ذكر موقع Algérie Part Plus يوم الاثنين، إعفاء المدير العام للمصالح المختصة (جهاز المخابرات) الجنرال محمد قايدي”المنجل”، بعد التشكيك في رواية “قصف نسب إلى القوات المسلحة الملكية” بشكل علني أمام كبار مسؤولي الجيش بمعارضته لشنقريحة في طريقة إدارته لهذه الأزمة، وطبيعة “الرد” على المملكة المغربية.
وربط الموقع الجزائري الناطق بالفرنسية، مباشرة بين إعفاء الجنرال محمد قايدي”المنجل” رئيس”دائرة الاستعمال والتحضير” بالجيش الجزائري. وبين اجتماع عاصف حول قضية مقتل الجزائريين الثلاثة داخل مقر القيادة العامة للجيش، وكان”الجنرال المنجل” قد شكك في الرواية الرسمية التي روجت لها الرئاسة الجزائرية، ما انتهى بعزله من مهامه.
ووفق المعطيات التي نشرها الموقع الجزائري فإن قايدي كان أحد الموجودين في الاجتماع الذي جرى في الجزائر العاصمة برئاسة شنقريحة، والذي كان طويلا واستمر إلى غاية الحادية عشرة ليلا، وذلك نتيجة إصرار رئيس مديرية الاستعمال والتحضير على معرفة حيثيات ما جرى، لدرجة أنه صرح بشكل علني وأمام كبار مسؤولي الجيش بمعارضته لرئيس الأركان في طريقة إدارته لهذه الأزمة، وطبيعة “الرد” الذي سيُوجه ضد المغرب.
وفي الاجتماع طرح قايدي العديد من الأسئلة حول الظروف التي توفي فيها الضحايا وكيفية وصولهم إلى المنطقة العازلة في الصحراء، إذ وفق ما جاء في التقرير، لم يتم إبلاغ أي جهة عسكرية داخل منطقة “خطيرة” تبعد بـ35 كيلومترا فقط عن الجدار الأمني الذي ينتشر على طوله الجيش المغربي، الأمر الذي دفع الجنرال المذكور إلى محاولة إقناع قادة الجيش بـجراء تحقيق شامل لمعرفة حقيقة ما جرى، قبل أن ينتهي الأمر بإسقاطه هو من منصبه.
ووفق خبراء، فإن “الإعفاء يمثل أخطر مظاهر صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري، المتفاقم منذ تدخل القوات المسلحة الملكية ميدانيا في الكركارات يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني2020، وفرضها تغييرات استراتيجية على الجدار الرملي، سواء بمده صوب الحدود الجزائرية شرقا بمنطقة تويزكي أو إنهاء تواجد الكويرة والإطلالة الساحلية الأطلسية خلف الجدار، ما كان يعني بالنسبة للعديد من قادة الجيش فشل رهان شنقريحة على فرض الأمر الواقع بالمنطقة عبر دعم عناصر البوليساريو”.
في وقت سابق الأربعاء أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان “تعرض ثلاثة رعايا جزائريين لاغتيال جبان في قصف همجي لشاحناتهم أثناء تنقلهم بين نواكشوط (موريتانيا) وورقلة”، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.
ويمتد الطريق الذي يربط نواكشوط بورقلة 3500 كيلومتر على طول الصحراء المغربية.
وأظهرت المعطيات الأولية للتحقيقات، التي تقوم بها بعثة ‘مينورسو’، أن “الشاحنات تحمل ترقيما جزائريا، وكانتا متوقفتين الواحدة قرب الأخرى، وكانتا محترقتين ومتفحمتين”، وطلبت الأمم المتحدة رسميا من الجزائر “تفسيرات حول سبب وجود شاحنتين مرقمتين في الجزائر بمنطقة عسكرية عازلة، وتحديدا في بئر لحلو بالصحراء المغربية”.
