لم يكن الإرهاب الذي يعني الإفراط في استخدام القوة والناجم عنه حالة من الفزع والخوف والرعب بين العوام، تاريخيًا إلا منتجًا لثلاث مواد خام إذا صح القول: مجتمعٍ إقصائي مفتت، وسلطةٍ استبعادية جائرة، وتهميش الشباب.
لقد حفزت سياسة التهميش والقمع التي تنتهجها جبهة بوليساريو الانفصالية العشرات من الصحراويين للانضمام لمجموعة فاغنر الروسية في افريقيا والتي وجدت في الوضع الهش للشباب في مخيمات تندوف فرصة لاستقطاب وتجنيد مرتزقة لمساعدتها في مهامها في عدة مناطق بالساحل الافريقي، وفق ما كشفه منتدى فورساتين المؤيد للحكم الذاتي في الصحراء والذي يتابع ما يستجد عبر شبكة علاقات في المخيمات.
وسبق للمنتدى وتقارير إعلامية دولية موثوقة أن تم الكشف في أكثر من مناسبة أن القمع والتهميش الذي تمارسه بوليساريو بحق سكان المخيمات دفع العشرات من الشباب الصحراويين في أحضان جماعات متطرفة في منطقة الساحل الافريقي.
وبحسب المنتدى ففي الآونة الأخيرة، ظهرت معطيات مؤكدة بتورط تلك المجموعة في نقل شباب الى مالي تحت تسميات مختلفة، لكن اختفت أخبارهم ولم يعثر لهم على أثر رغم المحاولات الحثيثة من أقاربهم.
وأوضح المنتدى أن حادثة هجوم مرتزقة “فاغنر” قبل أيام قليلة على الأراضي الموريتانية، واقتحام قريتي “دار النعيم”، و”مد الله”، واطلاق النار، واعتقال أشخاص وإصابة آخرين بجروح، كشف أسرارا خطيرة، بعد حديث بعض الضحايا عن مرافقة ملثمين لمجموعة “فاغنر”، مهمتهم تسهيل التواصل مع الضحايا ولاحظ بعض الأهالي أن اولئك الملثمين يتحدثون بالحسانية، غير أنهم ليسوا موريتانيين وهو الأمر الذي انتشر كالنار في الهشيم، ونقله موريتانيون الى داخل مخيمات تندوف، لتبدأ جولة من البحث الجماعي عن حقيقة اختفاء عشرات الشباب الصحراوي، وعلاقته بالانخراط في مرتزقة “فاغنر”.
وأضاف أن بعض الأهالي استطاعوا بطرقهم الشخصية، وباستعمال علاقات القرابة مع بعض كبار التجار، أن يحصلوا على معلومات غاية في الأهمية مفادها أن “فاغنر” استعانت بشباب من المخيمات قامت بتدريبهم وتأهليهم للمشاركة معها في عمليات بالساحل الافريقي، والمساعدة في أعمال الترجمة والتمويه بسبب اللهجة ولون البشر، مقابل مبالغ مالية مجزية، ولاحقا أولئك المجندون الصحراويون توسطوا لفتح الباب أمام مشروع تجنيد 500 شاب من مخيمات تندوف، يراد نقلهم الى مناطق مختلفة، ومنهم من سيرحل الى روسيا للمشاركة في عمليات عسكرية لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، يحصل بعدها على الجنسية والمساعدة في الاستقرار، مع راتب شهري يفوق 3000 دولار .
وقال المنتدى أن الانخراط في مرتزقة “فاغنر” يخضع لشروط صارمة، منها قطع المجندين علاقتهم مع ماضيهم، والتخلي عن هويتهم الحقيقية، والالتزام بعدم التواصل مع عائلاتهم ، كما يمنع الانضمام على المتزوجين والآباء، خوفا من أن تجرهم العاطفة الى الهرب أو الاتصال بأي شكل من الأشكال مع عائلاتهم، الذي قد يؤثر على عملية التنسيق والتجنيد التي تشرف عليها جبهة بوليساريو عبر وسطائها من التجار والمهربين، بمباركة جزائرية واضحة المعالم، دون مراعاة لمستقبل أولئك الشباب، ولا عائلاتهم المكلومة بالمخيمات، في مخطط يعكس ما يتم التحضير له في الشمال الافريقي من تخريب ودمار واشاعة الخوف والرعب، انطلقت أولى فصوله في الأراضي الموريتانية، ولا شك أن شرارته ستتسع في المستقبل القريب.
لطالما حذر المغرب في العديد من المناسبات السياسية والدبلوماسية، من التبعات الأمنية الخطيرة المترتبة عن هشاشة الوضعية الاجتماعية بمخيمات تندوف؛ ما يؤدي إلى تزايد النشاط الإرهابي بدول الساحل والصحراء.