“بين حماية الثوابت ومطالب التغيير: هل بنكيران يُهدد بتعديل مدونة الأسرة أم يدافع عن الدين والمجتمع؟”

0
120

في خضم النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة المغربية، يثير الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، العديد من الأسئلة الجوهرية حول مواقف مختلف الأطراف. في الوقت الذي يدعو البعض لتحديث المدونة، يظهر بنكيران دفاعًا حازمًا عن الثوابت الدينية للمملكة، مُؤكدًا على ضرورة أن تبقى التشريعات ملتزمة بالشريعة الإسلامية.

هذه المطالب تفتح بابًا للشكوك حول دوافع من يروجون لتعديل المدونة، هل هي حاجة حقيقية للتغيير أم محاولة لتفكيك الهياكل الاجتماعية والدينية الراسخة؟

هذا النقاش لا يتعلق فقط بالقوانين، بل بالموازنة بين تطلعات التحديث والتمسك بالتقاليد التي تشكل هوية المغرب الدينية والاجتماعية.




بنكيران ودوره في الدفاع عن الثوابت الدينية

بنكيران، الذي يُعتبر أحد الأسماء البارزة في المشهد السياسي المغربي، كان له دور محوري في التأكيد على الثوابت الدينية التي يشدد على ضرورة الحفاظ عليها. وضمن هذا السياق، أكد بنكيران أن “المراجعة يجب أن تلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية”، وأن الملك، بصفته أمير المؤمنين، يتخذ المواقف الحاسمة في القضايا المتعلقة بالشريعة.

ما يعني أن هذه المراجعة، رغم مطالبة العديد بتحديثها، لا يمكن أن تخرج عن إطار القيم الدينية التي يقوم عليها نظام المملكة.

في تصريحاته، يبدو أن بنكيران يعكس رؤية للحفاظ على التوازن بين التقاليد الدينية والتحديث القانوني. كما أكد على ضرورة الاستماع لآراء العلماء المتخصصين في الشريعة لتوجيه النقاشات المتعلقة بالأسرة، وهو ما يعكس موقفًا قويًا من ضرورة الحفاظ على النسيج الديني في قلب التشريعات المغربية.

التفويض للعلماء والمجتمع: هل هو تحول في السياسة؟

من ناحية أخرى، يطرح بنكيران سؤالًا محوريًا حول التفويض الذي أُعطي للعلماء في هذا السياق. هل يعكس هذا التفويض تحولًا نحو مزيد من الديمقراطية في اتخاذ القرارات القانونية، أم أن هناك تسليما من السلطة التنفيذية للمؤسسة الدينية؟ إن وجود مثل هذا التفويض قد يثير مخاوف البعض من أن يتم استغلاله لتقليص التقدم في مجال حقوق المرأة، وهو ما يفتح بابًا للتساؤل عن مدى احترام الحقوق الفردية في إطار الحفاظ على الشريعة.

: “حزب العدالة والتنمية يقدم مذكرة تعديلات مدونة الأسرة: دفاع عن الهوية والمرجعية الإسلامية”

تفاعل المجتمع المغربي: انقسام بين القوى المحافظة والحداثية

بنكيران نفسه أشار إلى التوترات المستمرة بين القوى المحافظة والحداثية داخل المجتمع المغربي. هذا التفاعل بين فئات المجتمع يمكن أن يؤثر بشكل كبير في مسار مراجعة مدونة الأسرة، خاصة في مسألة زواج القاصرات.

فبينما يُصر البعض على أن الحد من زواج القاصرات هو خطوة أساسية نحو ضمان حقوق النساء والفتيات، يرى آخرون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفكك المجتمعات الريفية التي لا تزال تشكل فيها هذه الزيجات جزءًا من واقعها الاجتماعي.

هل المجتمع المغربي اليوم مستعد لهذا التحول الجذري في ثقافته الاجتماعية؟ وهل سيظل محافظًا على تقاليد عمرها قرون أم أن العصرنة ستفرض نفسها بمرور الوقت؟

الاختلافات داخل النخب السياسية: ازدواجية الخطاب وتأثيرها على التشريع

عندما ننظر إلى المواقف السياسية المختلفة داخل المغرب، نلاحظ أن هناك نوعًا من الازدواجية في الخطاب السياسي بين الأحزاب والنخب الدينية. فبينما تسعى بعض الأحزاب إلى تمرير قوانين حديثة تواكب حقوق الإنسان، يُصر آخرون على الحفاظ على شرعية التشريعات التي تعتبر متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

هذا الانقسام يعكس عدم التوافق داخل النخب السياسية حول كيفية التعامل مع موضوع حساس مثل المراجعة القانونية للأسرة.

زواج القاصرات: قلق اجتماعي وقانوني

إحدى القضايا الجدلية التي أثارها بنكيران في تصريحاته هي مسألة رفع سن الزواج إلى 18 عامًا. هذه القضية تبدو حساسة بشكل خاص في المناطق القروية، حيث يعتبر البعض أن القوانين الجديدة قد تكون بعيدة عن الواقع الاجتماعي.

إذ تُظهر بعض الدراسات أن في بعض المناطق الريفية، تعتبر الفتيات في سن 16 أو 17 عامًا على استعداد للزواج، نظرًا للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجههن.

الخلاصة

تُظهر تصريحات بنكيران حول مراجعة مدونة الأسرة المغربية أن العملية لا تقتصر على إعادة صياغة قانونية فحسب، بل هي معركة فكرية وثقافية تنطوي على قضايا دينية واجتماعية معقدة.

ورغم مساعيه للتأكيد على ضرورة الحفاظ على الثوابت الدينية، إلا أن هناك حاجة ملحة للتوازن بين تلك الثوابت والتطلعات الاجتماعية الحديثة التي تراعي حقوق الإنسان وتواكب تطور المجتمع.