بوصوف في مواجهة المرآة: المثقف الذي يرافع من أجل صورة المغرب

0
129

في زمن تتشابك فيه الحروب الرمزية مع الحملات الإعلامية والافتراضية، يطل عبد الله بوصوف، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، بكتاب جديد يحمل عنوان: «في مواجهة المرآة.. مرافعة من أجل سياسة عمومية لصورة المغرب». ليس الأمر مجرد إصدار يضاف إلى رصيده الفكري الغني، بل هو مرافعة متكاملة تسعى إلى إعادة الاعتبار لقضية استراتيجية طالما همّشت: كيف يُرى المغرب من الخارج؟

يضع بوصوف أمامنا أطروحة جريئة: معركة المغرب اليوم ليست فقط سياسية أو اقتصادية، بل هي أيضًا معركة على الصورة. في زمن العولمة الإعلامية، حيث تصنع الأخبار المضللة والانطباعات السطحية رأياً عاماً دولياً، تصبح صورة المغرب في الخارج ساحة حقيقية للدفاع عن الوطن، إلى جانب وحدة الصف الداخلي.

الكتاب، الذي يشكل إضافة نوعية في النقاش العمومي، لا يكتفي بوصف التحديات المرتبطة بصورة المغرب، بل يسعى إلى تفكيك جذورها عبر قراءة معمقة لآليات اشتغال الإعلام الدولي، وصناعة التمثلات حول القضايا الوطنية. هنا يبرز بوصوف كمفكر يربط بين التحليل النظري والممارسة الميدانية، مقدماً اقتراحات عملية من أجل سياسة عمومية متكاملة لصورة المغرب تنخرط فيها مؤسسات الدولة والإعلام والمجتمع المدني على حد سواء.

وإذا كان الدفاع عن الوطن، كما يشدد الكاتب، يمر عبر التمسك بالوحدة الوطنية والارتباط بالملكية المؤسسة للشرعية التاريخية، فإنه يتطلب أيضاً تجديد الأدوات الدفاعية في مجال الدبلوماسية الإعلامية والثقافية. فالصورة ليست انعكاساً بسيطاً للواقع، بل هي أداة قوة ناعمة تحدد موقع الدول في النظام الدولي، وتبني لها مكانة في الوعي العالمي.

من هنا، تتحول المرافعة الفكرية لبوصوف إلى دعوة مفتوحة: أن يكون الدفاع عن صورة المغرب مسؤولية جماعية، يتقاسمها السياسي والمثقف والإعلامي والمجتمع المدني. إنها معركة وعي بقدر ما هي معركة إعلام.

بوصوف بهذا الكتاب لا يقدّم مجرد تشخيص أو نقد، بل يرسم ملامح المثقف العمومي الذي يسائل واقعه ويقترح البدائل. إنّه نموذج للرجل المناسب، المثقف الملتزم، الذي يكتب ويدافع من أجل أن يظل المغرب في مرايا العالم بلداً جديراً بمكانته التاريخية والحضارية.