تعاون مغربي إسرائيلي في الصناعة العسكرية والبداية مع طائرات بدون طيار “انتحارية”يثير التوجس الإسباني الدائم

0
471

تعتقد الدول العربية أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل جديدة بعد إعادة العلاقات بينهما بوساطة أميركية، إلا أن الواقع غير ذلك، إذ أن العلاقات بين البلدين وثيقة منذ سنوات وجمعتهما صفقات أسلحة منذ السبعينات لم يكشف عنها رسميا إلا في بعض التقارير التي أشارت إلى جزء بسيط منها.

ويكشف وزير الخارجية  ناصر بوريطة منذ يومين عن زيارة وزيري الاقتصاد والدفاع الإسرائيليين المغرب لتطوير العلاقات بعد زيارة وزيرة الخارجية سابقا. وتأتي هذه الزيارات في إطار الزيارات بين البلدين بعد اتفاقيات أبراهام.

إذ يعتزم المغرب الاعتماد على إسرائيل لخلق صناعة عسكرية وقد تكون البداية مع الطائرات بدون طيار، وزار مسؤولون عسكريون إسرائيليون المغرب لهذا الغرض ولتوقيع اتفاقيات تعاون عسكري في الدفاع مثل الأمن السيبراني.

وكان ناصر بوريطة، وزير خارجية ، قد صرح علانية وبلا أي تردد خلال مشاركته في أول مؤتمر افتراضي لوزراء خارجية المغرب وأمريكا وإسرائيل والبحرين والإمارات، الخميس الماضي، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاقيات السلام، إن “إسرائيل لم تعد دولة خارجية، يجب النظر إلى الفوائد وإجراء تقييم جديد للوضع في المنطقة واغتنام الفرص لتعزيز الاستقرار”. بما يعني أن المغرب بات يعتبر إسرائيل رسميا دولة من دول المنطقة، ومن الممكن أن يدافع على انضمامها غدا لجامعة الدول العربية كما فعل في الآونة الأخيرة، حين دافع من أجل قبولها في الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب.

وتحدثت الصحافة الإسرائيلية عن الجانب العسكري في العلاقات ين المغرب وإسرائيل، ولكن الاهتمام انتقل الى اسبانيا التي يهمها كثيرا كل ما هو عسكري في المغرب نظرا للتوجس الإسباني الدائم من أي تطور في مشتريات السلاح من طرف المغرب أو تفكيره في التصنيع.

وكتبت جريدة “لراسون” الإسبانية أمس السبت بدء المغرب تعاونا عسكريا مع لإسرائيل لإنتاج طائرات بدون طيار “انتحارية” وهي درونات صغيرة تقوم بعملية مسلحة واحدة وتنفجر بالكامل مثل القنابل، وأضافت أن من شأن هذا تعزيز مكانة المغرب العسكرية. 

ويوجد تعاون عسكري بين المغرب وإسرائيل ولا يتم الكشف عنه للعلن بسبب غياب علاقات رسمية في الماضي، وكانت أول مرة يتم فيها الإعلان رسميا عن تعاون عسكري هي اتفاقية التعاون في المجال الأمني السيبراني الموقعة يوم 15 يونيو الماضي، ووقع عن الجانب المغربي الجنرال المصطفى ربيع وعن إسرائيل يغال أونا المدير العام للهيئة الوطنية للأمن السبراني.

وكان المغرب قد أقرّ قانوناً في يوليو/تموز الماضي، يعطي الضوء الأخضر للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن. ويسمح أيضاً بتصديرها إلى دول أخرى.

ويُعتبر هذا القانون أقوى الإشارات على توجه الرباط نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنها من تحقيق اكتفاء ذاتي، ويستجيب لاحتياجاتها في مجال المعدات والذخائر وقطع الغيار، ويجنّبها ثقل تكاليف الصفقات العسكرية.

