“تعيينات السفراء في المغرب: مزيج من الكفاءة والولاء الحزبي، وأية معادلة يجب تحقيقها في الكفاءة العامة والتعيينات الدبلوماسية؟”

0
196

في إطار التعيينات الأخيرة التي قام بها الملك محمد السادس، تم تعيين مجموعة من السفراء الجدد، منهم أحمد رضا الشامي وفتيحة العيادي وعثمان الفردوس.

تُعتبر هذه التعيينات فرصة لتجديد النخب الدبلوماسية، إلا أنها تثير أسئلة حول مدى توافق هذه الخيارات مع مبدأ الكفاءة وما إذا كانت تعكس الولاءات الحزبية والنقابية.

الكفاءة مقابل الولاء الحزبي

تُعد مسألة التعيين في المناصب العليا من القضايا المثيرة للجدل، حيث تتداخل فيها عوامل الكفاءة مع الاعتبارات الحزبية. ففي الوقت الذي يتطلب فيه العالم المعاصر قيادات دبلوماسية مؤهلة وقادرة على التكيف مع التحديات الجديدة، نجد أن الولاء الحزبي غالبًا ما يلعب دورًا أكبر في اتخاذ القرار.

على سبيل المثال، تم تعيين أحمد رضا الشامي، الذي يتولى حاليًا رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، سفيرًا لدى الاتحاد الأوروبي.

لكن هل يعكس هذا الاختيار كفاءته في المجال الدبلوماسي، أم أنه يندرج ضمن استراتيجية الحزب لضمان تمثيل مصالحه في مؤسسات الدولة؟

التوجهات الحزبية في التعيينات

تظهر طريقة اختيار المرشحين لمناصب السفراء اعتمادًا على الولاء الحزبي، حيث يتم تفضيل المرشحين من الأحزاب المهيمنة.

يُشير هذا إلى وجود شبكة من العلاقات تعتمد على الانتماءات الحزبية بدلاً من مؤهلات الأفراد.

في هذا السياق، تُستخدم مجموعة من الآليات لتوجيه الاختيارات، منها تعديل شروط الترشح بما يتناسب مع من يملكون الولاءات المطلوبة.

وهذا الإجراء يعكس عدم قدرة مؤسسات الدولة على الانفتاح على الكفاءات غير المرتبطة بالأحزاب، مما يعيق تطوير الأداء الإداري ويعمق الإحباط لدى المواطنين.

الولاء الإيديولوجي والتنوع في الخيارات

يتجاوز الولاء الحزبي أحيانًا إلى الولاء الإيديولوجي، حيث يتم اختيار الأفراد بناءً على ميولهم السياسية بدلاً من قدرتهم على تلبية متطلبات المنصب.

فمثلاً، يتم استبعاد المرشحين الذين لا يتناسب انتماؤهم الإيديولوجي مع توجهات المسؤولين، مما يعزز من فقدان الثقة في التعيينات ويزيد من مشاعر الاستياء لدى الشباب والمجتمع بشكل عام.

أثر التعيينات على الكفاءة العامة

تُعتبر هذه التعيينات بمثابة عائق أمام تطوير كفاءات الدولة، حيث يتم تهميش الكفاءات الحقيقية لمصلحة الولاءات الحزبية. وقد يعزز هذا النمط من التعيين من صورة مؤسسات الدولة كأدوات تابعة للأحزاب، بدلاً من كونها هيئات تعمل من أجل مصلحة الوطن والمواطن.

ختاماً،إن التعيينات الأخيرة في السلك الدبلوماسي المغربي تطرح تحديات كبيرة تتعلق بمبدأ الكفاءة والولاء.

من الضروري إعادة النظر في آليات التعيين لضمان تحقيق التوازن بين المؤهلات والكفاءات والاعتبارات الحزبية، وذلك لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تتطلبها المرحلة الحالية.

فالنجاح في هذا المجال يعتمد على قدرة المغرب على تجاوز العقبات المرتبطة بالولاء والاعتبارات الحزبية نحو تأسيس نظام إداري يضمن تكافؤ الفرص ويعزز من التقدم والابتكار.