التحرش عنف يترك ندوبا في النفس والذاكرة، ويخلق ردود فعل تؤثر على العلاقة بالرجل، خاصة حين لا يتم العمل الحثيث على مواجهتها أو مجاوزتها. كما أن التستُّر عن حالات التحرش، وممارسة التحرش المعنوي على الضحية يفرز آثارا أعمق، تؤدي أحيانا إلى الانطواء بل حتى إلى الانتحار…
وجدة – شهدت المنطقة الشرقية للمملكة مسيرة احتجاجية لطلبة على إثر انتشار مجدداً صور محادثة تضمنت عبارات تحرش قيل إنها بين أستاذ جامعي بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة للجامعة و طالبة.
نشر تسجيل صوتي على منصات التواصل الاجتماعي، يوثق محادثة لطالبة وأحد الأساتذة عن فضيحة جديدة بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة للجامعة، وفق ما كشفت مراسلة وجهتها جمعية طلبة المدرسة إلى إدارتها، موضحة أن «الطالبة المعنية اضطرت إلى مغادرة المدرسة حسب زعمها نتيجة لممارسات مشينة عبر محادثات خاصة من أحد الأساتذة لتفريغ نزواته الجنسية مقابل النقط، مما جعلها مكرهة على تغيير الوجهة وفضح ما قام به».
واستنكر عشرات الطلبة المشاركين في الاحتجاج تعرض زميلتهم للتحرش الجنسي والابتزاز مقابل النقط وتسليم وثائق إدارية، وطالبوا إدارة المؤسسة بفتح تحقيق في مضمون الرسائل.
و أعلنت جامعة محمد الأول بوجدة، أنها “بادرت على الفور بالتنديد وشجب كل ما من شأنه المساس بكرامة الطالبات في مثل هذه الحالات إذا ثبتت صحته”.
لماذا تحول الحرم الجامعي لدينا من مجال تربوي تكويني يعتمد على بناء الكفاءات إلى مكان يتحول فيه حاميه إلى حراميه كما يقول المثل؟
كما أكدت إدارة الجدامعة بأنها “لن تدخر أي مجهود لضمان حقوق أي طالبة من أجل توفير شروط الدراسة السليمة، كما أن الجامعة بكافة مكوناتها تستنكر هذا السلوك المشين، كما تستنكر كل ما من شأنه أن يسيء لسمعة الجامعة”.
وأضافت في بيان أنها ستعمل على إحداث لجنة استماع مكونة من أستاذات وطبيبة نفسانية وخطا أخضر “للإبلاغ عن مثل هذه الحالات الشاذة”.
وفي الأسابيع الأخيرة، تحدثت العديد من التقارير الإعلامية عن قضية ما بات يعرف في المغرب بـ”الجنس مقابل النقط”، ، بعد انتشار صور محادثات وثقت مقايضة أستاذ بكلية الحقوق بسطات (وسط البلاد) لإحدى طالباته بالجنس مقابل النقط، وهي القضية التي يتابع فيها 4 أساتذة أمام القضاء بتهم تتعلق بـ”هتك العرض بالعنف” و”التمييز على أساس الجنس” و”استغلال النفوذ”.
لماذا تنتظر الوزارة المعنية استفحال هذه الظاهرة كي تتصدى لها؟ لماذا تتركها في أيدي العدالة وهي تعلم علم اليقين أن لها كافة السلطات التأديبية والاحتراسية سواء على مستوى التكوين أو في مستوى الجامعات؟
والثلاثاء، أجلت المحكمة الابتدائية الملف للمرة الثالثة على التوالي إلى الـ13 من يناير القادم، بعد التماس تقدمت به هيئة الدفاع بغية “إعداد المطالب المدنية المتمثلة في أداء الرسوم الجزافية لفائدة بعض الضحايا الجدد”، وفق ما نقله موقع هسبريس المحلي.
تفاعلا مع “قضية وجدة”، أطلقت حركة “خارجة على القانون” حملة افتراضية ووسما دعا طالبات المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بوجدة وباقي الجامعات المغربية لفضح التحرش الجنسي في الحرم الجامعي تحت شعار “ماتبقاوش ساكتين”.
وساعات بعد إطلاق الحملة، أكدت الحركة توصلها بالعشرات من الرسائل تفيد بتعرض طالبات في وجدة للتحرش الجنسي من الأستاذ نفسه، كما تضمنت الشهادات صورا لمحادثات جمعت بعض الطالبات بالأستاذ يطلب منهن ممارسة الجنس.
في هذا الصدد، قالت نرجس بنعزو، رئيسة “ائتلاف 490، حركة خارجة على القانون”، إن التحرش الجنسي في الحرم الجامعي تحول إلى “ظاهرة في المغرب”، مشيرة إلى وجود حالات “لم تقم الطالبات بالجهر بها خوفا من العواقب الدراسية والأسرية والاجتماعية”.
وأضافت المتحدثة في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، أن الحركة تلقت في الساعات الماضية “عشرات الشهادات تفيد بتعرض طالبات للتحرش الجنسي من طرف أساتذتهن، ويمكن اعتبار الأمر ظاهرة في المغرب نظرا لكثرة الحالات التي تم رصدها بمختلف الجامعات والمدارس في سطات وطنجة والآن في وجدة”.
واعتبرت بنعزوز أن خروج الطالبات في سطات ووجدة للحديث عما تعرضن له من تحرش جنسي، “سيشجع باقي الطالبات اللواتي اخترن الصمت على الخروج للعلن”، مضيفة أنها تتمنى أن يتبع ذلك متابعات قضائية “حتى يتم معاقبة الجناة الذين يستغلون سلطتهم المعنوية لإشباع شهواتهم”.
وطالبت الناشطة الحقوقية بإحداث خلايا استماع في الجامعات المغربية وبتسهيل المساطر أمام ضحايا التحرش في الوسط الجامعي لتقديم شكوى “دون خوف على سلامتهن النفسية والبدنية”، مشيرة إلى توصل الحركة بشهادات من طلبة ذكور أيضا والذين أكدوا تعرضهم للتحرش الجنسي من طرف أستاذتهم.
من جانبه، يرفض جمال الصباني، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، “وضع أساتذة التعليم العالي في سلة واحدة”، مشيرا إلى أن الموضوع “لا يجب أن يستغل للتشهير بآلاف الأساتذة المتفانين في عملهم”.
وأكد المتحدث في حديث لـ”أصوات مغاربية”، أن النقابة تطالب بـ”المحاكمة العادلة” للمتهمين في ملف “الجنس مقابل النقط”، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن النقابة “لن تدافع على أي شخص تبث تورطه في أي جرم يعاقب عليه القانون”.
وتابع “أعرف آلاف الأساتذة يتفانون في عملهم ويحترمون وظيفتهم وطلبتهم، وللأسف الشديد يتم التركيز فقط على بعض الحالات التي لا يزال ملفها معروضا أمام القضاء”.
الوزارة تعد لمواكبة القضية
من جهتها، أوفدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الأربعاء، لجنة إلى وجدة للتحقيق في مزاعم تعرض طالبات في المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير للتحرش الجنسي، وفق ما نقله موقع هسبربيس.
وأضاف المصدر ذاته، أن عبد اللطيف الميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قرر إيفاد اللجنة للتحقيق في القضية وإحداث لجنة ثابتة لاستقصاء وجود حالات “الجنس مقابل النقط” في مختلف الجامعات المغربية.
قناة الإخبارية السعودية تصف المثلية الجنسية بـ”الوباء الخطير”