بين يدى الدعاء كمساندة من المؤمن لأخيه

0
220

بقلم المكي أبو الشمائل.

مراسلة من هذا النوع تذكرني بالمراسلات الهامة التي كان يبعث بها الكاتب المسرحي العالمي توفيق الحكيم إلى صديقه الفرنسي أندري الذي استضاف الكاتب المصري في بيته زمنا بمدينة ليل الشمالية بفرنسا أيام دراسة توفيق الحكيم بهذا البلد.

ونظرا لما لهذه الرسائل من قيمة أدبية وفنية وتاريخية، وحيث أنها تناولت مواضيع عدة بذلك الأسلوب السهل والرائع الشائق، فقد عمد الكاتب إلى نشرها كلها بين دفتى كتاب تحت عنوان :  ” زهرة العمر ”  ليتحف به قراءه ومعجبيه الكثيرين الذين كنت أنا، في فترتى الشباب والكهولة، واحدا منهم، إذ قرأت ذلك الكتاب بتأثر، معجبا أكثر فأكثر بأسلوبه الساحر الذي لا يخلو من سخرية ودعابة…

فماذا تراني أريد الكتابة عنه، وأنا هنا أقلد توفيق الحكيم من غير قصد ؟ ولم تراني أكتب عن الدعاء كمساندة حالة الضعف ؟

وهل الدعاء ليس ذا أهمية في حياة الناس كما يرى البعض بسائق الضلالة والجهل والبهتان؟ 

فلنقرأ. 

استجابة لندائك، وبعد التحية والتسليم، على عادتي، أكتب إليك على صفحتي هذه مباشرة بدل الكتابة، كالمعهود، في الحيز المخصص للردود، لأنني عاجز عن الكتابة على الموبايل بواسطة مفاتيحه التي لا تمكن من الكتابة بسهولة.

فمنذ أن قرأت نداءك إلى الأصدقاء راجيا منهم الدعاء لك بالشفاء من الوعكة الصحية التي ألمت بك، وأنا مغتم من جراء ذلك، مهتم، بصدق، بغية الدعاء لك، وقد فعلت ( بضم التاء )، بحمد الله، سائلا الله تعالى أن يشفيك بشفائه ودوائه شفاء لا يغادر سقما ولا يترك ألما، فإنه لا شفاء إلا شفاؤه ولا دواء إلا دواؤه، ولا إله غيره، وأن يحفظك بحفظه ورعايته من كل مرض ومن كل سوء ومن كل مكروه، ” والله خير حافظا “.

وحتى يكون دعاء المؤمن لأخيه المؤمن بظهر الغيب أجدر بالإجابة، فقد حرصت على أن يكون دعائي مستوعبا لشروط الدعاء الصحيح، أى وفق الهدى النبوي الشريف، الشىء الذي استوجب تكرار الدعاء ثلاث مرات في ايأم مخصوصة ترفع فيها الأعمال، وهي أيام الإثنين والخيمس والجمعة، وذلك دون نسيان الشروط الأخرى من استقبال للقبلة، وثناء على الله بما هو أهله، واستغفار وتضرع، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا سلوك مطلوب في بداية الدعاء، كما أنه يجب أن يختم أيضا بالصلاة على رسول الله وسلم.

فقد قال مشايخ الإسلام وفقهاؤه إن الدعاء الذي تتوفر فيه الشروط المطلوبة، مثلما تم بيانه، مجاب إن شاء الله، وإني لمحص، من منطلق اجتهاد شخصي (  لي ) في هذا الباب، أكثر من عشرين شرطا. فإن  توفرت هذه الشروط كلها، فإن الدعاء يكون مستجابا، إن شاء الله، مهما يكن طلب المؤمن من ربه، ما لم يكن هناك، بطبيعة الحال، اعتداء في الدعاء، كالدعاء بقطيعة الرحم مثلا. 

فرجائي إذن إن تكون قد تماثلت للشفاء، وأن تكون الآن متمتعا بصحة جيدة وبتمام العافية وأنت في أحسن حال.

وقد سبق لي منذ مدة قصيرة، هذه السنة، أن دعوت بالشفاء، بظهر الغيب، لصديق آخر كان يعالج بالمستشفي من وعكة أيضا، فحصل المراد، أى الاستجابة، بحمد الله، إذ من الله عليه بالشفاء.

ولا جرم أن كل ما تم القيام به من طرفي هنا وما حصل من خير من جراء ذلك هو مصداق للحديث النبوي الشريف حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 ” دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل، مؤْمِنًا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ “.

 وفي هذا المضمار أيضا أمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، أى أن يدعو لهم بالمغفرة، إذ قال عز من قائل :

 ” وَاسْتَغْفِر ْلِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات”ِ (أخرجه مسلم ).

ومن البديهي القول بأنني قد حصلت أنا أيضا على ثواب الدعاء، حسب هذا الحديث، لله الحمد والمنة. 

رب قائل يقول الآن : بعد أن دعوت يا هذا، مشكورا، لصديق لك بالشفاء، كان ينبغي أن تكتفي بذلك من غير أن تخبره بشىء، لأن هذا الإخبار قد يفهم على أنه نوع من المنة، فأقول : كلا يا رجل، فإن إخباري لصديقي بما فعلت ليس من المنة في شىء، فهي لا تجوز عقيدة وشرعا في أعمال البر والصالحات، ولا سيما في الدعاء، بل لا تجوز مطلقا.

