“بين الطموح والواقع: هل ينجح معهد التكوين في تحقيق أهداف محو الأمية في المغرب؟”

0
221

في ظل النمو السكاني واتساع الرقعة الجغرافية التي تنتشر فيها القرى على حساب المدن، يظل محاربة الأمية هاجسًا كبيرًا في المغرب.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نسبة الأمية في البلاد تبلغ نحو 30%، بينما يقدر بعض خبراء التعليم أن النسبة قد تكون أعلى من ذلك. وفقًا للبنك الدولي، ارتفع معدل الأمية في المغرب نسبيًا ليصل إلى 24%، مع نسبة متعلمين تبلغ 76% وفق إحصائيات 2021.

معهد التكوين في مهن محاربة الأمية: خطوة نحو تحسين جودة التعليم

افتتح السيد الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، اللقاء العلمي حول “معهد التكوين في مهن محاربة الأمية”، مؤكدًا أن إنشاء المعهد يعد مبادرة استراتيجية تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي. وأشاد المالكي بجهود الوكالة الوطنية لمحو الأمية، بالشراكة مع منظمة اليونسكو ودعم الاتحاد الأوروبي، في تأسيس هذا المعهد الذي سيساهم في تعزيز فرص ولوج سوق العمل ورفع مستوى الإنتاجية والدخل الشخصي، مما يعزز من نمو الاقتصاد الوطني وتقليل الفجوات المجتمعية.

أهداف وتطلعات المعهد

يسعى المعهد إلى تجويد مهن محاربة الأمية وتعزيز حكامتها وجودتها، من خلال تقديم تكوين ملائم في أربعة مجالات رئيسية: “مدبر التكوين”، “مكون محاربة الأمية”، “مكون المكونين”، و”المؤطر”. وأوضح المالكي أن المعهد سيؤطر عددًا هامًا من المعنيين بالتأطير لتحقيق جودة التعلمات، وفقًا للرؤية الاستراتيجية الهادفة إلى تمكين المتعلمين من استدامة التعلم وبناء المشروع الشخصي والاندماج.

تأثيرات برامج محو الأمية في المغرب

ساهمت برامج محو الأمية التي تبنتها القطاعات الحكومية في تقليص نسبة الأمية في المغرب. حيث انخفضت النسبة من 70% في عام 1982 إلى 32% في عام 2014، وتواصل المملكة جهودها لتقليص هذا المعدل إلى 10% بحلول عام 2026.

وأشارت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى عزوف الرجال عن دروس محو الأمية، مقابل إقبال كبير للنساء، حيث تمثل النساء 96.08% من المستفيدين من برنامج محو الأمية بالمساجد.

تحديات وفرص المستقبل

تواجه برامج محو الأمية في المغرب تحديات عديدة، منها ضعف البنية التحتية والخدمات المقدمة في القرى والأرياف، ما يجعل مهمة الدولة أكثر صعوبة. وأشار فؤاد هراجة، الباحث الأكاديمي في الفلسفة والخبير التعليمي، إلى أن الجهود المبذولة من قبل الحكومة ضئيلة مقارنة بمتطلبات المرحلة، وأكد على ضرورة إعادة ترتيب الأولويات واعتبار أن التعليم هو قاطرة التقدم.

دور المعهد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

تعتبر قضية محو الأمية عنصرًا جوهريًا في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وجدول أعمال 2030. نظم المغرب المؤتمر الدولي السابع تحت شعار “تعلم الكبار من أجل التنمية المستدامة: أجندة تحويلية”، بدعم من منظمة اليونسكو. ووجه الملك محمد السادس في رسالته خلال المؤتمر إلى إنشاء المعهد الأفريقي للتعلم مدى الحياة، مؤكداً على أهمية التنسيق والتعاون جنوب – جنوب في مجال تعلم الكبار.

خاتمة

تظل جهود المملكة في محاربة الأمية مستمرة، إذ تشير المعطيات الرسمية إلى تسجيل أكثر من مليون مستفيد من برامج محاربة الأمية في العام 2018-2019، بزيادة 12.38% مقارنة بالعام السابق. ومع سعي المغرب لتقليص نسبة الأمية إلى أقل من 10% بحلول عام 2026، يبقى الأمل كبيرًا في أن يحقق معهد التكوين في مهن محاربة الأمية أهدافه ويسهم في بناء مجتمع متعلم ومتمكن.

تساؤلات وتحديات

ومع التفاؤل الكبير بإمكانيات المعهد، تظل هناك تساؤلات حول مدى قدرته على تحقيق أهدافه في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية. هل سيكون المعهد قادرًا على تقديم الحلول الفعالة والفورية لمشكلة الأمية؟ أم سيكون مجرد مشروع آخر بحاجة إلى دعم مستمر وتطوير لتحقيق أهدافه؟ تظل هذه التساؤلات قائمة في انتظار ما سيحققه المعهد من نتائج ملموسة في السنوات القادمة.