تكهن مؤسس شركة “مايكروسوفت” بيل غيتس بأن المستقبل القريب في العالم، إن الأمر سيكون، أسوأ لاحقا.
وتوقع غيتس، سيتم تنفيذ الهجمات الإرهابية باستخدام أسلحة بيولوجية، وستصبح عواقبها أسوأ من جائحة فيروس كورونا المستجد المنتشرة حاليا.
وأعرب الملياردير عن ثقته، بأنه يجب على الدول إنفاق مبالغ ضخمة على الأبحاث في مجال علم الأوبئة – بهذه الطريقة فقط سيتمكن البشر من تعلم كيفية التعامل مع الأمراض المعدية التي يمكن أن تنتشر نتيجة للإرهاب البيولوجي.
وحث غيتس، منظمة الصحة العالمية على النظر في إنشاء مجموعة خاصة من العلماء، لكي يقوموا بتطوير أساليب وطرق لصد الهجمات البيولوجية، وكذلك القضاء على عواقبها.
ووفقا لصحيفة “غارديان”، أعرب غيتس عن أسفه لعدم فعالية لقاحات فيروس كورونا، التي تساعد في التخفيف من الضرر الناجم عن الوباء، لكنها لا تعطي الفرصة للتخلص منه تماما في المستقبل القريب.
في إبريل/نيسان من سنة 2018، بدأ بيل غيتس حديثه باسترجاع مخاوف طفولتهم لذاك الزمن السابق، فيقول: “إن الكارثة التي كانت تُقلقنا هي الحرب النووية”، ليبدؤوا بالاستعداد لهذا الخطر عبر تخزين المعلبات والماء في البراميل وهجرها في الطابق السفلي. هُنا، يبدأ بالمقارنة موضحا أن الكارثة التي ستقتل أكثر من 10 ملايين شخص في العقود القادمة لن يكون شكلها انفجارا نوويا، أو حربا، بل هو فيروس شديد العدوى، ليست الصواريخ ولكن الميكروبات، موضحا أن السبب الرئيسي لحدوث هذا هو استثمار المبالغ الضخمة للردع النووي، ولكننا لا نستثمر بالحجم ذاته في مواجهة أو إيقاف الأوبئة، ويقول: “لسنا مُستعدين للوباء القادم”، مُسترجعا انتشار الإيبولا، ومُعللا أن السبب في فقدان السيطرة لا يرتبط بالخلل في النظام، بل بعدم وجود نظام من الأصل!
لم يكن هناك نظام؟ يقول بيل غيتس إنه لم يكن هناك مجموعة من علماء الأوبئة مستعدين للذهاب ورؤية ما هو المرض، أو معاينة مدى سرعة انتشاره، بل جاءت كل المعلومات على ورق، وتأخرت في وجودها على الإنترنت ولم تكن دقيقة للغاية، ولم يكن هناك فريق طبي مُستعد للذهاب، ولم يكن هناك أي وسيلة لإعداد الناس أو تجهيزهم لما ينتظرهم، مشيرا إلى أن هناك بعض الجهود من بعض المنظمات التي نظمت المتطوعين، ولكن بيل غيتس يرى أننا أبعد من المطلوب واللازم، فوباء يتفشى ويقتل يحتاج إلى مئات الآلاف من العاملين في المجال، ويقول: “لقد كان فشلا عالميا”.
من الأسباب التي رآها بيل غيتس مُساهمة في السيطرة على الإيبولا، أولا طبيعة الفيروس نفسه الذي لا ينتقل بالجو، وأيضا أنه لم يصل للمناطق الحضرية، وهو ما عدّه مرتبطا بالحظ فقط، حينما قال: “لو وصل إلى المدن لكان عدد الضحايا أكبر بكثير”، ويُكمل حديثه مفترضا سيناريو مُستقبليا عن إصابة فرد بفيروس مُعدٍ ولكنه لا يشعر بأي أعراض مُزمنة، بل يتمتع بصحة جيدة تُمكّنه من ركوب الطائرة أو حتى الوصول إلى أقرب متجر يتبضع منه كأي فرد طبيعي.
