تصريحات بايتاس والبيجيدي: صراع حول مكافحة الفساد أم تقاعس حكومي؟

0
178

في خضم النقاش المستمر حول الفساد في المغرب، أثارت تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، انتقادات عديدة من حزب العدالة والتنمية (البيجيدي)، الذي دعا الحكومة إلى العمل بتوصيات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بدل الهجوم عليها.

خلف هذا التوتر بين الحكومة والمعارضة تبرز العديد من الأسئلة الجوهرية حول فعالية جهود مكافحة الفساد في المغرب، ودور المؤسسات الحكومية والتشريعية في التصدي لهذه الآفة.

هل تعمل الحكومة بجدية على مكافحة الفساد؟

تصريحات بايتاس بأن “لا أحد يحارب الفساد أكثر من الآخر” تفتح الباب أمام تساؤلات مهمة حول التزام الحكومة الحالية بمكافحة الفساد. إذا كانت الحكومة ترى أنها تبذل جهودًا متساوية مع الهيئات الأخرى في هذا المجال، فهل ذلك يعني أن هناك تنسيقًا كافيًا بين الأطراف المختلفة؟ لماذا لم يتم تفعيل توصيات الهيئة المتعلقة بمحاربة الفساد منذ اجتماعها الأخير في عام 2019؟ هذه الأسئلة بحاجة إلى إجابات واضحة من الحكومة لتحديد موقفها بشكل أكثر شفافية.

هل هناك تأخير في تنفيذ القوانين المرتبطة بمحاربة الفساد؟

يشير حزب العدالة والتنمية إلى ضرورة الإسراع في عرض مشاريع قوانين هامة على البرلمان، مثل قانون تنازع المصالح وحماية المبلغين عن الفساد. هذا التأخير في طرح قوانين تتعلق بمحاربة الفساد يثير الشكوك حول الأولويات التشريعية للحكومة الحالية.

لماذا تم سحب مشروع القانون الجنائي الذي كان يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع؟ وهل هذا السحب يعكس توجهًا للتراجع عن محاربة الفساد بشكل جدي؟

عبد الله بوانو يطالب بتفعيل لجنتي الصحراء المغربية وفلسطين في مجلس النواب: ضرورة أم خطوة مؤقتة؟

التأثير على الثقة في الحكومة والمشهد السياسي

من الواضح أن غياب الشفافية والبطء في معالجة القضايا المتعلقة بالفساد يمكن أن يؤثر سلبًا على الثقة في الحكومة. فمع ارتفاع نسبة الغياب عن جلسات البرلمان، التي وصلت إلى 63% حسب تقرير حديث، تتزايد مخاوف المواطنين من أن يكون هناك “نفور” سياسي يتفاقم مع غياب الحزم في معالجة قضايا الفساد.

السؤال الأهم هنا: ما الذي تفعله الحكومة لتحسين أدائها ولإعادة ثقة الجمهور في المؤسسات الحكومية؟

دور المعارضة في تحريك الدينامية التشريعية

يُظهر تقرير آخر تفوق المعارضة في تقديم مقترحات القوانين، إذ تقدمت بـ59 مقترح قانون خلال السنة التشريعية الماضية مقارنة بعشرة فقط من أحزاب الأغلبية. هذا التفوق يشير إلى محاولة المعارضة، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية، لتحريك المشهد التشريعي وإثارة قضايا الفساد في البرلمان.

ولكن، هل يمكن لهذه المقترحات أن تُحدث فرقًا إذا كانت الحكومة تهيمن على صنع القرار التشريعي؟

ماذا عن المستقبل؟

إن تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة حمل معه تحذيرات من تراجع ترتيب المغرب في مؤشر إدراك الفساد، خاصة على مستوى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات حاسمة في هذا الصدد، فقد نجد أن الصورة العامة للإصلاحات في المغرب تتضرر على المدى الطويل.

والسؤال الذي يجب أن يُطرح هنا: هل يمكن أن تتبنى الحكومة رؤية إصلاحية أوسع تشمل تفعيل دور المؤسسات المختلفة وتعزيز الثقة بين المواطنين والدولة؟

ختامًا، يبدو أن الجدل حول الفساد في المغرب ليس مجرد مواجهة بين الحكومة والمعارضة، بل يتعلق بقضية أعمق تخص مستقبل الحوكمة والشفافية في البلاد.