بعد الخسائرالفادحة التي تكبدها النظام الجزائري أمام الدبلوماسية المغربية تحت القيادة الرشيدة في محطات كثيرة تخص مصالح المملكة ووحدتها الترابية، لجأ عبد المجيد تبون إلى رمطان لعمامرة للاستفادة من موقفه المعادي للمملكة المغربية وتعيينه رأس الدبلوماسية، وذلك أملا في قدرة الدبلوماسية الجديدة على التشويش على مكاسب المغرب في ملف الصحراء.
اختار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تعيين رمطان لعمامرة، وزيرا للخارجية، رغم أنه من بقايا “نظام عبد العزيز بوتفليقة” وجاء تعيين لعمامرة لتسيير عدة ملفات، من بينها ملف الصحراء المغربية المفتعل من طرف النظام الجزائري العجوز، التي ترى الجزائر أنها “خسرت فيه كثيراً في عهد الوزير السابق، صبري بوقادوم” بحسب مصادر مطلعة على الشأن السياسي الجزائري.
وأشارت المصادر إلى أن “الجزائر تُعول على لعمامرة لإعادة تحريك ملف الصحراء المفتعل، والدفاع عن جبهة البوليساريو الانفصالية، خصوصًا بعد الأزمة الأخيرة التي عرفها معبر الكركارات، وانتهت بانتصار ميداني وديبلوماسي للمغرب، تجلى في فتح عدد القنصليات التي فتحتها الدول الداعمة للمغرب في ملف الصحراء 21 قنصلية، 17 منها إفريقية.
وأكدت المصادر أن “مهندسي الحكومة الجزائرية الجديدة، اشترطوا على لعمامرة التضييق الديبلوماسي على المغرب، وتجميد زحف المملكة دوليًا للدفاع عن القضية الوطنية، الأمر الذي استجاب له لعمامرة، الذي تعهد بخدمة قضية جبهة البوليساريو الانفصالية، والدفاع عنها”.
وقال لعمامرة خلال مراسيم توليه لمنصبه خلفا لصبري بوقادوم بعد تعديل وزاري “إننا على أتم الاستعداد لتجسيد أواصر الأخوة مع كل الدول العربية الشقيقة، ونتطلع إلى قمة عربية ناجحة في المستقبل القريب”.
ويرى مراقبون أن النظام الجزائري هو الذي يصنع عوائق التكامل بين دول المغرب العربي بضمان وجود حركة انفصالية في تندوف جنوب بلاده تناصب العداء للمغرب ووحدته الترابية، مشيرين إلى أن لعمامرة معروف بدفاعه المستميت عن انفصال الصحراء واستغل مواقعه الدبلوماسية لهذه الغاية.
وأفادت المصادر ذاته، أن الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن، خضع لأوامر سيادية، تقضي بتعيين لعمامرة في منصبه بالخارجية، خصوصًا أنه كان يشغل مفوضًا للسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي.
وأكد رمطان لعمامرة أن “أولويات الدبلوماسية الجزائرية في الفترة المقبلة ستكون العمل على لم الشمل في المنطقة والمحافظة على دور الجزائر القيادي في القارة الإفريقية وتعزيزه.” وقال إن المنطقة المغاربية التي تنتمي إليها الجزائر، “لا تظهر بالمظهر الذي نتنماه، كمنطقة تسير بخطى ثابتة نحو الوحدة والاندماج، وذلك بسبب نزاع الصحراء والأزمة الليبية”.
ويعتبر رمطان لعمامرة من أقوى رجالات بوتفليقة، إذ شغل منصب وزير الخارجية، ودافع عن العهدة الخامسة الرئيس، حتى أنه قاد جولة خارجية للدفاع عن نظام بوتفليقة، وتعهد برعاية مصالح الدول الكبرى في الجزائر.
وتوقع مراقبون أن يقود لعمامرة في الأيام المقبلة جولة خارجية للدفاع عن الأطروحة الانفصالية التي يتبناها النظام الجزائري من مدخل الوحدة والتكامل وذلك لإضفاء نوع من الشرعية على خطته المناهضة لوحدة المملكة المغربية وسيادته الترابية.
ويناهض النظام الجزائري أي نوع من التقارب السياسي والاقتصادي بين البلدان المغاربية وخصوصا مع المغرب، وذلك بعد الأوامر التي أصدرها الرئيس عبدالمجيد تبون في مايو الماضي بإلغاء أي عقود تجارية تجمع شركات جزائرية بنظيراتها المغربية.
وقد كرر لعمامرة ما جاء في مراسلة الرئيس تبون الموجهة إلى الحكومة والقطاعات المعني، في أن وجود “علاقات تعاقدية مع كيانات أجنبية دون مراعاة المصالح الاقتصادية للبلاد” يعتبر بمثابة “مساس خطير بالأمن الوطني”.
وسبق للعمامرة أن توقع في العام 2014 أن تكون سنة 2015 سنة الحسم في الصحراء المغربية لصالح الطرح الانفصالي، لكن تصريحاته بعد تنصيبه قبل يومين تعكس فشل نظامه في قضية الصحراء المغربية عندما أرجعها إلى “تغييرات غير متوقعة على الصعيدين الوطني والدولي”.
وفي نوع من القفز على الواقع قال لعمامرة إن “التزامات الجزائر معروفة، إذ سنواصل العمل في المنطقة التي ننتمي إليها، والتي لا تظهر بالمظهر الذي نتمناه، وهي منطقة تسير بخطى ثابتة نحو الوحدة والاندماج، إلا أن النزاعات الموجودة، أي نزاع الصحراء والأزمة الليبية، على اختلاف طبيعتها، تؤثر على العمل من أجل جمع الشمل والانطلاقة من أجل الاندماج والوحدة المنشودة”.
وعلى مستوى المبادرات الجادة قام المغرب بمبادرات كثيرة لتجاوز الأزمة الدائمة مع الجزائر، حيث حاول العاهل المغربي الملك محمد السادس منذ وصوله إلى الحكم في العام 1999، فتح باب الحوار مع الجزائر حيث دعا القيادة هناك إلى حوار مباشر وصريح، مُعربًا عن تطلعه إلى تجاوز الخلافات ورغبته في تطبيع العلاقات بين البلدين.
وتنازع “البوليساريو” الانفصالية بدعم سخي من النظام الجزاءري الرباط على إقليم الصحراء، وتصر المملكة على أحقيتها في الإقليم وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب “البوليساريو” بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.
وتمكن المغرب من تحقيق انتصار دبلوماسي وذلك بالحصول على اعتراف اميركي بسيادة المغرب على اقليم الصحراء في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وعام 1975 بدأ نزاع بين المغرب و”البوليساريو” حول إقليم الصحراء، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة، ليتحول الخلاف إلى نزاع مسلح استمر حتى 1991 بتوقيع وقف لإطلاق النار.