ويعتبر المغرب منطقة بئر لحلو مغربية، لكنه وافق على وضعها تحت مراقبة الأمم المتحدة لتكون منطقة عازلة شرق الجدار الأمني، الذي بناه المغرب لصد هجمات جبهة البوليساريو الانفصالية.
وأفاد فرحان حق خلال تقديمه للموجز اليومي، ردا على سؤال صحافي حول ماذا كانت تفعل الشاحنات في هذه المنطقة، المعروفة بأنها منطقة عمليات عسكرية، في حين أن هناك طريقا آخر للمرور إلى موريتانيا، بأنه يجهل سبب وجود الشاحنتين هناك، وأن التحقيقات متواصلة بهذا الشأن. مشيرا إلى أن «مينورسو» سارعت إلى إرسال فريق للمراقبة إلى مكان الحادث في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وذلك بعد وقوع الحادث في الأول منه. وكان بيان للرئاسة الجزائرية قد اتهم المغرب باستهداف شاحنات تجارية انطلقت من منطقة ورقلة الجزائرية إلى موريتانيا في فاتح نوفمبر، متوعدة بأن هذه الجريمة لن تمر دون عقاب. ورد المغرب بأن هذه الحادثة «مفتعلة»، مشيرا إلى أن الشاحنتين الجزائريتين اللتين كانتا في المنطقة العازلة، تحملان أسلحة للبوليساريو، وأنهما أصيبتا في حقل ألغام.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه السلطات الجزائرية خوض حملة إعلامية شرسة ضد المغرب بسبب الحادث، ملوحة بالحرب، فيما راسل وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة كلا من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس الاتحاد الأفريقي، ورئيس جامعة الدول العربية، بخصوص الحادث. فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة المغرب والجزائر إلى الحوار والتهدئة.
منذ تعيين الجنرال محمد قايدي على رأس الاستخبارات، ودعوة قيادة الأركان لفتح ملفات الفساد؛ تعيش الجزائر محاكمات واعتقالات كبيرة نتيجة الحملة التي تشنّها الاستخبارات الجزائرية على رجال بوتفليقة الضالعين في قضايا فساد، إذ تعيش العديد من الشخصيات الجزائرية حالة من الرعب، خصوصًا بعد أن تمكنت القيادة الجديدة للاستخبارات مطلع الشهر الماضي من وضع يدها على جزءٍ من أرشيف دائرة الاستعلام والأمن السابقة، التي كانت تحت إمرة الجنرال توفيق.
وبعد سقوط إحدى أذرع الجنرال توفيق الإدارية، والمتمثل في مدير إقامة الدولة حميد ملزي في قبضة الأمن، أشارت مصادر إعلامية إلى تولي جهاز الاستخبارات – تحت قيادة الجنرال محمد قايدي- إجراء تحقيقاتٍ مكثفة أسفرت عن استيلاء قيادة الأركان على أرشيف من أربعة صناديق، يحتوي على ملفات سريّة لاجتماعات قام بها مسؤولون جزائريون بإقامة الدولة، وكان الجنرال توفيق يستفز بها السياسيين لضمان ولائهم.
ومنذ ذلك الوقت فتحت العدالة الجزائرية عشرات الملفات الخاصة بفساد المسؤولين الذين لهم علاقة بقضية ملزي، كما اعتقلت عدة شخصيات، أبرزها رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى، وعبد المالك سلال، والوزراء جمال ولد عباس، وسعيد بركات، وعمارغول وارة بن يونس ،وعشرات من رجال الأعمال المتهمين في قضايا الفساد، كما يتوقع أن تسقط أسماء عديدة في قائمة ضحايا من صار الجزائريون يطلقون عليه بـ«المنجل»، كنايةً عن عملية حصاد رؤوس الفساد.
الأمم المتحدة تطلب رسميا من الجزائر تفسيرات لما كانت تفعله شاحنتين جزائريتين في “منطقة عسكرية عازلة”