تبون يطيح باللغة الفرنسية في الجزائر؟ تعليمات صارمة بمنع التعامل باللغة الفرنسية في وزارتي”الشباب والرياضةو التكوين المهني “

0
252

إن هيمنة اللغة الأجنبية في أي بلد إذا تجاوزت امتداداتها الحدود التي رسمت لها تصبح وجها من أوجه الاستعمار الفكري الذي يزيد البلاد تأخرا، لذا يجب التصدي لمقاومتها ووضع حد لتوسعها وانتشار تأثراتها حتى لا تزاحم لغة البلد، وتتبوأ وظائف ليست لها، لأن الاستعمار الفكري من شأنه أن يوجه القائمين على شؤون البلاد إلى عدم الاهتمام بلغتهم وبقيم مجتمعهم ويهيئهم لقبول الأفكار التي تأتي من خارج محيطهم، لذا يجب تصحيح هذا الوضع.

قرّرت الجزائر رسمياً تعميم استخدام اللغة العربية بدل الفرنسية في كل ميادين التدريس والتدريب المهني، وفي مراكز وقطاعات وزارة الشباب والرياضة وكل المراسلات الصادرة عن مصالح الوزارتين على مستوى الأراضي الجزائرية، بحسب ما أورده الموقع الإخباري”الخبر” الجزائري.

ويحمل خطاب الحكومة الجزائرية توجها يعكس رغبة حقيقة في تعميم استخدام اللغة الإنجليزية في البلاد، وقد تجلى ذلك خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حينما أعطي الضوء الأخضر لتوفير كافة الظروف لفتح أبواب المدرسة البريطانية في الجزائر، كما نص عليه الاتفاق المبرم بين البلدين.

وأصدر وزير الشباب والرياضة الجزائري تعليمة صارمة تفيد بعدم إستعمال اللغة الفرنسية، و أكد على التعامل فقط باللغة العربية.

وأكد وزير الشباب والرياضة في تعليمته أنه يمنع استعمال اللغة الفرنسية في المراسلات الداخلية بداية من الفاتح نوفمبر والتعامل باللغة العربية فقط .

وتأتي هذه الخطوة بعد تعليمة مشابهة أصدرتها وزارة التكوين المهني، في بيان، إلى أنه ابتداء من مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الوشيك، يتوجب “استعمال اللغة العربية في كل المراسلات الداخلية للوزارة في ما أكدت وزارةالشباب الورياضة في بيان عممته على جميع المصالح“المطلوب منكم استعمال اللغة العربية في ميدان التدريس، وكل المراسلات الصادرة عن مصالحكم”.

ولم يتضح على الفور إن كان هذا القرار، يقتصر على هاتين الوزارتين فقط، أم أنه توجه عام يخص كل القطاعات في البلاد.

وباستثناء وزارة الدفاع، تستعمل كل الوزارات في الجزائر اللغة الفرنسية في أغلب مراسلاتها الداخلية وحتى في بياناتها الرسمية، على الرغم من أن الدستور ينص على أن “العربية هي اللغة الوطنية والرسمية الأولى، كما أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية ووطنية ثانية”.

وعادة ما تشهد الجزائر جدلا بشأن مكانة الفرنسية في الأوساط الرسمية بالدرجة الأولى، إذ يحتج معارضون وخصوصا من المحافظين على خطابات رسمية بالفرنسية، وتداول وثائق في الإدارات الحكومية بهذه اللغة الأجنبية.

وتزامن قرار الوزارتين هذه المرة مع أزمة متصاعدة مع فرنسا، بعد تصريحات لرئيسها إيمانويل ماكرون وصفت بـ”المسيئة” وأدت إلى سحب الجزائر لسفيرها في باريس ومنع تحليق الطيران العسكري الفرنسي في أجوائها.

ويرى المراقبون أن هذه الخطوة تعكس التوجه الجديد للجزائر بهدف طويل المدى يرمى لتحرر البلاد من الهيمنة الثقافية الفرنسية، التي تسيطر على معظم القطاعات الإدارية والثقافية والاقتصادية.

