تدخل أمني بالقوة أمام مستشفى بالصويرة: حين يتناقض خطاب الحكومة مع نبض الشارع

0
181

شهدت مدينة الصويرة اليوم حادثة أثارت جدلاً واسعاً، بعد تدخل القوات العمومية بالقوة لتفريق محتجين أمام المستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبد الله، ما أسفر عن توقيف 10 أشخاص.

المشهد، الذي بدا بسيطاً من زاوية الإجراءات الأمنية، حمل في طياته رسالة أعمق عن فجوة تتسع بين خطاب الحكومة وتصريحات المسؤولين، وبين معاناة المواطنين على الأرض. فقد خرج عشرات المحتجين للتعبير عن مطالب اجتماعية مشروعة، تتمحور حول تحسين وضعية المنظومة الصحية في المدينة، ليلقوا رداً قاسياً من الدولة، بتدخل صارم واعتقالات أثارت موجة استنكار حقوقي وشعبي على حد سواء.




الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان بالصويرة لم تتردد في اعتبار هذا التدخل انتهاكاً صارخاً للدستور المغربي الذي يكفل حرية التعبير والاحتجاج السلمي، وضرباً لتوجيهات ملكية سامية تدعو إلى احترام حقوق الإنسان وصون كرامة المواطن. وطالبت الهيئة بفتح تحقيق عاجل ومستقل ومحاسبة المسؤولين عن إصدار تعليمات فض الوقفة بالقوة.

هذا الحدث يأتي في سياق أوسع من الأزمة الصحية التي لم تعد خافية على أحد. ففي الوقت الذي تتردد فيه صرخة “مستشفى الموت” في أكادير بين الجنوب والشمال، خرج رئيس الحكومة عزيز أخنوش من مراكش ليلقي خطاباً يروّج لإنجازات كبرى في الصحة والتعليم والماء والسياحة.

«تالسينت تصنع الحدث: بين أوزين الذي يكسب قلوب الشارع وحكومة تكتفي بأرقام القاعات»

هنا تطرح الأسئلة نفسها، وأكثر إلحاحاً:

  • هل يمكن لمسؤول حكومي أن يقنع المواطنين بنجاح إصلاحات صحية، بينما أقسام المستشفيات فارغة من الأطباء، ومواطنون ينتظرون ساعات وربما أياماً، وحياة البعض تُزهق في صمت؟

  • هل تكفي “المجموعات الصحية الترابية” والمستشفيات الجامعية المستقبلية لطمس واقع المعاناة اليومية؟

  • هل تصريحات أخنوش تأتي للتواصل مع نبض الشارع، أم أنها محاولة لترسيخ سردية رسمية تغطي على أزمة ثقة غير مسبوقة؟

  • وهل التدخل الأمني الأخير في الصويرة لا يشكل رسالة ضمنية بأن الحكومة أكثر حرصاً على المظهر والرقابة، منه على حل مشكلات المواطنين الحقيقية؟

محاولات وزير الصحة لتهدئة الشارع عبر زيارات ميدانية وإعفاءات بالجملة لم تثمر، كما أن الجمعيات الحقوقية والنقابات ما زالت تنتقد الازدواجية بين الإعلان والخطوات الواقعية.

في المشهد المغربي اليوم، يبدو أن الحقيقة الضمنية أكثر وضوحاً في صرخات المواطنين والاحتجاجات الميدانية منها في الخطابات الرسمية المبهرجة.

فهل ستبقى الدولة على أرقام القاعات والخطط المستقبلية، بينما المواطنون يعيشون الألم والحرمان في الواقع اليومي؟