أجلت محكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء للمرة الثانية على التوالي النظر في قضية الصحافي والحقوقي المغربي عمر الراضي، الذي أدين بالسجن ستة سنوات نافذة ابتدائياً، في قضيتي “اعتداء جنسي” و”تجسس”.
وجاء تأجيل المحكمة النظر في قضية الصحفيين بالجلسة المنعقدة بالقاعة رقم 9، عمر الراضي وعماد استيتو، لمنح الدفاع مهلة إعداد المذكرة الدفاعية. كما جرى خلال نفس الجلسة رفض ملتمس السراح المؤقت، الذي تقدمت به هيئة دفاع الصحافي عمر الراضي.
بدورها انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش أطوار المحاكمة في مرحلتها الابتدائية، حيث قالت إن “الصحافي الاستقصائي المغربي عمر الراضي حُرم من محاكمة عادلة، وحُكم عليه بست سنوات في السجن”.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” أمس الخميس، بعد مراجعة مستفيضة للقضية، إن الصحفي الاستقصائي المغربي عمر الراضي حُرم من محاكمة عادلة وحُكم عليه بست سنوات في السجن بتُهمتَي “التجسس” و”الاغتصاب”. من المقرر عقد جلسة استئناف في قضيته في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
قال إريك غولدستين، مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “بعد سنوات من مضايقات الشرطة التي تُوجت بمحاكمة أشبه بالمهزلة، يقضي عمر الراضي الآن سنته الثانية وراء القضبان بدل أن يقوم بعمله، أي إعداد تقارير صحفية عن الفساد في الدولة. تزعم السلطات المغربية أن هذه قضية ‘تجسس’ وليست مجهود لإسكات أحد آخر الصحفيين المعارضين في البلاد، لكن الخطة مكشوفة أمام الجميع”.
نشر الراضي، وهو صحفي وناشط حقوقي حائز على جائزة في التحقيق الاستقصائي، مقالات عدة حول استيلاء مُضاربين على أراض عمومية، وفجّر فضيحة الفساد المعروفة بـ “خُدام الدولة”، التي فضحت حوالي 100 شخص، بينهم مسؤولون سامون، يُزعم أنهم حصلوا على أراضي الدولة بجزء ضئيل من قيمتها السوقية. خلال برنامج حواري عام 2018، انتقد الراضي مسؤولا أمنيا كبيرا بالاسم، وقال إن وزارة الداخلية احتضنت “أكبر عملية رشوة على الإطلاق” في المغرب، و”ينبغي حلها”.
قبل اعتقاله ومحاكمته بتهمتَي التجسس والاغتصاب، تم احتجاز الراضي ومحاكمته وإدانته بسبب تغريدة، واختُرق هاتفه المحمول بواسطة برنامج تجسس، وتعرض لحملة تشهير شرسة على مواقع مرتبطة بأجهزة الأمن، وكان ضحية اعتداء جسدي مشبوه.
وكانت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قضت بست سنوات سجنا نافذا وغرامة بقيمة 200 ألف درهم في حق الصحفي عمر الراضي، على خلفية متابعته بتهمة هتك عرض بالعنف والاغتصاب مع الاشتباه في ارتكابه جنحة تلقي أموال من جهات أجنبية بغاية المس بسلامة الدولة الداخلية في حين حكم على الصحفي عماد الستيتو بسنة سجنا، منها ستة أشهر نافذة، وغرامة تبلغ 20 ألف درهم.
قابلت هيومن رايتس ووتش الراضي قبل اعتقاله في يوليو/تموز 2020، وكذلك والديه، وثمانية من محاميه، وأربعة من زملائه، وخمسة شهود في واقعتين كان يُحاكم بسببهما. كما حضرت هيومن رايتس ووتش خمس جلسات من محاكمته وقرأت أكثر من 500 صفحة من ملف قضيته، منها الحكم المكتوب في 239 صفحة الذي يُفصّل المنطق الذي استندت إليه المحكمة في إدانته، وعشرات التقارير الإخبارية عن قضيته.
في المقابل، تنفي زميلة الراضي التي تتهمه بـ”اغتصابها” أي “طابع سياسي للقضية”، وفق ما أفاد به دفاعها عبد الكريم مليح.
كما أن السلطات المغربية ظلت تؤكد أن محاكمته تتعلق بقضية حق عام لا علاقة لها بحرية التعبير، مشددة على استقلالية القضاء.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن الحكمين المذكورين “يجسدان حلقة أخرى من سلسلة المحاكمات السياسية التي استهدفت الصحفيين والنشطاء والمعارضين والمدونين والتي تجسد الهجوم الصارخ للدولة على أبسط الحقوق والحريات”، مؤكدة “استمرار التوظيف السياسي للقضاء ضد الأقلام الفاضحة للفساد والأصوات الحرة المطالبة بالديمقراطية والكرامة”.
وجددت الهيئة الحقوقية ذاتها مطلبها بإطلاق سراح الصحفي عمر الراضي، معتبرة أنه “معتقل تعسفيا منذ سنة في انتهاك سافر لمبدأ قرينة البراءة”، وأدانت الحكم الصادر في حقه وفي حق عماد الستيتو، معتبرة إياه “حكما انتقاميا يجسد تجبر السلطة ضد كل الأصوات المنتقدة وتوظيفها المفضوح للقضاء واستعماله كآلية قمعية واستبدادية”.
المغرب: الديمقراطية الهجينة.. يشهد أرقاما غير مسبوقة في اعتقال الصحفيين!؟