شهدت جماعة تازروت بإقليم العرائش حدثًا أثار اهتمام الرأي العام المغربي، حيث تم تنفيذ حكم قضائي بإخلاء أحد المنازل التابعة لعائلة بركة، بناءً على قرار من المحكمة باستخدام القوة العمومية.
وفي تصريح للصحافة، أكد أحمد الوهابي، رئيس جماعة تازروت، أن تنفيذ القرار يمثل “انتصارًا للقانون واستقلالية القضاء”، مشددًا على أن الجماعة تسعى لحماية مصالحها الجماعية دون استهداف شخصي لعائلة بعينها.
خلفية القضية
تعود القضية إلى سنوات عدة، حين أبرم عبد الهادي بركة عقد كراء مع الجماعة في عام 2004، لاستئجار ثلاثة منازل بمساحة 80 مترًا لكل منزل مقابل 200 درهم شهريًا. وفي عام 2015، توقفت العائلة عن دفع واجب الكراء، ما أدى إلى تصاعد النزاع وتوجهه للمحاكم، حيث ظل يدور بين المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف لأكثر من عشر سنوات، إلى أن أصدرت المحكمة قرارًا نهائيًا بإخلاء المنازل لصالح الجماعة.
التساؤلات حول استقلالية القرار القضائي
رغم أن تنفيذ الحكم يعتبر من الناحية القانونية إجراءً عاديًا، إلا أن القضية تثير تساؤلات حول استقلالية القضاء وقدرته على التعامل بموضوعية في قضايا تتداخل فيها المصالح العائلية والسياسية.
كيف يمكن ضمان أن تكون هذه القرارات مستقلة تمامًا عن أي ضغوط سياسية أو شخصية؟ وهل تعكس هذه القضية نوعًا من التحديات التي تواجهها الجماعات المحلية في إدارة الممتلكات الجماعية؟
تداخل المصالح الحزبية والعائلية
تزامن تنفيذ القرار مع قرار حزب الأصالة والمعاصرة بفصل أحمد الوهابي من الحزب، وهو ما أثار تكهنات حول تأثير الصراع مع عائلة بركة، التي تربطها علاقات عائلية قوية بقيادة الحزب، على القرار الحزبي. وتساءل البعض عن مدى ارتباط طرد الوهابي من الحزب بصراعه مع العائلة المعروفة بنفوذها في المنطقة، حيث إن نبيل بركة، نجل عبد الهادي بركة، متزوج من فاطمة الزهراء المنصوري، القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة.
تأثير الصراع على التوازن السياسي في تازروت
أدى طرد الوهابي و13 عضوًا من الجماعة إلى تغيير ديناميات التحالفات السياسية في تازروت. فقد رحب حزب الحركة الشعبية بانضمام الوهابي وأعضاء الجماعة، مما يعكس استعداد الحزب لدعم مطالب الجماعة في الحفاظ على ممتلكاتها.
يبقى التساؤل هنا حول ما إذا كانت هذه التحولات ستؤدي إلى تحقيق المصالح الجماعية، أم أنها ستدفع بالصراع إلى مزيد من التصعيد.
الأبعاد القانونية والاجتماعية
تشكل هذه القضية نموذجًا للتحديات التي تواجهها الجماعات المحلية في إدارة أملاكها، خاصة في ظل تداخل المصالح الشخصية والسياسية.
هل تسهم هذه الإجراءات في الحفاظ على الممتلكات الجماعية، أم أنها قد تؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي في المنطقة؟ وهل يمكن للحلول القانونية وحدها أن تعالج هذه الملفات الشائكة، أم أن هناك حاجة إلى آليات جديدة تضمن توازن المصالح؟
الختام
في ضوء هذه التطورات، تمثل قضية تازروت اختبارًا حقيقيًا لمصداقية القضاء المغربي وقدرته على التعامل بموضوعية وحيادية في ملفات حساسة. كما أنها تبرز التحديات التي تواجه الجماعات المحلية في إدارة أملاكها أمام نفوذ العائلات السياسية في المنطقة.
تبقى الأسئلة حول مستقبل هذا النزاع ودور الأحزاب في ضمان احترام استقلالية القضاء ودعم المصلحة العامة، وهي أسئلة يجب طرحها بهدف الوصول إلى حل يحترم جميع الأطراف ويحافظ على المصلحة الجماعية.