تأجيل محاكمة الصحافي سليمان الريسوني إلى اليوم للاستماع إلى شهادة “المثلي” المُطالب بالحق المدني والشهود

0
268

أجلت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء مجددا النظر بقضية الصحافيسليمان الريسوني، المحتجز على ذمة المحاكمة منذ العام الماضي، إلى 29 من شهر حزيران/يونيو الجاري.

كما قررت المحكمة بعد الغياب الثاني على التوالي للريسوني عن الجلسة، إرسال إنذار بالحضور في الجلسة المقبلة، واستدعاء المُطالب بالحق المدني والشهود.

وشهدت محاكمة الريسوني، التي جرت بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، حضور الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود” كريستوف دولاوار، الذي ناشد العاهل المغربي “التدخل من جل تفادي كارثة إنسانية”.

وأوضحت زوجة الريسوني في تدوينة لها على الفيسبوك، أن مديرية السجون “رفضت إحضار الصحافي سليمان الريسوني إلى الجلسة التي يحضرها عدد من المراقبين الدوليين، وسُمي طلبه بالاستعانة بكرسي متحرك بسبب وضعه الصحي “شرطا تعجيزيا””، مشيرة إلى أنها مستعدة وعلى نفقتها أن توفر “سيارة إسعاف وكرسي متحرك لزوجها” من أجل نقله من السجن إلى المحكمة.

ومن جانبه، ذكر منسق هيئة دفاع سليمان الريسوني ميلود قنديل، أن جلسة أمس عرفت نقاشا واسعا بين هيئة الدفاع والنيابة العامة، موضحا أن هذه الأخيرة قالت إن “الريسوني رفض الحضور إلى المحكمة”، بينما كان الدفاع يؤكد أن الأمر “لا يتعلق بالامتناع بقدر ما يتعلق بعجز عن الحضور نتيجة الوضع الصحي”.

وأشار، أن النيابة العامة قالت إن الريسوني هو من “اتخذ قرار الإضراب عن الطعام ويجب أن يتحمل مسؤوليته”، في حين أن هيئة الدفاع شددت على أنه “قرر خوض الإضراب لأنه وجد نفسه مظلوما ولم ينل حقه وهو تعبير احتجاجي على ذلك”.

وذكر بيان للنيابة العامة أن “حالته الصحية عادية” بعد أن “كلفت النيابة العامة في 14 يونيو الحالي أحد قضاتها للانتقال إلى السجن، والذي تواصل معه بشكل عادي ..واطلع على ملفه الطبي وتسلم من طبيب السجن تقريرا طبيا يستشف منه أن حالته الصحية عادية، وتسمح له بمواصلة إجراءات محاكمته دون أي إخلال بحقه في الدفاع”. وحمل بيان النيابة العامة المغربية الريسوني مسؤولية تأخير محاكمته.

وأضاف منسق هيئة دفاع سليمان الريسوني، قائلا “في الغالب لم يريدوا منه الحضور حتى لا يراه المراقبون الدوليون”، منبها أنه “حالته الصحية حرجة ولم يبق في سليمان سوى الهيكل”، مردفا “نتمنى انفراج هذا الملف وأن يبقى الريسوني على قيد الحياة إلى الجلسة المقبلة”.

وكانت السلطات قد اعتقلت الريسوني، رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم، العام الماضي ووجهت له تهمة “هتك العرض بالعنف والاحتجاز” فيما يعتبر حقوقيون أن “التهمة ملفقة” وأن “محاكمته سياسية” بسبب “افتتاحياته المزعجة”.

فقد تم اعتقاله أمام منزله بدل استدعائه، وجرى الاعتقال اعتمادا على تدوينة في موقع “فيسبوك” يتهم صاحبها الريسوني بالاعتداء عليه جنسيا في منزله.

وقال في رسالة نقلها عنه محاموه قبل جلسة الثلاثاء “أنا مستعد، بل متلهف للمحاكمة وأنا في كامل حريتي، هذا حقي وسوف أصل إليه إما أمام محكمة الدار البيضاء أو محكمة الله”. وأشار إلى فقدانه 35 كيلوغراما من وزنه منذ اعتقاله. 

