في عالم الصحافة، حيث الكلمة تحمل وزنًا والمسؤولية أخلاقية، يبدو أن بعض من يُحسبون على المهنة في المغرب قد نسوا أبجديات الاحترام والفروق بين الخطاب الرصين والتهريج السوقي. هذه ليست مجرد ملاحظة عابرة، بل صرخة تُنذر بأزمة حادة تعصف بمهنة كانت تُعتبر ذات يوم “سلطة رابعة”.
في تغريدة لافتة على منصة “إكس”، سلط الصحافي محمد واموسي الضوء على ظاهرة مقلقة: تحول الخطاب الصحافي إلى عبارات سوقية تفتقر إلى الاحترام والأدب.
⛔️ بعض من يُحسبون على مهنة الصحافة في المغرب لم يعودوا يميزون بين مخاطبة شخصية رسمية عامة و تافهي المجتمع،الكل سواسية
عندما يصبح الخطاب الصحافي مجرد عبارات سوقية ، فاعلم أن مهنة الصحافة في المغرب في أزمة حادة !
أن يخاطب من يُفترض أنه صحافي وزيرًا بعبارات من قبيل : "لفتيت، ما… pic.twitter.com/NE9uPgy2L2
— ⛔️ محمد واموسي (@ouamoussi) March 14, 2025
فبدلًا من أن تكون الصحافة مرآة تعكس قضايا المجتمع بموضوعية، أصبحت عند البعض منصة للتهريج وقلة الاحترام، تُسوَّق على أنها “جرأة” أو “صحافة استقصائية”.
الخطاب الصحافي: من مهنية إلى سوقية
في تعبير صريح، أشار واموسي إلى موقف مقلق: بعض الصحافيين في المغرب باتوا يتعاملون مع الوزراء والشخصيات العامة بأسلوب مبتذل، غير قادرين على التمييز بين النقد المهني والتهريج. فبدلاً من أن تكون الصحافة مرآة للمجتمع، تُحاكي الواقع وتطرحه برؤية نقدية، أصبحت تُسوّق بعض العبارات السوقية على أنها جرأة أو “صحافة استقصائية”.
هل هذا فعلاً ما كانت الصحافة المغربية تطمح إليه؟ هل تحولت المهنة إلى مجرد أداة لتبادل الشتائم والعبارات الهزلية، حيث يُستخدم الميكروفون والكاميرا كأدوات لتفريغ الاستياء الشخصي بدلاً من تقديم قيمة حقيقية للمتلقي؟
هل نعيش أزمة حقيقية في الصحافة المغربية؟
الصحافة ليست مجرد أداة لنقل الأخبار، بل هي مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع. فمن المفترض أن تكون الصحافة نبراسًا للحقائق، وأداة للمساءلة والمحاسبة، في الوقت ذاته. لكن مع الأسف، فقد أصبح من السهل أن يتنكر بعض من يُفترض أنهم “صحافيون” للقيم الأساسية للمهنة.
عندما يطرح صحافي سؤالاً لوزير بأسلوب سوقي “ما نديروش معاك شي تصريح؟”، فإنه لا يعكس جرأة أو صحافة استقصائية، بل هو سقوط أخلاقي يتنكر لآداب المهنة.
الصحافة المغربية بين النقد البناء والسقوط في التهريج
النقد الصحافي، لا شك، يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من الممارسة الإعلامية، وهو عنصر حيوي لضمان الديمقراطية وشفافية المؤسسات الحكومية. لكن هل يجب أن يكون هذا النقد مُرتكزًا على احترام أسس الحوار؟ أم يجب أن يكون مملوءًا بالتهجم والتهريج؟
ما يطرحه واموسي ليس مجرد انتقاد لأسلوب صحافي واحد، بل هو انعكاس لحالة أكبر: هل وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الخطاب الصحافي في المغرب لا يميز بين الصحافة الاحترافية وبين الممارسات التي تفتقر إلى أدنى معايير الاحترام؟
التغيير يبدأ من الوعي
في النهاية، لا يمكننا أن نغفل أن الصحافة ليست مجرد مهنة. هي رسالة تتطلب مسؤولية، وأخلاقيات، واحترام للمجتمع. إذا استمررنا في هذا الاتجاه، فإننا نواجه خطرًا حقيقيًا بفقدان الصحافة دورها كمراقب للحكومة، وفقدانها قدرتها على تقديم نقد بناء. لكن تبقى لدينا فرصة للتغيير، إذ يبدأ التغيير أولًا بالاعتراف بالأزمة، ثم بالعمل الجاد لإعادة الصحافة إلى مسارها الصحيح.
أسئلة بحاجة لإجابة:
-
هل يمكن أن نعيد الصحافة المغربية إلى مسارها الصحيح بعد أن تدهورت أخلاقياتها؟
-
كيف يمكن إعادة بناء ثقة الجمهور في الإعلام المغربي؟
-
هل سنشهد يومًا صحافة مغربية تحترم معايير المهنية والموضوعية؟