أثناء شرحه، قدّم غيتس محاكاة من قِبَل معهد نمذجة الأمراض، والتي وجدت أن ظهور نوع جديد من الإنفلونزا كتلك التي قتلت 50 مليون شخص في عام 1918 بإمكانها أن تقتل الآن 30 مليون شخص في غضون ستة أشهر، والمرض الذي سيُفاجئنا مستقبلا هو الذي لا نعرف عنه أي شيء والذي نراه لأول مرة مثل الذي حدث مع “سارس”، والذي نراه الآن مع “كورونا”. ويلفت غيتس النظر إلى ملاحظة غاية في الأهمية، وهي ذاتها التي بدأنا بها التقرير، حينما يقول: “لو أخبرتم حكوماتكم الآن أن هناك تهديدا بأسلحة من شأنها أن تقتل 30 مليون شخص، فسيكون هناك شعور بالإلحاح بشأن الاستعداد للتهديد، ولكن في حالة التهديدات البيولوجية فإن شعور العجلة هذا غير موجود”، مُشيرا إلى أن العالم يحتاج إلى الاستعداد للأوبئة كما يستعد للحرب.
يمتد هذا الحديث عن الحرب بما يراه مشتركا بين الأوبئة والحروب، مقترحا أن نتجهّز ونُقدِّم للأوبئة ما يُقدَّم في حالة الحرب: جنود مستعدون للانطلاق في أية لحظة، احتياطات تكفي لأعداد كبيرة من الناس، ومقترحا أيضا نظاما صحيا جديدا في الدول الفقيرة الذي سيساعد بدوره على الكشف المبكر عن الأوبئة، والحاجة إلى طاقم طبي كامل مدرب ومجهز وذي خبرة ومستعد للانطلاق، ويرى أن مصاحبة الجيش للفريق الطبي سيكون أمرا مهما، حيث إن الجيش يتمتع بامتيازات عديدة منها السرعة في التنقل والوصول وتأمين المناطق. ويؤكد أننا نحتاج إلى البحث المعمق في مجال اللقاحات ووسائل التشخيص، ومختتما خطابه بأنه إن كان هناك درس مستفاد أو نقطة إيجابية يُمكن أن تُحسب للإيبولا، فربما ستكون أن الإيبولا كان جرس إنذار أو دعوة للاستيقاظ والاستعداد، وبأننا نملك الأدوات كالعلوم والبحوث والتكنولوجيا ولكننا بحاجة إلى دمج كل أدواتنا جنبا إلى جنب.
تؤكد الباحثة في بيولوجيا السرطان والأمراض الاستقلابية في المستشفى الجامعي هايدلبيرغ في ألمانيا الدكتورة علياء كيوان لـ “ميدان” أن ما أشار إليه رجل الأعمال بيل غيتس في مكانه، وأن جهوده في المجالات الصحية والبحث العلمي واضحة، وربما كان هذا إشارة منه ودعوة لأصحاب الأموال بالاستثمار في هذا المجال الذي سيُشكِّل نقلة نوعية في حالات الأوبئة، مُشيرة إلى أن رجل الأعمال بيل غيتس نشر مؤخرا مقالا مهما (8) في فبراير/شباط 2020 مستعينا مرة أخرى بالحمى الإسبانية كمثال قد يُكلِّف العالم الكثير من الأرواح، مُشيرا إلى أن فيروس كورونا هو مرض القرن والذي سيتحول إلى جائحة، مؤكدة ضرورة تكاتف الحكومات مع العلم والصناعة والتمويل لصناعة أدوية مضادة للفيروسات ولقاحات لتجاوز هذه الأزمة.
المصدر ( المغرب الآن والجزيرة)