بين الطموح الرياضي والسلطة الخفية: ماذا وراء “مؤسسة المغرب 2030″؟

0
322

“مؤسسة المغرب 2030”.. مشروع رياضي أم جهاز فوق حكومي؟

قراءة تحليلية في خلفيات إحداث المؤسسة التي سيتولى رئاستها فوزي لقجع

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم نحو المغرب كأحد الشركاء الرئيسيين في تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، صادق المجلس الحكومي على مشروع قانون إحداث مؤسسة جديدة تحت اسم “المغرب 2030”، يُنتظر أن تضطلع بأدوار مركزية في تنزيل التزامات المملكة تجاه الفيفا والـCAF، ضمن منظور واسع يتجاوز حدود التنظيم الرياضي إلى ملامسة عمق الدولة والبنية الترابية والتمويل العمومي.

لكن، خلف هذا المشروع الطموح، تبرز مجموعة من الأسئلة التي تستحق التوقف عندها:
من يحكم فعليًا ملف كأس العالم؟ ما موقع المؤسسات المنتخبة والجهوية في تدبير الورش؟ وهل نعيش بداية ميلاد “هيئة ظل” جديدة فوق السلطة التنفيذية والبرلمان؟

من المؤسسة إلى “المركز”: صعود فوزي لقجع في هندسة المغرب الرياضي

إعلان فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ورئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، رئيسًا لمؤسسة “المغرب 2030″، يعيد طرح أسئلة حول تموقع الرجل الذي يراكم مهامًا تنفيذية ورياضية ومالية، ويظهر كمركز نفوذ يتجاوز الوزارة والحكومة. فلقجع هو أيضًا رئيس لجنة تنظيم كأس العالم منذ تعيينه من طرف الملك المفدى في أكتوبر 2023، والآن سيشرف على مؤسسة ذات طابع استراتيجي ومالي، بتركيبة معقدة تجمع بين القطاعات الوزارية، والجهات، والمجتمع المدني، والجالية.

هل نحن أمام توحيد للقيادة وضمان للنجاعة؟ أم أمام تركيز للسلطة ومخاطر غياب الرقابة المؤسساتية؟

الداخلية في الواجهة: لفتيت بين التدبير الترابي وتفويض الصلاحيات

اللافت في النص القانوني والتنظيم الهيكلي للمؤسسة هو الدور المحوري المسند لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، بصفته رئيس لجنة التدبير الترابي، بحكم امتداد المشاريع إلى جميع الجهات وليس فقط المدن المحتضنة للملاعب. وهو ما يضع وزارة الداخلية كمحور للتنسيق والتنفيذ الميداني، ويثير سؤال تقاطع الصلاحيات مع الجهات المنتخبة، والتموقع الفعلي لمجالس المدن والجهات في صناعة هذا التحول.

من الملاعب إلى الدولة: هل يُختزل ورش التنمية في “مشروع مونديال”؟

مؤسسة “المغرب 2030” لا تقتصر على تأطير الاستعدادات لكأس العالم، بل تمتد إلى احتضان كل التظاهرات الرياضية الكبرى خلال خمس سنوات قادمة، ما يعني أن هذه الهيئة ستُشرف ضمنًا على تمويل البنيات التحتية، وتوجيه الاستثمارات العمومية، بل وربما إعادة رسم خريطة الأولويات في عدد من المجالات التنموية.

لكن، ألا يُخشى أن تتحول مشاريع التنمية الترابية والاقتصادية إلى ملحق لكُلفة تنظيم المونديال؟ وهل تتوفر ضمانات التوازن بين الطموح الكروي وحقوق التنمية الشاملة في المناطق غير المستضيفة؟

نحو نموذج مغربي للتنمية الرياضية.. أم تكرار لنموذج فوقي مركزي؟

وفق تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، فإن مؤسسة “المغرب 2030” ستعمل وفق مقاربة تشاركية، تشمل القطاعين العام والخاص، ومغاربة العالم، والمجتمع المدني، والأسرة الرياضية، والكفاءات الإفريقية.

لكن، أمام ضخامة الميزانيات المتوقعة، وطبيعة المشاريع التي ستُطلق، هل تكفي هذه المقاربة الخطابية لضمان مشاركة حقيقية ومحاسبة شفافة؟ أم أن المؤسسة ستشتغل بمنطق “الهيكل التنفيذي الموازي” الذي يتحرك خارج المساءلة البرلمانية والعمومية؟

خاتمة تحليلية: بين الشرعية الرمزية والفعالية الميدانية

لا شك أن تنظيم كأس العالم يمثل لحظة استثنائية في تاريخ المغرب، وفرصة لتسريع وتيرة التنمية، وتكريس صورة المملكة كقوة إقليمية صاعدة. لكن، النجاح في ذلك لا يكمن فقط في بناء ملاعب أو منشآت، بل في احترام منطق الحكامة، وضمان الشفافية، وموازنة السلطة التنفيذية مع الرقابة الديمقراطية.

هل تنجح مؤسسة “المغرب 2030” في أن تكون أداة فاعلة للإنجاز؟ أم ستتحول إلى عنوان جديد لتغوّل البيروقراطية الرياضية؟