بوليساريو لم تترك خيارا للشباب الصحراوي سوى الإرتماء في أحضان “فاغنر افريقيا” مقابل تأمين سبل الحياة

0
304

لم يكن الإرهاب الذي يعني الإفراط في استخدام القوة والناجم عنه حالة من الفزع والخوف والرعب بين العوام، تاريخيًا إلا منتجًا لثلاث مواد خام إذا صح القول: مجتمعٍ إقصائي مفتت، وسلطةٍ استبعادية جائرة، وتهميش الشباب.

لقد حفزت سياسة التهميش والقمع التي تنتهجها جبهة بوليساريو الانفصالية العشرات من الصحراويين للانضمام لمجموعة فاغنر الروسية في افريقيا والتي وجدت في الوضع الهش للشباب في مخيمات تندوف فرصة لاستقطاب وتجنيد مرتزقة لمساعدتها في مهامها في عدة مناطق بالساحل الافريقي، وفق ما كشفه منتدى فورساتين المؤيد للحكم الذاتي في الصحراء والذي يتابع ما يستجد عبر شبكة علاقات في المخيمات.

وسبق للمنتدى وتقارير إعلامية دولية موثوقة أن تم الكشف في أكثر من مناسبة أن القمع والتهميش الذي تمارسه بوليساريو بحق سكان المخيمات دفع العشرات من الشباب الصحراويين في أحضان جماعات متطرفة في منطقة الساحل الافريقي.

وبحسب المنتدى ففي الآونة الأخيرة، ظهرت معطيات مؤكدة بتورط تلك المجموعة في نقل شباب الى مالي تحت تسميات مختلفة، لكن اختفت أخبارهم ولم يعثر لهم على أثر رغم المحاولات الحثيثة من أقاربهم.

وأوضح المنتدى أن حادثة هجوم مرتزقة “فاغنر” قبل أيام قليلة على الأراضي الموريتانية، واقتحام قريتي “دار النعيم”، و”مد الله”، واطلاق النار، واعتقال أشخاص وإصابة آخرين بجروح، كشف أسرارا خطيرة، بعد حديث بعض الضحايا عن مرافقة ملثمين لمجموعة “فاغنر”، مهمتهم تسهيل التواصل مع الضحايا ولاحظ بعض الأهالي أن اولئك الملثمين يتحدثون  بالحسانية، غير أنهم ليسوا موريتانيين وهو الأمر الذي انتشر كالنار في الهشيم، ونقله موريتانيون الى داخل مخيمات تندوف، لتبدأ جولة من البحث الجماعي عن حقيقة اختفاء عشرات الشباب الصحراوي، وعلاقته بالانخراط في مرتزقة “فاغنر”.

وأضاف أن بعض الأهالي استطاعوا بطرقهم الشخصية، وباستعمال علاقات القرابة مع بعض كبار التجار، أن يحصلوا على معلومات غاية في الأهمية مفادها أن “فاغنر” استعانت بشباب من المخيمات قامت بتدريبهم وتأهليهم للمشاركة معها في عمليات بالساحل الافريقي، والمساعدة في أعمال الترجمة والتمويه بسبب اللهجة ولون البشر، مقابل مبالغ مالية مجزية، ولاحقا أولئك المجندون الصحراويون توسطوا لفتح الباب أمام مشروع تجنيد 500 شاب من مخيمات تندوف، يراد نقلهم الى مناطق مختلفة، ومنهم من سيرحل الى روسيا للمشاركة في عمليات عسكرية لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، يحصل بعدها على الجنسية والمساعدة في الاستقرار، مع راتب شهري يفوق 3000 دولار .

وقال المنتدى أن الانخراط في مرتزقة “فاغنر” يخضع لشروط صارمة، منها قطع المجندين علاقتهم مع ماضيهم، والتخلي عن هويتهم الحقيقية، والالتزام بعدم التواصل مع عائلاتهم ، كما يمنع الانضمام على المتزوجين والآباء، خوفا من أن تجرهم العاطفة الى الهرب أو الاتصال بأي شكل من الأشكال مع عائلاتهم، الذي قد يؤثر على عملية التنسيق والتجنيد التي تشرف عليها جبهة بوليساريو عبر وسطائها من التجار والمهربين، بمباركة جزائرية واضحة المعالم، دون مراعاة لمستقبل أولئك الشباب، ولا عائلاتهم المكلومة بالمخيمات، في مخطط يعكس ما يتم التحضير له في الشمال الافريقي من تخريب ودمار واشاعة الخوف والرعب، انطلقت أولى فصوله في الأراضي الموريتانية، ولا شك أن شرارته ستتسع في المستقبل القريب.

لطالما حذر المغرب في العديد من المناسبات السياسية والدبلوماسية، من التبعات الأمنية الخطيرة المترتبة عن هشاشة الوضعية الاجتماعية بمخيمات تندوف؛ ما يؤدي إلى تزايد النشاط الإرهابي بدول الساحل والصحراء.

