تعيين مفتش عام متورط في صفقات مشبوهة: هل يعيد وزير التربية إنتاج أخطاء الماضي؟

0
136
صورة : موقع نيشان

موقع “نيشان” تناول في تقريره الجدل المثار حول تعيين الحسين قضاض في منصب المفتش العام بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي، رغم الشبهات التي تحوم حوله في السنوات الأخيرة، ما أثار تساؤلات واسعة حول آليات التعيين في المناصب العليا في القطاع التعليمي.

ملف شائك: من المفتشية إلى صفقات بالمليارات

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أقدم وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي، برادة، على تثبيت الحسين قضاض في منصب المفتش العام للوزارة، رغم الشبهات التي لاحقته خلال السنوات الماضية. الحسين قضاض، الذي شغل منصب المفتش العام لعدة سنوات، واجه اتهامات متكررة تتعلق بتقصيره في مراقبة العديد من الصفقات التي أبرمتها الوزارة، والتي أهدرت خلالها مليارات الدراهم، أبرزها صفقة شراء 509 سيارات ضمن المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي انتهى بفشل ذريع وتبديد 4700 مليار سنتيم. ورغم التحقيقات المكثفة التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في عدد من هذه الملفات، إلا أن الرجل ظل في منصبه وتم تجديد الثقة فيه.

تفويت العقارات: من مدارس عمومية إلى مشاريع خاصة

لم تتوقف الشبهات حول المفتش العام عند الصفقات، بل امتدت إلى تفويت عقارات ضخمة كانت مخصصة لبناء مدارس عمومية. وفقًا لوثائق حصل عليها موقع “نيشان”، وقع الحسين قضاض قرارات رفع اليد عن أراضٍ تعليمية، حُولت لاحقًا إلى مشاريع خاصة بأثمان زهيدة، مستفيدًا منها عدد من المحظوظين، بينهم نجل قيادي حزبي يترأس مؤسسة دستورية. فكيف يمكن تبرير استمرار مسؤول بهذه الخلفية في موقع حساس كهذا؟

التعيين المثير للجدل: غياب معايير الشفافية؟

يثير هذا التعيين عدة تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بتعهداتها في محاربة الفساد داخل الإدارة العمومية. فمن غير المنطقي أن يتم الاحتفاظ بمسؤول ثبت تورطه في سوء تدبير الموارد المالية والعقارية للوزارة. هل يعكس هذا القرار خللًا في منظومة التعيينات، أم أن هناك اعتبارات أخرى غير معلنة تحكم اختيار المسؤولين في المناصب العليا؟

ما التداعيات على مستقبل إصلاح التعليم؟

يأتي هذا التعيين في وقت تحاول فيه الدولة إعادة هيكلة القطاع التعليمي ووضع أسس جديدة لضمان جودته. لكن استمرار أشخاص متورطين في ممارسات سابقة مشبوهة قد يعرقل أي إصلاح حقيقي. فكيف يمكن الحديث عن إصلاح التعليم في ظل وجود مسؤولين لم يخضعوا للمساءلة؟ وما الرسائل التي يبعثها هذا القرار للفاعلين في القطاع؟

تساؤلات تبحث عن إجابات

  • لماذا تم تعيين قضاض رغم الاتهامات التي تلاحقه؟

  • هل يعكس هذا التعيين ضعفًا في آليات المراقبة والمحاسبة داخل الوزارة، أم أنه مؤشر على استمرار نفوذ “الحرس القديم” في إدارة القطاع؟

  • ما هي الضمانات التي قدمها قضاض لتفادي تكرار الأخطاء السابقة؟

  • هل تمت مراجعة سجل أدائه بشكل دقيق قبل تعيينه، أم أن التعيين تم بناء على اعتبارات سياسية أو شخصية؟

  • ما هو دور الجهات الرقابية في هذه القضية؟

  • لماذا لم تتحرك الجهات المعنية، مثل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أو المحكمة المالية، بشكل أكثر حزمًا لملاحقة المتورطين في هذه الصفقات؟

  • كيف يمكن استعادة الثقة في قطاع التعليم؟

  • ما هي الخطوات العملية التي يجب اتخاذها لضمان أن الأموال المخصصة للتعليم تُصرف بشكل شفاف وفعال؟

التحليل: بين المحاسبة والاستمرارية

تعيين قضاض يثير تساؤلات حول مدى جدية الحكومة في محاربة الفساد، خاصة في ظل وجود اتهامات خطيرة تلاحقه. فمن ناحية، يبدو أن الوزارة تفضل الاستمرارية في التعيينات رغم الأداء المشكوك فيه، مما يعكس ثقافة التسامح مع الفساد. ومن ناحية أخرى، فإن هذا التعيين قد يكون مؤشرًا على ضعف البدائل المتاحة داخل الوزارة، حيث يبدو أن “القطع الغيار الصالحة” نادرة.

الخاتمة: أين المصلحة العامة؟

في النهاية، تبقى المصلحة العامة هي الضحية الأكبر في هذه القضية. فبدلاً من أن تُستثمر الأموال في بناء مدارس وتوفير تعليم جيد لأبناء المغاربة، يتم تبديدها في صفقات فاسدة وعقارات مُفوَّتة. هذا الوضع يفرض على الحكومة والمجتمع المدني والجهات الرقابية العمل بشكل أكثر جدية لضمان أن تكون الأموال العامة في أيدٍ أمينة، وأن يتم محاسبة كل من يتورط في إهدارها.