وخلال الأشهر الماضية، توالت إشارات كثيرة لتكشف عن تحول نوعي في السياسة الدفاعية والأمنية المغربية، من خلال السعي نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنه من مواجهة المخاطر في منطقة ملتهبة وغير مستقرة. أبرز تلك الإشارات كانت مع “الأمر اليومي” الذي أصدره العاهل المغربي الملك المفدى  محمد السادسحفظه الله  للجيش في 14 مايو/أيار 2019، بمناسبة الذكرى الـ63 لتأسيسه، وأكد فيه أن القوات المسلحة الملكية ستهتم ببرامج البحث العلمي والتقني والهندسي والعمل على تعزيزها وتطويرها في جميع الميادين العسكرية والأمنية، على المستويين الأفريقي والدولي، من أجل تبادل الخبرات والتجارب ومواكبة التطور المتسارع في ميادين الأمن والدفاع.

كما أظهرت المحادثات التي جمعت، في 2 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، المسؤولين العسكريين المغاربة مع وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر، بمناسبة التوقيع على وثيقة خريطة طريق لآفاق التعاون العسكري في مجال الدفاع بالنسبة إلى العشرية المقبلة (2020 ـ 2030)، عن سعي الرباط لتوسيع مجال هذا التعاون، ليشمل للمرة الأولى التصنيع العسكري، من خلال اقتراح الجانب المغربي تعزيز التعاون العسكري مع واشنطن عن طريق النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع.

ويكشف الباحث، جوناثان هيمبل، المختص في الصادرات العسكرية والأمنية الإسرائيلية في مقال له على صحيفة “هآرتس” أن الصادرات العسكرية الإسرائيلية للمغرب ظلت سرية في معظمها.

وأضاف أن إسرائيل شحنت في السبعينيات دبابات إلى المغرب، ومن عام 2000 حتى عام 2020، قام مسؤولون من كلا البلدين بعدد من الزيارات السرية وغير السرية.

وتنبني العلاقات بين البلدين في المقام الأول على التعاون الاستخباراتي والاتجار بالأسلحة، وباعت إسرائيل المغرب أنظمة عسكرية وأنظمة اتصالات عسكرية وأنظمة مراقبة (مثل أنظمة رادار الطائرات المقاتلة) عبر طرف ثالث.

وتابع الباحث أن القوات الجوية المغربية اشترت في عام 2013 ثلاث طائرات بدون طيار من نوع هيرون من صنع شركة صناعات الطيران الإسرائيلية بتكلفة 50 مليون دولار، وحصل المغرب على هذه الطائرات عبر فرنسا.

وأوضح الباحث أن إسرائيل قدمت مساعدات عسكرية للمغرب ضد “المتمردين من الصحراء الكبرى”، واصفا الطائرات الجديدة بأنها جزء من تاريخ طويل.

ووفق الكاتب، يحظى المغرب أيضا بمساعدة إسرائيلية في مجال المراقبة الرقمية، ونقل عن منظمة العفو الدولية أنه في عام 2017، بدأ المغرب باستخدام برامج تجسس من صنع شركة NSO Group الإسرائيلية لتتبع وجمع المعلومات عن الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان.

وأشار الكاتب إلى أن المغرب حصل أيضا على الطائرات بدون طيار التي استعملتها إسرائيل في قطاع غزة.

وأوضح أن إسرائيل لا تنشر في الغالب معلومات رسمية عن صفقات التسلح.

يذكر أن المغرب هو البلد العربي الرابع الذي وقع مؤخرا اتفاق تطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية، بعد الإمارات والبحرين والسودان.

وفي ديسمبر، وقع البلدان أربعة اتفاقات ثنائية ركزت على الرحلات الجوية المباشرة وإدارة المياه وإعفاء مواطني البلدين من التأشيرات وتشجيع الاستثمار والتجارة بين البلدين.

ويضم المغرب أكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا يبلغ عددها نحو ثلاثة آلاف شخص، فيما يعيش نحو 700 ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل.