“بيان الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: صرخة ضد التهميش ونداء لإصلاح التعليم”

0
130

في بيان صادر عن المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، تم تسليط الضوء على مجموعة من القضايا الحارقة التي تعصف بالمغرب، بدءًا من التحديات الدولية المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وصولًا إلى الأزمات الداخلية في مجالات الحريات العامة والحقوق الاجتماعية والتعليم. البيان، الذي جاء بعد اجتماع استثنائي يوم 11 فبراير 2025، يعد بمثابة صرخة ضد التهميش ونداء لإصلاح جذري للنظام التعليمي والسياسي في المغرب.

السياق العام: لماذا هذا البيان الآن؟

في ظل تراجع الحريات العامة وتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، يبرز بيان الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كرد فعل على سياسات حكومية تُتهم بالإجهاز على المكتسبات الاجتماعية وتقويض الحقوق الأساسية للمواطنين. البيان يأتي أيضًا في وقت يشهد فيه النظام التعليمي المغربي أزمات متتالية، مع تنصل الحكومة من التزاماتها تجاه الشغيلة التعليمية وإغلاق باب الحوار القطاعي.

تحليل البيان: ما هي القضايا الرئيسية التي أثارها؟

  1. القضية الفلسطينية: تضامن مطلق ورفض للتطبيع
    أبدى البيان تضامنه المطلق مع الشعب الفلسطيني في مواجهة “العدوان الصهيوني الغاشم”، مؤكدًا رفضه لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، بما في ذلك التطبيع التربوي والبيداغوجي. هذا الموقف يعكس التزام النقابة بالقضايا الدولية العادلة، ولكنه يطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذا الموقف على العلاقات الدولية للمغرب، خاصة في ظل التوجهات الرسمية نحو التطبيع مع إسرائيل.

  2. تراجع الحريات والحقوق: انتقاد حاد للحكومة
    انتقد البيان بشدة تراجع الحريات العامة والحقوق الاجتماعية في المغرب، معتبرًا أن الحكومة تُجهز على المكتسبات الاجتماعية وتستهدف القدرة الشرائية للمواطنين. كما أدان البيان “المقاربة الأمنية” التي تنهجها الدولة في تدبير الشأن العام، داعيًا إلى إطلاق سراح معتقلي الرأي والحراكات الاجتماعية.

  3. أزمة التعليم: إصلاح حقيقي أم تجريب فاشل؟
    ركز البيان بشكل خاص على أزمة النظام التعليمي، معتبرًا أن الحكومة ووزارة التربية الوطنية تنصلتا من التزاماتهما بموجب اتفاقيات سابقة، مما أدى إلى تفاقم الأزمات داخل القطاع. البيان دعا إلى إصلاح حقيقي يتجاوز “منطق التجريب والانتقائية”، مؤكدًا على ضرورة إشراك النقابات في اختيار المناهج والبرامج التعليمية.

  4. برنامج نضالي تصعيدي: ما هي الخطوات القادمة؟
    قرر المجلس الوطني تسطير برنامج نضالي تصعيدي مفتوح على كل الأشكال، مع تفويض المكتب الوطني بصلاحية تدبير المرحلة. هذا القرار يعكس استعداد النقابة لتصعيد نضالاتها من أجل فرض تنفيذ الاتفاقات والدفاع عن المدرسة العمومية.

أسئلة تحتاج إلى توضيح:

  • ما هي الآليات المتبعة لضمان نجاح البرنامج النضالي التصعيدي؟
    بينما يبدو البيان حازمًا في مواقفه، يبقى السؤال حول كيفية ترجمة هذه المواقف إلى إجراءات ملموسة على الأرض. ما هي الخطوات العملية التي ستتخذها النقابة لضمان تحقيق أهدافها؟

  • كيف يمكن للنقابة أن تتعامل مع التحديات الأمنية التي قد تواجهها؟
    في ظل اتهام الحكومة باستخدام المقاربة الأمنية في تدبير الشأن العام، ما هي الاستراتيجيات التي ستتبعها النقابة لضمان سلامة مناضليها وحماية حقوقهم؟

  • ما هو دور المجتمع المدني في دعم مطالب النقابة؟
    بينما ركز البيان على دور النقابة، ما هو دور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في دعم هذه المطالب وضمان تحقيقها؟

الأبعاد الاستراتيجية للبيان:

  1. تعزيز التضامن الدولي
    من خلال التضامن مع القضية الفلسطينية، يسعى البيان إلى تعزيز التضامن الدولي مع القضايا العادلة، مما يعكس التزام النقابة بالقيم الإنسانية العالمية.

  2. الدفاع عن الحريات العامة
    البيان يعد بمثابة نداء لوقف تراجع الحريات العامة في المغرب، مع التأكيد على ضرورة إطلاق سراح معتقلي الرأي والحراكات الاجتماعية.

  3. إصلاح النظام التعليمي
    من خلال التركيز على أزمة التعليم، يسعى البيان إلى إصلاح جذري للنظام التعليمي، مع التأكيد على ضرورة إشراك النقابات في عملية صنع القرار.

الخاتمة: نحو مستقبل أفضل

بيان الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يعد بمثابة صرخة ضد التهميش ونداء لإصلاح جذري للنظام التعليمي والسياسي في المغرب. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف يتطلب خطوات ملموسة وتضامنًا واسعًا من قبل كل مكونات المجتمع. في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن لهذا البيان أن يكون بداية لتحول حقيقي في سياسات الحكومة، أم أنه سيظل مجرد صرخة في وادٍ من الصمت؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.