تعديل حكومي بالجزائر يطيح بوزير الخارجية رمطان لعمامرة ويعوضه بأحمد عطاف كان متوقعا في ظل صراع أجنحة بين جنرالات الجيش

0
364
بعد عقدين يعود أحمد عطاف لتسلم حقيبة الخارجية الجزائرية

يبدو أن استبعاد العمامرة على علاقة بالانتخابات القادمة التي قد يترشح فيها وهو أمر يزعج الجناح العسكري المؤيد لتبون.

أعفى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون اليوم الخميس وزير الخارجية رمطان لعمامرة من منصبه وعين الدبلوماسي المخضرم أحمد عطاف (70 عاما) الذي سبق له أن شغل هذا المنصب  بين عامي 1996 و1999، خلفا له، وفق بيان تلاه سمير عقون الناطق باسم الرئاسة الجزائرية وبثه التلفزيون الحكومي.

بعد عقدين يعود أحمد عطاف لتسلم حقيبة الخارجية الجزائرية، محملا بخبرة سنوات قضاها بالمنصب وتكوين أكاديمي لدبلوماسي عائد من زمن بعيد.

في إطار تعديل وزاري شمل 11 وزارة، أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الجزائرية الخميس، تعيين أحمد عطاف وزيرا للخارجية خلفا لرمطان لعمامرة.

ويأتي التعديل الحكومي في خضم أزمة سياسية صامتة ووسط صراعات ليست بالجديدة بين جنرالات الجيش قبل الانتخابات الرئاسية. ويلعب الجيش منذ عقود دورا خفيا في صناعة الرؤساء.

وتم تعيين أحمد عطاف (70 سنة) الذي سبق أن شغل المنصب بين 1996 و1999 قبل وصول عبد العزيز بوتفليقة للحكم. وكان قبلها شغل منصب وزير مكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية. وهو دبلوماسي متخرج من المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج منها تبون نفسه.

وتولى رمطان لعمارة (71 سنة) رئاسة الدبلوماسية في حزيران/ يونيو 2021 خلفا لصبري بوقدوم، وسبق له شغل المنصب بين 2013 و2017. وخلال الأسابيع الأخيرة لحكم بوتفليقة بداية 2020 تولى منصب نائب رئيس الوزراء مكلفا بالشؤون الخارجية.

وبدا واضحا غياب رمطان لعمامرة (71 سنة) في الأيام الأخيرة، خاصة عندما لم يستقبل مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال زيارة للجزائر، الأحد والإثنين.

وتقول تقارير متطابقة إن العمامرة المعروف بقربه من أجهزة الاستخبارات في عهد الرئيس الجزائري الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، بات يثير مخاوف وانزعاج جنرالات في الجيش مؤيدين لتبون.

ويبدو أن استبعاد العمامرة على علاقة بالانتخابات القادمة التي قد يترشح فيها وهو أمر يزعج الجناح العسكري المؤيد لتبون. وتصف تقارير دولية النظام الحالي في الجزائر بأنه واجهة سياسية لحكم العسكر.

وكان للجيش أيضا دور محوري في دفع بوتفليقة لإعلان استقالته في أبريل/نيسان 2019 بعد احتجاجات عارمة بدأت رفضا لترشحه لولاية رئاسية خامسة وتحولت سريعا إلى انتفاضة شعبية تطالب برحيل كافة رموز النظام واستمرت حتى بعد رحيل بوتفليقة عن السياسية وعن الدنيا.

ولم تهدأ الاحتجاجات بعد تولي تبون الرئاسة في انتخابات شككت المعارضة والحراك الشعبي في شرعيتها وسط مقاطعة واسعة فتحت الباب سريعا للرجل الذي كان أيضا من رموز النظام السابق.    

وقاوم الرئيس الجزائري الراحل (بوتفليقة) هذا النفوذ وحاول إضعاف هذا الجناح عبر سلسلة إقالات واحالات للتقاعد الوجوبي لعدد من الجنرالات في الجيش والاستخبارات، لكن الحراك الشعبي الذي تشكل مع ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة وازداد زخما في 2019 وانتهى باستقالته بدفع من الجيش، لم يمهل الرجل الذي كان يعاني من جلطة دماغية لكبح نفوذ العسكر في الشأن السياسي.     