ويؤكد المنتدى كما الكثير من المصادر المحلية أن انقطاع الأمل لدى الشباب الصحراوي في مخيمات تندوف دفعهم إلى مسارات شديدة الخطورة انتهت بهم ليكونوا وقود حروب لا علاقة لهم بها في الساحل عبر فاغنر وغيرها من التنظيمات المسلحة بما فيها داعش.

ولطالما حذر للمغرب في العديد من المناسبات السياسية والدبلوماسية، من التبعات الأمنية الخطيرة المترتبة عن هشاشة الوضعية الاجتماعية بمخيمات تندوف؛ ما يؤدي إلى تزايد النشاط الإرهابي بدول الساحل والصحراء.

وقد دفعت الأوضاع السيئة التي تعمل بوليساريو لتكريسها في مخيمات تندوف حتى لا يجد الشباب مفرا من التجنيد في صفوفها، لكنهم رغم ذلك اختاروا سبلا خطيرة أخرة، فقد انتشرت ظاهرة اختفاء عدد من الشباب الصحراوي بمخيمات تندوف، في ظروف غامضة، وتزايدت مناشير البحث وطلب المساعدة في العثور عليهم من طرف أهاليهم بالمخيمات، مع الظروف المحيطة بالمخيمات، وصعوبة التنقل وقساوة الطبيعة التي تتسبب في اختفاء أفراد ومجموعات وموتهم في البرية جوعا وعطشا.

لكن السبب الأهم هو انخراط البعض من هؤلاء الشباب في مجموعات التنقيب أو التنقل الى مالي وأزواد لشراء قطعان الإبل واعادة بيعها مجزأة بمخيمات تندوف، وهو أمر ينطوي على مخاطر جمة ويعرض أصحابه للتيه أو الاختطاف او القتل من طرف المجموعات المسلحة، فالتجارة في القطعان والتهريب بمختلف أنواعه والتعاون مع الجماعات المسلحة، كان ولا يزال حكرا على مجموعة صغيرة من المقربين من قيادة بوليساريو، وهم من ينوبون عنهم في كل العمليات التجارية أو الأمنية المشبوهة، ويتكفلون بتحصيل العائدات باسمهم.

وسبق أن تحدث رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد رمضان مسعود، عن هذا الموضوع قائلا أن “الفراغ الحاصل بمخيمات تندوف يدفع الشباب الصحراوي إلى الانضمام إلى الحركات المسلحة بالمنطقة، أو الانخراط في أعمال الإجرام والتهريب”. وأضاف مسعود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجمعيات الحقوقية المعنية بأوضاع المخيمات حذرت المجتمع الدولي أكثر من مرة بخصوص مخاطر التجنيد بتندوف”، لافتا إلى أن “المخيمات أصبحت بؤرة توتر بالقارة الإفريقية”.

وفي مايو العام الماضي شرع القضاء الإسباني في محاكمة صحراوي من مخيمات تندوف بتهمة انتمائه لتنظيم داعش الإرهابي، والتعبير عن كراهيته لإسبانيا ونشر دعاية جهادية على الشبكات الاجتماعية.

وأوردت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” أن المحكمة الوطنية الإسبانية بدأت في محاكمة شخص يلقّب بـ”إسماعيل”، قد نشر قبل إلقاء القبض عليه في 28 مارس الماضي، مقاطع مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعو فيها إلى الجهاد، فضلا عن مبايعته للتنظيم الإرهابي.

وطالبت النيابة العامة بسجنه لمدة أربع سنوات وستة أشهر، بعدما كان يقدم نفسه كعضو في منظمة “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الإرهابية، إلى جانب اعتزازه بتواصله مع رئيسها السابق عدنان أبووليد الصحراوي، الذي قتل على يد الجيش الفرنسي في أغسطس/آب 2021.

وكان تنظيم “داعش” نعى في شريط مصور مقتل أربعة عناصر من جبهة بوليساريو كانوا من قيادات “داعش” بصفوفه، (أبوالوليد الصحراوي وعبدالرحمن الصحراوي وعيسى الصحراوي وعبد الحكيم الصحراوي) في تأكيد واضح للتوجهات التي تؤطر الجبهة.

وقتل الزعيم السابق لتنظيم “داعش” أبو الوليد الصحراوي (كان عضوا نشيطا سابقا في جبهة بوليساريو) في الصحراء الكبرى، نتيجة عملية أمنية شنتها القوات الفرنسية بمنطقة الساحل منذ أكثر من سنتين.

كما قتل كل من عيسى الصحراوي، المنسق المالي واللوجستي لتنظيم “داعش” في مالي، وعبدالرحمن الصحراوي، الذي كان مكلفا بـ”إصدار الأحكام”، على يد الجيش الفرنسي بتنسيق مع الجيش الأميركي سنة 2021، وكان القياديان عضوين بجبهة بوليساريو، حيث استقرا بمخيمات تندوف طيلة سنوات قبل أن يتوجها نحو الصحراء الكبرى للانضمام إلى “داعش”.

وأشرفت القوات الفرنسية كذلك على قتل عبدالحكيم الصحراوي المنتمي إلى جبهة ابوليساريو، خلال غارة شنتها قوة “برخان” السابقة على موقع كان يختبئ فيه القيادي بتنظيم “داعش” .