ولأول مرة منذ الاستقلال استمع الجزائريون إلى وزراء يتكلمون بلغة غير الفرنسية أو العربية، وقد كانت البداية مع وزير الخارجية صبري بوقادوم، الذي تحدث باللغة الإنجليزية خلال ندوة صحفية له على هامش ترؤسه للوفد الجزائري المشارك في الدورة 74 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة.

وتعد هذه سابقة في تاريخ الدبلوماسية الجزائرية، التي ظلت تعرف وزراء لا يتكلمون إلا باللغة الفرنسية ونادرا بالعربية.

ولا تزال العبارة الشهيرة التي جاءت على لسان الروائي الجزائري الراحل كاتب ياسين: “اللغة الفرنسية هي غنيمة حرب الجزائر”، واقعة ثقافيا وإداريا في البلد وباتت لغة موليير تشكل جزءا هاما من الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، رغم مرور أكثر من ستين عاما من الاستقلال وسط محاولات التعريب التي قامت بها في سبعينيات القرن الماضي.

ويعتبر كثيرون بأن هذا الإرث بقدر ما أكسب الجزائر نخبا ثقافية، تكتب بالفرنسية، ألفت العديد من الأعمال الأدبية التي تصنف في خانة الأدب العالمي المكتوب باللغة الفرنسية، على غرار ياسمينة خضرا وكاتب ياسين ومولود معمري الذي قال يوما :”أكتب بالفرنسية لأقول للفرنسيين أنني لست فرنسيا”، إلا أنه أثر كثيرا على مناحي الحياة وعرقل تطور البلاد وعزلها عن العالم بحسب الخبراء.

ويرى الباحث بومدين بوزيد أن الجزائر دفعت ثمن ارتباطها باللغة الفرنسية لعقود من الزمن، كما قال في حديث سابق: “كان من الممكن عبر الانفتاح اللغوي تدارك التأخر الذي عانت منه البلاد خاصة خلال الثلاثين عاما الماضية”، مشيرا إلى أنها باتت عبئا ثقيلا وتسببت في تخلف إداري وتعليمي، لأن التسيير ركز على حماية المصالح الفرنسية لا أكثر.

وعلى عكس السياسية الاقتصادية الصينية التي تعتمد على سياسية الربح والمصالح المالية دون المساس بالجوانب الثقافية، تربط فرنسا اتفاقيتها الاقتصادية بالدول الأفريقية تحديدا بالجانب الثقافي، وقد سعت منذ نهاية الحقبة الاستعمارية لتحول الثقافة الفرنسية إلى وجدان لدى تلك الشعوب يصعب التحرر منه.

وبهذا الشكل فإن فرنسا ظلت منذ الاستقلال تنظر إلى انتشار اللغة الفرنسية في الجزائر، كالجندي الأخير الذي يحمي مصالحها الاقتصادية والسياسية بشكل غير مباشر، وعندما اتخذت البلاد قرار تأميم البترول في 24 فبراير 1971، قررت فرنسا معاقبتها من خلال سحب مهندسيها من المنطقة، لكنها في المقابل لم تسحب أي معلم كان يدرس اللغة الفرنسية في الجزائر.

ولا تزال الجامعة الجزائرية اليوم تعتمد على اللغة الفرنسية لتدريس التخصصات العلمية كالطب والهندسة والعلوم الدقيقة، حيث يستوجب على الدارس معرفة قوية بتلك اللغة، وهو ما انعكس على أمرين أساسين الأول يتعلق بحظ الطلبة في الحصول على منح دراسية وتكوين أعلى في الخارج بعد التخرج، والثاني يرتبط مباشرة بالإدارة وتسيير المؤسسات الاقتصادية كشركة العامة لأبحاث وانتاج ونقل وتحويل وتجارة الهيدروكربونات “سوناطراك”، التي تعتبر عصب الاقتصاد الجزائري، حيث لا يمكن لأي مهندس لا يتقن اللغة الفرنسية إيجاد فرصة للعمل فيها.

 

 

 

 

الطالبي العلمي يتحدى زعيمة اليسار”نبيلة منيب” بوضع جواز التلقيح شرطاً للدخول الى البرلمان!