استعملت قناة “دويتشه” DW عربي، عبارة “الصحراء المغربية” لأول مرة منذ إقرار المستشار الألماني الجديد أولاف شولتس دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي المغربي، في تقرير مرئي عنونته بـ”بدءا من اللغة مرورا بالأمن الغذائي والعسكري.. كيف تعمل الجزائر على التخلص من النفوذ الفرنسي؟”.
وتعد قناة “دويتشه”، قناة ربط بين ألمانيا والعالم من خلال تقارير وبرامج تهم مختلف مواضيع السياسة الدولية، واستعمال عبارة “الصحراء المغربية” على هذه القناة التي يتابعها الملايين عبر العالم، تدل على تغير جذري في الخط التحريري للإعلام الألماني تجاه قضية الصحراء، وتضمن التقرير في سياق ذكره لعبارة “الصحراء المغربية” قوله: “في نهاية عام 2021 كان التوتر بين الجزائر وفرنسا قد بلغ ذروته لعدة أسباب أبرزها: ملف الذاكرة؛ بالإضافة إلى رفض الجزائر المتكرر طلب فرنسا بالتدخل في مالي؛ ودعم فرنسا للمغرب في قضية الصحراء المغربية.. لم يغفر الجيش الجزائري لفرنسا دعمها الثابت للمغرب”.
واستأنفت العلاقات بين الرباط وبرلين منذ أشهر، مُدشنة بذلك صفحة جديدة، بعد قطيعة دامت طويلا في عهد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، إذ اعتمدت ألمانيا مباشرة بعد إقرارها لمقترح الحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء، سفيرا لها بالمغرب. وكانت الحكومة الألمانية برئاسة شولتس، قد عبرت عن موقف إيجابي بخصوص مقترح الحكم الذاتي في الصحراء، وهو ما رد عليه المغرب بقوله إن “هذه المواقف تتيح استئناف التعاون الثنائي وعودة عمل التمثيليات الدبلوماسية للبلدين بالرباط وبرلين إلى شكله الطبيعي”.
كما راسل الرئيس الألماني “فرانك والتر شتينماير”، جلالة الملك المفدى محمدا السادس حفظه الله بحلول سنة 2022، دعاه من خلالها إلى زيارة ألمانيا، بهدف “إرساء شراكة جديدة بين البلدين”، معربا عن إشادته الكبيرة بـ “التطور القوي والرائع الذي يشهده المغرب خلال السنوات الأخيرة”.
وكان انتقاد برلين لقرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على هذه المنطقة المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو أواخر العام الماضي، سببًا رئيسيًا في إعلان المغرب تعليق كلّ أشكال التواصل مع السفارة الألمانيّة في الرّباط في آذار/مارس، بحسب ما أوضح مسؤول مغربي آنذاك.
وعلّقت الرباط جميع الاتّصالات مع السفارة الألمانية في المغرب في الأول من آذار/مارس بسبب “سوء تفاهم عميق” مع برلين. وفي 6 أيار/مايو، تم استدعاء السفيرة المغربيّة للتشاور، بعد أن اتُهمت برلين خصوصًا بـ”أعمال عدائيّة”.
وبادرت عدة دول عربية وافريقية ومن الأميركيتين بفتح ممثلات دبلوماسية في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية في بادرة فاقمت عزلة البوليساريو والحاضنة الجزائرية.
وكانت إعلان هولندا في مايو/ايار الماضي الأحدث في سياق الاعترافات الدولية بوجاهة المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.
ووصفت هولندا خطة المغرب للحكم الذاتي في إقليم الصحراء بأنها جادة وذات مصداقية، مقتربة من موقف الرباط بشأن المنطقة المتنازع عليها والتي تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر بانفصالها.
وفي بيان مشترك مع المغرب، بعد اجتماع لوزيري خارجية البلدين في الرباط، قالت هولندا أيضا إنها تدعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى “حل عادل ودائم ومقبول للطرفين”.
وتنضم هولندا إلى صفوف عدد متزايد من الدول الغربية والعربية والأفريقية في التعبير عن دعمها للاقتراح الذي قدمه المغرب في 2007 بخصوص الحكم الذاتي كمخرج لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود.
وتجمد صراع المغرب مع جبهة البوليساريو في 1991 بوقف لإطلاق النار بدعم من الأمم المتحدة والذي تضمن خطة لإجراء استفتاء لتحديد وضع الإقليم.
وبالرغم من ذلك، لم يتم الاتفاق على قواعد للاستفتاء وتوقفت الأمم المتحدة عن الإشارة إليه كخيار، ودعت، بدلا من ذلك، الأطراف للمرونة والعمل من أجل “حل مقبول للطرفين”.
وقالت البوليساريو في أواخر 2020 إنها ستستأنف نشاطها المسلح رغم عدم وجود دليل على قتال كبير فيما تدعم الجزائر النوايا الانفصالية للبوليساريو ما يهدد أمن المنطقة.
ويحشد المغرب الدعم لخطة الحكم الذاتي من الدول الغربية، منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على الإقليم في 2020.
وكانت الحكومة الاسبانية قد أعلنت في مارس/اذار الماضي عن “مرحلة جديدة في العلاقة مع المغرب” بعد نحو عام من نشوب أزمة دبلوماسية بين البلدين مرتبطة بقضية الصحراء المغربية، فيما أشادت وزارة الخارجية المغربية “عاليا بالمواقف الإيجابية والالتزامات البناءة” لمدريد إزاء مقترح الرباط منح حكم ذاتي لحل نزاع الصحراء، في إشارة من المملكة لبوادر تحسن في العلاقات.
وجاء في بيان للحكومة الإسبانية “ندخل اليوم مرحلة جديدة في علاقتنا مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل واحترام الاتفاقات وغياب الإجراءات الأحادية والشفافية والتواصل الدائم”.
وجاء الإعلان الاسباني حينها بعد صدور بيان عن الديوان الملكي المغربي أشار فيه إلى رسالة وصلت من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اعتبر فيها الأخير أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية المقترحة للإقليم المتنازع عليه “بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.