أثارت مداخلة نقيب هيئة المحامين بالرباط، عزيز رويبح، حول مشروع قانون المسطرة الجنائية نقاشًا واسعًا حول مدى توافق هذه التعديلات مع مبادئ المحاكمة العادلة وضمانات الدفاع. حيث اعتبر أن المشروع الجديد يتضمن تضييقات خطيرة على حق الدفاع، مما قد يمس بقرينة البراءة ويقيد دور المحامي في حماية حقوق المتهمين.
هذه الانتقادات، التي جاءت في سياق نقاش ساخن حول مشروع القانون، تفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى توافق التعديلات مع الدستور المغربي والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان.
لكن السؤال الجوهري هنا: هل تسعى هذه التعديلات إلى تعزيز النظام القضائي أم أنها تمهد لتقليص دور الدفاع وضبطه ضمن أطر أكثر صرامة؟
فهل نحن أمام إصلاح حقيقي للمنظومة القضائية، أم أن هذه التعديلات ستؤدي إلى تقويض حقوق المتهمين وإضعاف دور المحامين؟
الحراسة النظرية: مدد طويلة تثير الجدل
أحد أبرز الانتقادات التي وجهها رويبج يتعلق بمدد الحراسة النظرية، التي وصفها بأنها “طويلة بشكل غير مبرر”، خاصة في جرائم مثل الإرهاب، حيث قد تصل إلى 12 يومًا. وأشار إلى أن المغرب، الذي يتمتع بتجربة أمنية كبيرة، لم يعد بحاجة إلى هذه المدد الطويلة.
فهل يمكن أن تكون هذه المدد مجرد إجراءات أمنية ضرورية، أم أنها تشكل انتهاكًا لحقوق المتهمين وتُضعف ضمانات المحاكمة العادلة؟
حق الالتزام بالصمت: إفراغه من محتواه
انتقد رويبج أيضًا الطريقة التي تم بها التعامل مع حق المتهم في الالتزام بالصمت، معتبرًا أن المشروع الجديد “أفرغ هذا الحق من محتواه”. وأوضح أن هذا الحق، الذي يعتبر من الركائز الأساسية في الأنظمة القضائية الدولية، يتم تقويضه في المشروع الحالي.
فهل يمكن أن يكون هذا الإجراء مجرد خطوة لتعزيز سلطات الأجهزة الأمنية، أم أنه يعكس إهمالًا لحقوق المتهمين الأساسية؟
إشعار المتهم بحقه في المحامي: تأخير مثير للشكوك
أشار رويبج إلى أن المشروع الجديد لا يضمن إشعار المتهم بحقه في تنصيب محام بشكل فوري، بل يترك ذلك لسلطة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية. وأضاف أن المتهم قد لا يتمكن من التواصل مع محام إلا بعد مرور 24 ساعة من اعتقاله، أو 48 ساعة في بعض الجرائم الخطيرة.
فهل يمكن أن يكون هذا التأخير مبررًا، أم أنه يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الدفاع؟
دور المحامي: هل هو تهديد للمسطرة؟
استغرب رويبج من النظرة التي يعامل بها المحامي في المشروع الجديد، حيث يتم التعامل معه وكأنه “سيشوش على المسطرة”. وأشار إلى أن هذا النهج يتناقض مع الممارسات الدولية، حيث يتم التعامل مع المحامين بثقة كاملة، باعتبارهم جزءًا أساسيًا من ضمانات المحاكمة العادلة.
فهل يمكن أن تكون هذه النظرة مجرد سوء فهم لدور المحامي، أم أنها تعكس رغبة في تقليص دوره في العملية القضائية؟
الخاتمة: أين التوازن بين الأمن وحقوق الإنسان؟
في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: كيف يمكن تحقيق التوازن بين تعزيز الأمن واحترام حقوق الإنسان؟ هل يمكن أن تكون التعديلات المقترحة خطوة نحو تعزيز العدالة، أم أنها ستؤدي إلى تقويض حقوق المتهمين وإضعاف دور المحامين؟
عزيز رويبج، من خلال انتقاداته اللاذعة، يفتح الباب أمام نقاش واسع حول مستقبل المنظومة القضائية في المغرب.
لكن النقاش وحده لا يكفي؛ فالمطلوب هو إرادة سياسية حقيقية لتحقيق التوازن بين الأمن وحقوق الإنسان، وضمان أن تكون العدالة حقيقة واقعة للجميع.