بين الإعلام والسياسي: قراءة في رد محمد أوزين على تمرين توفيق بوعشرين

0
439

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتزايد فيه المطالب بتقريب السياسة من المواطن، تبرز أهمية الصحافة كجسر يربط بين الناس وممثليهم السياسيين، عبر نقل صورة دقيقة وموضوعية تعكس الواقع بكل أبعاده. إلا أن بعض الممارسات الإعلامية تثير الجدل حين تخرج عن هذا الدور، كما حدث مؤخرًا في تمرين قدمه الإعلامي توفيق بوعشرين لقياس صدقية ومصداقية رؤساء الأحزاب لدى المواطنين، وهو التمرين الذي أثار رد فعل حادًا من الأمين العام لحزب الحركة الشعبية والوزير السابق للشباب والرياضة، محمد أوزين.

في تغريدة له، عبّر أوزين عن استغرابه من السطحية التي اعتمدها بوعشرين في تحليله، مؤكدًا أن الصحفي المعروف بتحليلاته الرصينة وقراءة الأحداث العميقة، خرج عن عادته بإصدار أحكام وتصنيفات متسرعة، غير مدعومة بفهم دقيق أو تفسير منطقي. وهو ما دفع أوزين إلى نقد التمرين باعتباره محاولة “غير موفقة” للتقريب بين السياسي والمواطن.

وركز أوزين في رده على نقطتين أساسيتين: أولاً، ضرورة احترام الخصوصية القانونية والأخلاقية، مشيرًا إلى أن تسريب المكالمات الشخصية، خصوصًا بين الأصدقاء والأقارب، يُعد جرمًا يعاقب عليه القانون، وأن التعامل مع هذا الجانب أهم من الانشغال بتمارين قياس الصدقية التي قد تعطي صورة مغلوطة عن السياسي.

ثانيًا، أشار أوزين إلى أن السياسي ليس كائنًا منفصلًا عن مجتمعه، بل هو جزء منه، يتحدث بلغته ويعيش تفاصيل حياته اليومية مثل أي مواطن عادي. وشدد على أن مسؤولياته لا تغير من كينونته الإنسانية، فهو يضحك ويغضب ويرقص ويبكي، تمامًا كغيره من أبناء الشعب المغربي.

كما أعاد أوزين إلى الذاكرة أن الكثير من المغاربة وضعوا ثقتهم في شخصه، معبّرين عن فخرهم بتربيته وتعليمه لأبنائهم الذين أصبحوا اليوم خريجي جامعات مرموقة في أمريكا وأوروبا، في إشارة إلى نجاعة وأثر جهوده كوزير سابق ومسؤول سياسي.

ورغم الانتقادات الواضحة التي وجهها لأداء توفيق بوعشرين في هذا التمرين، حافظ أوزين على لهجة الاحترام والتقدير، معبرًا عن اعتزازه بالصحفي وعائلته، ومشددًا على ضرورة تجاوز أي إيحاءات تهدف إلى التقليل أو الاستصغار.

هذا الحوار عبر منصات التواصل الاجتماعي يعكس بوضوح التحديات التي تواجه العلاقة بين الإعلام والسياسة في المغرب، ويطرح تساؤلات مهمة حول حدود الدور الإعلامي ومسؤولياته تجاه الجمهور والشخصيات العامة. فهل يكفي التمرين السريع والسطحي لقياس صدقية السياسيين، أم أن الأمر يتطلب تحليلاً معمقًا يتجاوز السطحيات ويضع الأمور في سياقها القانوني والإنساني؟

في النهاية، يبقى الحوار بين الإعلام والسياسيين ضرورة وطنية، تشكل ممارستها بحكمة وعدالة خطوة أساسية نحو تعزيز الثقة وبناء مجتمع مدني قوي يشارك الجميع في صنع مستقبله.