“بين المضاربات العقارية وفساد التراخيص: كيف تغيب الرقابة عن تجزئات ‘شناقة’ وتدفع الثمن المواطن المغربي؟”

0
52

فيما يعاني المواطنون في المغرب من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار العقارات، يظهر الوجه الآخر للمشهد العقاري حيث ينشط المضاربون في “تجزئات شناقة” محققين أرباحًا ضخمة عبر التلاعب في عمليات البيع والتفويت، في غياب رقابة حقيقية تضمن العدالة.

مع تكثيف مصالح الضرائب تحرياتها، تكشف التقارير عن فساد مستشري، من تضخيم أسعار الأراضي غير المبنية إلى التهرب الضريبي الصريح، ما يطرح أسئلة حارقة حول فعالية النظام الجبائي وكيفية حماية الحقوق الاقتصادية للمواطنين.

أسباب ظاهرة المضاربة العقارية: المضاربة العقارية في المغرب باتت ظاهرة معروفة، حيث يشتري العديد من الفاعلين العقاريين الأراضي بأسعار منخفضة ويعيدون بيعها بأسعار مغالى فيها، لدرجة أن أسعار بعض البقع الأرضية بالتجزئات العقارية قد تفوقت على القيم المرجعية المعتمدة من قبل الإدارة الجبائية.

هذه الممارسات تضر بالمواطنين الباحثين عن سكن بأسعار معقولة وتزيد من تكاليف البناء والعمران في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، مراكش وأكادير.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يسمح لهذا النشاط غير القانوني بالاستمرار؟

  1. غياب الرقابة الفعالة: غالبًا ما يتم التلاعب في الأسعار بشكل غير قانوني، إذ يُجبر المواطنون على شراء الأراضي بأسعار تتجاوز الحد المنطقي. ما يثير الاستغراب هو أن هناك تدخلات واسعة من قبل بعض الأطراف لمواكبة هذه التحولات التي يقال إنها تحدث خارج إطار الحسابات البنكية، مما يجعل من الصعب تتبعها ومراقبتها.

  2. ممارسات التلاعب والتواطؤ: في بعض الحالات، يتم تحويل صفقات الأراضي بين الفاعلين العقاريين بأسعار منخفضة في مناطق معينة، كما هو الحال في إقليم برشيد. يتم التركيز على بعض القطع الأرضية وتشكيل تحالفات ضمنية بين المجزئين العقاريين للتأثير على الأسعار، ما يسهم في تآكل القيمة السوقية الحقيقية لتلك الأراضي.

كيف تؤثر هذه الممارسات على الاقتصاد والمواطن؟ إن هذه التلاعبات لها آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني، إذ تتسبب في تدهور قدرة المواطن على امتلاك العقارات في ظل تضخم الأسعار، وفي الوقت ذاته، يُستنزف القطاع العقاري من قبل عناصر تسعى لتحقيق مصالح شخصية على حساب الصالح العام.

بينما تواجه الحكومة هذه التحديات، يبقى التساؤل الأهم: كيف يمكن تفعيل آليات المراقبة والتحقيق بشكل أكثر فعالية؟

أبعاد الموضوع وتحليل الدوافع: هناك عدة أبعاد لهذه القضية، إذ تتجاوز المسألة الجبائية إلى جوانب تتعلق بالعدالة الاجتماعية، الشفافية في التعاملات التجارية، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية في حماية حقوق الأفراد.

يأتي كل هذا في ظل غياب التشريعات الصارمة والتعاون الفعال بين الجهات المعنية، ما يعزز من سيطرة بعض المضاربين على السوق. كما أن تواطؤ بعض الإدارات مع هذه الأنشطة غير القانونية يزيد من تعميق الأزمة.

ما هي الحلول الممكنة؟

  • تعزيز الرقابة الجبائية: يحتاج القطاع إلى تعزيز الرقابة على العقارات غير المبنية والحد من التلاعبات المتعلقة بالأسعار. يمكن تحسين الشفافية من خلال توظيف التكنولوجيا لمتابعة الصفقات.

  • فرض عقوبات صارمة على المخالفين: يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة ضد المخالفين لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات. هل العقوبات الحالية كافية لضمان العدالة في السوق؟

  • تحفيز السوق العقاري المحلي: يجب تفعيل سياسات دعم للمواطنين لشراء الأراضي بأسعار معقولة، وتطوير خطط سكنية جديدة بعيدًا عن المضاربات.

الربط بالسياق العام: الموضوع يعكس أزمة أوسع في الاقتصاد المغربي تتعلق بالثقة في النظام الإداري وفاعلية التشريعات في مواجهة الفساد. فالتضخم العقاري الذي يشهده المغرب يتطلب إصلاحات عميقة في النظام الضريبي والتخطيطي، ويشدد على الحاجة الملحة لوجود إدارة رشيدة تضمن تكافؤ الفرص وتواجه ممارسات الفساد التي تضر بالمصلحة العامة.

الختام: إن الوضعية الجبائية لمضاربي “شناقة” لا تقتصر على المساس بالجانب المالي فقط، بل تعكس أزمة حقيقية في النظام الضريبي المغربي وعلاقته بمؤسسات الدولة والمواطن.

بينما تحاول الحكومة مكافحة هذه الظاهرة، يبقى السؤال حول كيفية توفير رقابة فعالة وتحقيق العدالة الاجتماعية في السوق العقاري، ليتمكن الجميع من الوصول إلى حقه في امتلاك العقار دون الحاجة للخضوع لابتزازات المضاربين.