لكن إدارة السجون اعتبرت أنه يسعى إلى “تعبئة الرأي العام بإضراب مزعوم عن الطعام”.

وانتشر وسم “#أنقدوا حياة الصحفي سليمان الريسوني” على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت عائلته ودفاعه إن حالته تدهورت جراء الإضراب الطويل عن الطعام، مع امتناعه عن تناول التمر الذي تحثه سلطات السجن على تناوله.

كما بعثت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي أكبر جمعية حقوقية مستقلة في المغرب، برسالة إلى رئيس الحكومة المغربة ووزير حقوق الإنسان ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن “الوضع الخطير للصحافي سليمان الريسوني”. وقال دفاع الريسوني إن صحته شهدت “اختلالات عديدة وفقد 32 كيلوجراما من وزنه”.

وبعث الاتحاد الدولي للصحافيين برسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، دعا فيها “للإفراج الفوري عن الصحافي سليمان الريسوني… (و) ضمان حصوله على الرعاية اللازمة للمحافظة على حياته”.

وكتبت منظمة مراسلون بلا حدود على تويتر يوم الاثنين تقول: “الصحافي سليمان الريسوني قد يموت في أي لحظة” بسبب إضرابه عن الطعام.

غير أن القضاء المغربي الذي يضطلع بمهمة البت في هذه القضية، حكم بدوره على مثليين مغاربة في قضايا سابقة بالسجن، فقد أدانت المحكمة الاستئنافية في مدينة الحسيمة عام 2014 شابين بتهمة “الشذوذ الجنسي”، أحدهما حكم عليه بالحبس لستة أشهر والآخر لعام (أدين كذلك بالرشوة)، وتكررت العقوبة عام 2015 بالحبس لأربعة أشهر نافذة في مدينة الرباط لشابين آخرين.

وتستند هذه الأحكام إلى الفصل 489 من القانون الجنائي، الذي يعاقب على المثلية الجنسية بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وهو الفصل الذي تعدّدت المطالب الحقوقية بإلغائه، رفقة فصول أخرى تتدخل في الحياة الجنسية للأفراد.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن الكثير من المثليين يتخوّفون الإفصاح عن الاعتداءات بحقهم خوفاً من الاعتقال. 

وفي هذا السياق، هناك من استغل هذا الملف لضرب الأقليات الجندرية، من خلال ظهور عدة تعليقات مناهضة للمثليين، وهو ما أشارت إليه فتيحة أعرور، التي طالبت الجميع بـ”إدانة حملات الكراهية ضد الأقليات الجندرية على مواقع التواصل، ولكن في الآن نفسه يجب الإصرار على قرينة البراءة”، مستدركة القول بأن “القضاء المغربي يجب أن يحترم هذه القرينة ومن  الخطير استغلال الدولة لملف الأقليات الجندرية لمصلحتها لأن ذلك قد يزيد من حملة الكراهية ضدهم، وستتضرر بالتالي حقوقهم أكثر”.

أول ظهور للمثلي الجنسي الذي يتهم الصحفي ” سليمان الريسوني




ونظرا لحساسية الملف وارتباطه بحرية الصحافة وبحقوق أقلية جندرية مضطهدة قانونيا واجتماعيا، اختار العديد من النشطاء البقاء على المسافة نفسها. إذ كتبت الناشطة الحقوقية سارة سوجار، أن القضية “بقدر ما تحمل عنوان إسكات الأصوات المعارضة، تحمل كذلك عنوان تطور نضال المثليين الذين بدأوا مؤخرا عبر وسائل التواصل في الحديث عن حالات الاعتداء التي تعرضوا لها”. وطالبت الناشطة من الحركة الحقوقية الحرص على حفظ حقوق كل الأطراف ومنع تحول قضايا الحريات إلى ورقة تستغل من طرف أي جهة لمصلحتها الخاصة.