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط العباس الوردي في تصريح لموقع ‘هسبريس’ الالكتروني المغربي، إن “الجيش الجزائري يغير بعض الرموز السياسية بين الفينة والأخرى بسبب اختلاف وجهات النظر”، مضيفا أن “الوجه الجديد في الخارجية (بلاني) إن تم تعيينه معروف بتصريحاته المعادية للسيادة المغربية”.

واعتبر كذلك أن “الجيش الجزائري يحاول تغيير الأجندة المؤسساتية قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في 2024، حيث يضخ دماء جديدة في المؤسسات، لكن دون تغيير موازين القوى السياسية”.

وتسعى الجزائر لتنشيط دبلوماسيتها في أكثر من منطقة خاصة في إفريقيا بعد أن فقدت لسنوات تأثيرها، بينما حققت الدبلوماسية المغربية اختراقات مهمة في الكثير من الملفات المستعصية وساهمت بشكل كبير في تعزيز الوجود المغربي في العمق الافريقي بصفة الشريك المؤثر في قضايا مثل الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب إلى جانب شراكات اقتصادية واسعة.

كما نجحت الدبلوماسية المغربية في تعزيز عزلة جبهة البوليساريو الانفصالية وتفكيك أحزمة دعم افريقية وتجلى ذلك من خلال توالي الاعترافات بمغربية الصحراء وافتتاح قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وفي المقابل تكابد الدبلوماسية الجزائرية في إيجاد موطئ قدم قوي في افريقيا، فيما يبدو حضورها وتأثيرها محدودا وهو ما يضعف جهودها في دعم البوليساريو وانتزاع مواقف مؤيدة لموقفها من النزاع المفتعل.

وقد يكون هذا من بين أسباب انزعاج تبون من العمامرة، لكن تقارير دولية تذهب إلى أبعد من ذلك متحدثة عن صراع أجنحة بين جنرالات الجيش الجزائري قد ينهي مهام الدبلوماسي المخضرم خاصة مع تهميشه في الفترة الأخيرة في جميع الأنشطة الدبلوماسية الرسمية ومن ذلك استبعاده من لائحة السفراء والقناصل التي رفضها الرئيس الجزائري.

وبدا واضحا أنه يجري تصدير عمار بلاني المعروف بقربه من تبون، للواجهة الدبلوماسية، ما يوحي بأنه قد يخلف العمامرة على رأس الخارجية، وهو المعروف بأنه لا يفوت فرصة ولا ظهورا إعلاميا إلا ويهاجم المغرب خاصة في ما يتعلق بملف الصحراء المغربية.

وشمل التعديل الوزاري 11 حقيبة منها، المالية بتعيين لعزيز فايد مدير الميزانية خلفا لإبراهيم جمال كسالي. وكذلك تم تعيين رئيس اللجنة الأولمبية عبد الرحمان حماد وزيرا للشباب والرياضة خلفا لعبد الرزاق سبقاق.

وكان آخر تعديل وزاري أجراه تبون في حكومة أيمن بن عبد الرحمان، في أيلول/سبتمبر مسّ خاصة وزارة الداخلية بتعيين إبراهيم مراد مكان كمال بلجود الذي أصبح وزيرا للنقل ثم غادر في هذا التعديل.

وغادر أيضا وزير التجارة كمال رزيق الذي تعرض لانتقادات كبيرة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب نقص بعض المواد الأساسية في السوق، حتى أن الرئيس تبون انتقده مباشرة عندما قال “أنا لم أطلب أبدا منع الاستيراد”، كما فعل الوزير. وتم تعيين الأمين العام لحزب التجمع الوطني الجزائري الطيب زيتوني، مدير مؤسسة تنظيم المعارض الاقتصادية، خلفا له. 

كان آخر تعديل وزاري أجراه تبون في حكومة أيمن بن عبد الرحمان في سبتمبر الماضي، شمل وزارة الداخلية بتعيين إبراهيم مراد بدلا من كمال بلجود، الذي أصبح وزيرا للنقل ثم غادر في هذا التعديل.