«تالسينت تصنع الحدث: بين أوزين الذي يكسب قلوب الشارع وحكومة تكتفي بأرقام القاعات»

0
767

بين استعراض الحكومة واستقبال تالسينت: السياسة حين تعكس وجهين متناقضين

ما حدث في المغرب نهاية هذا الأسبوع يختزل بدقة حالة المشهد السياسي الراهن: من جهة، لقاء تواصلي لرئيس الحكومة مع أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار (قائد الأغلبية الحكومية)، حيث خُصّص الحيز الأكبر للحديث عن “الإنجازات” التي تقول الحكومة إنها حققتها خلال الولاية الجارية.

هل يغرّد رئيس الحكومة خارج السرب؟ تصريحات أخنوش بين خطاب المنجزات وواقع “مستشفى الموت”

لقاء بدا في جوهره أقرب إلى حملة تواصلية تسويقية لنتائج ما زال المواطن البسيط يشك في ملموسيتها.

ومن جهة أخرى، مشهد مختلف تمامًا في تالسينت: استقبال تاريخي وحار للأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، ووفده المرافق.

استقبال لم تُهيّئ له الدولة أو الداخلية، بل صنعه مواطنون عاديون، عكسوا من خلال حشودهم وحماسهم أن للسياسة وجهًا آخر، متجذرًا في عمق المغرب المنسي.

الفارق بين “اللقاء الاستعراضي” و”اللقاء الشعبي”

اللقاء الأول يطرح سؤالًا محوريًا: هل تحوّلت السياسة إلى منصة تواصل فقط؟ وهل تكفي لغة الأرقام والعروض التقنية لإقناع المغاربة بجدوى السياسات الحكومية؟

في المقابل، مشهد تالسينت يقدّم صورة مغايرة: حزب معارض، بدون دعم رسمي، لكنه ينجح في أسر قلوب الناس من خلال خطاب القرب والمعايشة اليومية لمعاناتهم.

هذه المقارنة تفضح الفجوة بين خطاب السلطة وخطاب الشعب. الأول يراهن على “الإقناع من فوق”، بينما الثاني يبني رصيده من “الشرعية الشعبية من الأسفل”.

دلالات استقبال أوزين في تالسينت

تالسينت لم تكن مجرد محطة حزبية، بل تحوّلت إلى رمز سياسي لعدة أسباب:

  • وفاء ساكنة المغرب العميق لحزب ارتبط اسمه تاريخيًا بالدفاع عن العدالة المجالية.

  • رسالة سياسية قوية تؤكد أن المعارضة، رغم ضعف أدواتها، قادرة على تحريك الشارع وملامسة نبضه.

  • تجديد الثقة في القيادة الحركية التي تقدم نفسها كصوت من لا صوت لهم.

أسئلة مشروعة

  • هل تدرك الأغلبية أن خطابها الاتصالي، مهما كان منمقًا، لن يعوّض غياب النتائج الفعلية على الأرض؟

  • هل نشهد عودة المعارضة إلى الواجهة من خلال “سياسة القرب” التي غابت عن الأحزاب الكبرى المنخرطة في الحكومة؟

  • وهل يمكن أن يشكّل هذا المشهد الشعبي المؤثر في تالسينت نواة لتحوّل سياسي أوسع، يعيد الاعتبار للسياسة كوسيلة لخدمة المواطن لا كأداة للتسويق والهيمنة؟

الخلاصة

بين خطاب الحكومة الذي يسعى لتلميع حصيلة ولاية متعثرة، واستقبال أوزين في تالسينت الذي أعاد الروح لمعنى السياسة الشعبية، يبرز سؤال أعمق: أي سياسة يريدها المغاربة؟ سياسة أرقام تُعرض في قاعات مغلقة، أم سياسة قلوب تُصاغ في الميادين المفتوحة؟

تالسينت قد تكون الجواب.