تقرير أمريكي .. المغرب قد يصبح حارس الإمدادات الغذائية بالعالم بسبب “الذهب الأبيض” المغربي؟

0
219

سجل المغرب ارتفاعا ملحوظا في الطلب على الفوسفات، في ظل اضطراب التموين بالمواد الغذائية والطاقية في العالم، وبسبب العقوبات المفروضة على روسيا، وتعليق أوكرانيا لصادراتها، اختار عدد من الدول التوجه نحو موردين آخرين، من بينهم المغرب، من أجل الحصول على كميات مهمة من الأسمدة.

قال معهد الشرق الأوسط، الإثنين، في تقرير، إن المغرب “أظهر أهميته المتزايدة كشريك جيوسياسي لأوروبا والولايات المتحدة في أفريقيا جنوب الصحراء”، في سياق حرب استنزاف جيو-اقتصادية بين أوروبا وروسيا.

وأضاف التقرير، الذي وقّعه أستاذ الاقتصاد والخبير في المعهد، ميشيل تانتشوم، أن خطة الرباط زيادة إنتاج الأسمدة بنسبة 70 في المئة تقريبا تغيّر المعادلة الاستراتيجية من خلال التصدي لتوجه موسكو نحو تحويل الغذاء والطاقة إلى سلاح.

وتتهم دول غربية روسيا بمحاولة تجويع العالم مستخدمة الغاز والأسمدة وإمدادات غذائية مثل القمح، كورقة ضغط في حربها الحالية لإخضاع أوكرانيا. 

وأشار الخبير ميشيل تانتشوم إلى أن المغرب “أظهر بصيرة استراتيجية استثنائية باستثمار إجمالي قدره 6.3 مليار دولار لبناء مصانع الأسمدة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى للمساعدة في مواجهة التهديد الروسي”.

وأوضح أن مرونة النظم الغذائية تبدأ بمغذيات التربة التي تخلق زيادات هائلة في المحاصيل، وأن العالم شهد في المئة عام الماضية طفرة سكانية بفضل الأسمدة، التي تُعتبر روسيا أكبر مصدر لها في العالم.

مواجهة إستراتيجية “تسليح الغذاء”

وأوضح أن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 تعتمد على الاتحاد الروسي في 30 في المئة من إمداداتها من الأسمدة، وهي بالتالي إحدى أكبر نقاط الضعف لكل من أوروبا وأفريقيا معا، قبل أن يضيف أن المغرب هو رابع أكبر مصدر للأسمدة في العالم، وأن تحرّكه لزيادة الإنتاج في 2022 بنسبة 10 في المئة سيضع 1.2 مليون طن إضافية في السوق العالمية بحلول نهاية العام.

وكانت نائبة الرئيس التنفيذي لإدارة الأداء في المكتب الشريف للفوسفاط، ندى المجدوب، أكدت، في مقابلة سابقة مع “رويترز”، أن المكتب يسعى إلى “زيادة الإنتاج بأكثر من 10 في المئة هذا العام لتلبية الطلب المتزايد”.

وأضافت أن المكتب – المملوك للدولة- يهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 11.9 مليون طن في عام 2022 من 10.8 مليون طن العام الماضي وإضافة 3 ملايين طن أخرى من الطاقة الإنتاجية السنوية في عام 2023.

وفي هذا الصدد، قال تانتشوم إن قرار الشركة المغربية “ذكي من الناحية التجارية” لزيادة حصتها في السوق العالمية، كما أن زيادة مستويات الإنتاج من شأنها التصدي لقدرة روسيا على تحويل الأسمدة إلى سلاح. 

وتابع: “بالقيام بدور مماثل تقريبا لدور المملكة العربية السعودية في سوق النفط العالمي، يمكن أن يصبح المغرب هو البنك المركزي لسوق الأسمدة العالمي وحارس الإمدادات الغذائية في العالم”.

وخلص الباحث إلى أن دور المغرب في مواجهة تسليح أزمة الغذاء الحالية “يشير إلى الدور الاستراتيجي المتزايد للمملكة في الأمن الغذائي لأفريقيا جنوب الصحراء”، مشيرا إلى افتتاح المكتب الشريف للفوسفاط فروعا في 12 دولة أفريقية منذ عام 2016 

وأردف: “نتيجة لذلك، قفز محصول حبوب الدخن في السنغال بنسبة 63 في المئة ومحصول الذرة في نيجيريا بنسبة 48 في المئة، مع نتائج مماثلة في غانا وأماكن أخرى، كما شهد انخراط المكتب في إثيوبيا زيادة بمحاصيل القمح والذرة وحبوب التيف بنسبة تصل إلى 37 في المئة”. 




وبحسب الخبراء، فإن هذا الارتفاع في الطلب على “الذهب الأبيض” المغربي، بدأ منذ بداية سنة 2021، وهو ما كان له وقع إيجابي على أرباح مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، الرائدة دوليا في سوق الأسمدة، فقد عرف رقم معاملاتها نموا بـ50 في المائة برسم سنة 2021 ببلوغه 84,3 مليارات درهم مقابل 56 مليار درهم سنة 2020. 

قال إدريس الفينا، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، إن تهافت دول العالم على الفوسفات المغربي راجع بالأساس إلى وعيها بأهمية تطوير الفلاحة، لا سيما في ظل الحرب في أوكرانيا، وما ترتب عنها من غلاء في المواد الغذائية والطاقية في العالم.

وأكد الخبير الاقتصادي في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن المكتب الشريف للفوسفات حقق أرباحا قياسية سنة 2021، بفضل سعي عدد من الدول الكبرى إلى تعزيز قدراتها الفلاحية، لا سيما بعد جائحة كورونا، وذلك بالنظر إلى تنامي المخاوف من تراجع الموارد الغذائية واضطراب التموين على مستوى العالم”.

وأكد الفينا أن “التوتر بين روسيا وأوكرانيا، دفع عددا من الدول التي تعتمد على الفلاحة إلى تعزيز استثمارها في المجال، من أجل تفادي أي خصاص في المنتجات الفلاحية في حال اندلاع حرب ما، وهو ما وقع. وهذا ما يبرر زيادة الطلب على الأسمدة المغربية، بحيث تتوفر المملكة على أكبر احتياطي من الفوسفات في العالم”.