وقياسا على هذا التخريج، فإن إخباري لصديقي بدعائي له هو أيضا امتثال للهدى النبوي الشريف، الذي أعمل بمقتضاه دائما وأنا بصدد مسلك أريد أن أسلكه، والذي فيه أمر رسول لله صلى الله عليه وسلم لصحابي أن يخبر صحابيا آخر كان يحبه بأن يقول له بأنه يحبه. 

وهكذا، فإن إخبار أخيك المسلم بما يحب هو مسلك محمود لما في ذلك من توطيد لأواصر الأخوة الإسلامية بين المؤمين، كما أن توصيل الخبر السار هو بمثابة شرح للصدر شرحا يتمشى وطبيعة الغاية المنشودة من الدعاء عموما. 

أما من الناحية النفسية، فإن هذا النوع من الأخبار الإيجابية يفعل فعله الخير ( بتشديد الياء وكسرها ) والمعالج في نفس الموصل إليه، ويدعم اللاشعور كى ينطلق بالفكرة الإيجابية نحو التحقيق على أرض الواقع، من دون معاكسة منه لها بالرفض، وذلك كله يتم متى وصل محتوي الرسالة الي الذهن. وهذا ما يستفاد من نظرية تحقق الأشياء والطموحات بواسطة الإيحاء suggestion والإيحاء الذاتي autosuggestion، كما فصل القول في هذا الموضوع علماء مدرسة ناسي في علم النفس الحديث. L’Ecole de Nancy en Psychologie 

أضف إلى ذلك أن قانون الجذب Loi de l’attraction المستلهم من هذه المدرسة ينحو على هذا النحو في تعليل وتفسير تحقق ما نصبو إليه إذا فهمنا آليات العمل في هذا القانون وسرنا على هديه. 

لا يمكن تفصيل الكلام في هذا الجانب لأننا هنا بصدد موضوع ضخم في علم النفس لا تكفي فيه كلمات موجزة. والاكتفاء بالتلخيص هنا يحتم على الإعلان، عرضا، عن كتابات مستقلة لي في هذا الموضوع أتمنى نشرها، إشاء الله. 

وأعود فأقول، قبل الختام، بأنه حرصا مني على أن أمكنك من فرصة الانتفاع بالأدعية النبوية الشريفة المنتقاة من السنة النبوية المطهرة، فقد كان بودي أن أزودك بنماذج من أدعية للتحصين بأنواعه وبنماذج من الاستشفاء بالاستغفار، إلا أن ذلك شق على لكون هذه النماذج من الأدعية والاستعغفار كثيرة، ولا يمكنني نقلها على الحاسوب أو الموبايل من أجل بعثها إليك. 

لذلك فإني مزودك بهذه النماذج في لقاء مقبل يكون قريبا، إن شاءالله. 

هناك نوع من التخصصات في الغرب يدعى ب ”  فن إدارة الكوارث ”  لا يعرفه العالم الثالث، وإن رأيي في مواجهة الكوارث من مرض وغيره ليكون أفضل ما يكون بالتضرع إلى الله بالدعاء والفرار إليه في المدلهمات، إذ أن ذلك قمين بجعلنا نشفى من كل الأمراض جسمية كانت أو نفسية، ونوقى طوارق الزمان، زلزالا كان أو حادثة سير أو سرقة، وما أشبه. 

فقد استفدت ما أقول هنا من تجربتي الشخصية الطويلة مع الأمراض ومشاكل الحياة، وليس من الكتب- التي تعرض لهذا الموضوع من غير أن تشفي الغليل في هذا الصدد.

وفي الأخير، فقد يأتيني أيضا معترض آخر فيخاطبني قائلا، من غير أن يعي جيدا ما ينطق به من كلام : ألا ترى أنك كثير الادعاء في كل ما تقول وتكتب ؟

والجواب عندي، هذه المرة كذلك، هو : كلا، فأنت تتوهم أشياء لا صلة لي بها، وكل ما في الأمر هنا هو أنني رجل توفرت له معلومات ومؤهلات في ميادين خبرها، بفضل الله، أثناء عمره الطويل، وأمضى الوقت في تعلمها واستيعابها، وهكذا، فبصفتي ذلك الرجل، كلما كتبت في موضوع من المواضيع، فإني أشير عادة إلى كل تجربة وكل خبرة لي في هذا الموضوع، وأفعل ذلك دائما بتواضع ومن غير ادعاء، وذلك من فضل الله على هذا العبد المفتقر إلى ربه في كل شىء.

 فلي إذن بقية من حديث في هذا الموضوع يوم اللقاء، إن شاء الله، وخاصة في موضوع الأمراض التنفسية التي أخذت منها بنصيب، لا بل بحظ وافر، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

فبخصوص اللقاء المتوقع إذن، ما عليك إلا أن تتصل بي هاتفيا بواسطة الرقم الخاص بي المنشور على صفحتي المتخصصة في هذه القناة.