًا غير مقبول” في المصالح التي قد تترتب على مشروع تحلية مياه البحر، مشيرًا إلى أن هناك قوى اقتصادية وسياسية تسعى للاستفادة الشخصية من هذا المشروع على حساب المصلحة العامة.

وحسب بووانو، هناك شخصيات متورطة في مشاريع ضخمة أخرى في مجالات الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، وهذه المشاريع قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في قرارات مرتبطة بمشروع تحلية المياه، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى شفافيتها.

هذه القضية تثير إشكالية أكبر حول سيطرة الشركات الكبرى على مشروعات استراتيجية قد تؤثر بشكل مباشر في حياة المواطنين المغاربة. فهل يمكن للقطاع الخاص أن يكون جزءًا من الحل، أم أن هذا سيقود البلاد نحو نظام رأسمالي مغلق يستفيد منه فئة قليلة؟ الأسئلة التي طرحها بووانو تتعلق أيضًا بكيفية توزيع الفوائد الاقتصادية، وهل سيتسنى للساكنة المحلية الحصول على نصيبها العادل من هذه المشاريع أم أنها ستظل مجرد متفرج في مشهد اقتصادي يهيمن عليه كبار المستثمرين؟

الشفافية ورفض المساءلة: هل حكومة العثماني قادرة على مواجهة الضغوط؟

في هذا السياق، انتقد بووانو رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لعدم تصديه بما فيه الكفاية لهذا النوع من الفضائح السياسية. وطرح تساؤلًا محوريًا: إذا كانت مثل هذه الصفقات تتسم بتضارب المصالح إلى هذا الحد، ألا يصبح من الضروري أن تتحمل الحكومة المسؤولية كاملة، وأن يُحاسب المسؤولون عن هذا الوضع؟ هل يمكن أن تستمر الحكومة في مسارها رغم هذه الاتهامات، أم أن هذا يستدعي تغييرات هيكلية، بما في ذلك استقالة بعض الوزراء أو حتى تدخل ملكي؟

التساؤل عن دور الملك: هل من الممكن أن يكون التدخل الملكي هو الحل؟

وفيما يخص التدخل الملكي، طرح بووانو تساؤلات عديدة حول دور الملك في التصدي للفساد الإداري. وبالرغم من أن العاهل المغربي يلعب دورًا محوريًا في استراتيجيات التنمية والمشروعات الكبرى، إلا أن تدخل الملك في بعض القضايا الاقتصادية الحساسة قد يكون ضروريًا لإظهار المصداقية والشفافية.

يشير بووانو إلى أن القضية ليست فقط قضية صفقة تحلية مياه البحر، بل هي تمثل جرس إنذار للتحولات المستقبلية التي قد تطال معظم المشاريع الوطنية الكبرى في المغرب. وعليه، فإن التدخل الملكي قد يكون خطوة هامة في إعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب، وفي الحفاظ على المصالح الوطنية.

مقارنة مع النماذج الأوروبية: هل المغرب يسير في نفس الاتجاه؟

وبمقارنة ما يحدث في المغرب بما يجري في أوروبا، تبرز تساؤلات حول كيفية تعامل الحكومات الغربية مع قضايا الفساد وتضارب المصالح. في كثير من الدول الأوروبية، نرى كيف يتخذ المسؤولون السياسيون خطوات حاسمة لمعالجة مثل هذه القضايا عبر آليات الشفافية وحملات المساءلة. في المقابل، يثير الوضع في المغرب تساؤلات حول قدرة الحكومة على إصلاح نفسها أو أنها ستظل رهينة للصراعات الداخلية والفساد الذي يهدد الاستقرار السياسي.

هل يكون النموذج الأوروبي في الشفافية والمحاسبة ممكنًا في المغرب، أم أن هناك معوقات قد تحول دون ذلك؟

ما هي التداعيات السياسية والاقتصادية لهذه الصفقة؟

تؤكد العديد من التحليلات أن صفقة تحلية مياه البحر في الدار البيضاء – سطات قد تكون بداية لمرحلة جديدة من المشاريع الكبرى التي تتسم بعدم الشفافية. لكن السؤال الذي يظل مفتوحًا هو: هل ستكون هذه الصفقة نقطة تحول إيجابية في مجال توفير المياه الصالحة للشرب، أم أنها مجرد وسيلة أخرى لاستفادة بعض الفاعلين السياسيين والاقتصاديين؟ وفي ظل هذه التساؤلات، تبرز الحاجة الملحة لتوضيح موقف الحكومة بخصوص هذه القضايا، وكيف ستتم محاسبة المسؤولين إذا تم اكتشاف فساد أو تضارب مصالح في إدارة هذه المشاريع.

خلاصة

الندوة التي عقدها عبد الله بووانو ليست مجرد حدث صحفي، بل هي دعوة واضحة لإعادة التفكير في سياسات الحوكمة في المغرب. إذ أن “تضارب المصالح” ليس مجرد مصطلح قانوني أو إداري، بل هو موضوع حيوي يخص مصير الاقتصاد الوطني ويؤثر على مستقبل مشاريع استراتيجية مهمة. إن تناول هذه القضايا بشكل علني يمثل خطوة في مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي، لكن يبقى السؤال الجوهري: هل تستطيع الحكومة أن تتجاوز هذه الأزمة دون تدخل خارجي أو تغيير هيكلي عميق؟ الأيام القادمة ستكشف عن إجابات هذا السؤال، وستكشف أيضًا مدى استعداد الحكومة المغربية للتعامل مع ضغوط الإصلاح ومحاسبة المسؤولين.