“تجميد عضوية أبو الغالي: تمهيد لتفرد قيادي جديد أم تصفية حسابات في حزب الأصالة والمعاصرة؟”

0
149

في ظل التوترات السياسية والإدارية الحالية، تأتي قضية تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي في حزب الأصالة والمعاصرة في سياق يتسم بالتحديات الكبيرة. في بيانٍ أصدره أبو الغالي، عبر عن استيائه من قرار تجميد عضويته الذي أعلنه المكتب السياسي للحزب في 10 سبتمبر 2024. وقد اتهم أبو الغالي فاطمة الزهراء المنصوري، عضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة، بتصرفات استبدادية وتحكمية، مبدياً قلقه من أن الحزب أصبح وكأنه “ضيعة خاصة” تُدار حسب أهوائها، بعيدًا عن المبادئ والقيم التي أكد عليها الملك محمد السادس في برقية تهنئته عقب المؤتمر الوطني الخامس للحزب.

توقيت القرار ودلالاته

تثير هذه الأحداث أسئلة حول توقيت تجميد عضوية أبو الغالي، الذي جاء في مرحلة حساسة للحزب. لماذا تم اتخاذ هذا القرار الآن، وما هي الدوافع الحقيقية وراءه؟ يبدو أن الخلاف التجاري الشخصي الذي أشار إليه أبو الغالي قد يكون السبب الظاهري وراء التصعيد، ولكن التوقيت قد يشير إلى وجود خلافات أعمق داخل الحزب، ربما تتعلق بالتنافس على السلطة والاستعداد للتعديل الحكومي المرتقب.

الصراع بين الشخصي والحزبي

أبرز أبو الغالي في بيانه أن الخلاف الذي أُثير ضده يتعلّق بمسألة تجارية خاصة، متسائلاً عن السبب الذي دفع المنصوري للتدخل في هذا الشأن رغم عدم علاقته بتسيير الحزب أو الشأن العام.

هذه النقطة تلقي الضوء على تساؤلات حول مدى تأثير المصالح الشخصية على القرارات الحزبية، وما إذا كانت هناك محاولات لتصفية الحسابات عبر المؤسسات الحزبية.

الأسس القانونية والسياسية للقرار

اعتمد أبو الغالي في رفضه للقرار على مجموعة من المواد القانونية في النظام الأساسي للحزب، مؤكدًا أن المكتب السياسي لا يملك الصلاحية القانونية لتجميد عضوية أحد أعضاء القيادة الجماعية. استند إلى المادة 88 التي تنص على أن المجلس الوطني هو الجهة الوحيدة المخولة باتخاذ هذا القرار.

هذا الطرح يعزز من التساؤلات حول مدى التزام الحزب بمبادئ الديمقراطية الداخلية والشفافية في اتخاذ القرارات.

التأثير على الحزب ومخرجات المؤتمر

يشير أبو الغالي إلى أن الخلافات بينه وبين المنصوري بدأت تتصاعد منذ اختتام المؤتمر الوطني الخامس للحزب، عندما بدأ يطالب بتطبيق مخرجات المؤتمر. هذا يعيد فتح النقاش حول مدى قدرة الحزب على تنفيذ إصلاحاته الداخلية وتفعيل مخرجات مؤتمراته. كما يضع القرار تساؤلات حول وحدة القيادة الجماعية وتماسكها في ظل الخلافات المتزايدة.

الخلاف حول الاستعداد للتعديل الحكومي

أحد أبرز النقاط التي طرحها أبو الغالي هو اتهام المنصوري بالانشغال بتشكيل تحالفات سرية استعدادًا للتعديل الحكومي المرتقب، وتجاهل الأولويات الحزبية الأساسية مثل التنظيم الداخلي. هذا يطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذه التحالفات على مستقبل الحزب، وما إذا كان هناك خطر تفاقم الخلافات الداخلية في المرحلة القادمة.

هل تستمر الحكومة المغربية رغم الإخفاقات المتزايدة في التعليم، التشغيل، والرياضة؟ وهل التعديل الوزاري بات ضرورة؟

الرسالة الملكية ودورها في الأزمة

من المثير للاهتمام أن البيان يستشهد بالرسالة الملكية التي هنأت القيادة الجماعية عقب المؤتمر، معتبرًا أن هذه الرسالة تعكس التزامًا ملكيًا بالوحدة والتماسك الحزبي. قد يكون هذا تلميحًا إلى محاولة أبو الغالي استقطاب دعم الرأي العام ضد ما يعتبره تجاوزات المنصوري، باستخدام الرمزية الملكية كدليل على مصداقية موقفه.

الخلاصة

إن قرار تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي يفتح الباب أمام تساؤلات حول مصير حزب الأصالة والمعاصرة في ظل الخلافات الداخلية المتصاعدة. هل سيؤدي هذا الخلاف إلى انقسامات أعمق داخل الحزب، أم سيتمكن الحزب من معالجة هذه التوترات والعودة إلى مسار الإصلاح؟ كما أن القضية تثير تساؤلات حول قدرة الأحزاب السياسية في المغرب على تجاوز الخلافات الشخصية ووضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.