أكد تقرير مركز حماية وحرية الصحفيين أن المغرب شهد تراجعاً “غير مسبوق” في حرية الرأي والتعبير عام 2022، مسجلاً من 170 حالة لملاحقة واعتقال صحافيين ومدونين “بسبب آرائهم”، داعية السلطات إلى “الكف عن استعمال قضايا الحق العام لمحاكمة الصحافيين”.
وأحصى التقرير 170 حالة لصحافيين ومدونين ونشطاء في حركات اجتماعية في مدن مختلفة تمت ملاحقتهم، أو اعتقالهم، “بسبب آرائهم”. وذكر من بينهم الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي اللذين أدينا العام الماضي بالسجن 5 أعوام و6 أعوام تواليًا، في قضيتي اعتداء جنسي وتجسس بالنسبة إلى الراضي.
وانتقد التقرير استخدام تهـم جنائية لمعاقبة الصحفييـن فـي محاولـة للإفلات من الإدانة المحلية والدولية، في مؤشر سلبي يدل علــى أن “الســلطة التنفيذية تسـعى بطـرق متعـددة لترهيـب الإعلاميين والنيــل منهم”.
وأشار أن السـلطة فــي المغرب تخضع حرية الإعلام وحرية التعبير إلى توازنات سياسية، بالإضافة أن هناك موضوعات لا يمكن الحديث عنها، مثل الأسرة المالكــة، قضية الصحراء، والدين الإسلامي.
وأضاف ” أن التضييق على حرية الإعلام مستمر من خلال أساليب جديـدة مثل الإغراء، وسـطوة المـال السياسـي علـى اسـتقلالية وحريـة وسائل الإعلام، فهناك عـدد من المواقـع الإلكترونية تـم إخضاعهـا لهـذا الإغراء وأصبحـت مواليــة لسلطة القـرار السياسي فــي المغــرب الذي يوجد تحدي مهني متعلق بالعدد الكبير للمؤسسات الإعلامية، حيـث تشـير الأرقام إلـى وجـود 4500 موقـع إخبـاري إلكترونـي”.
ولفت إلى أن القانون الجنائي لازال يتضمــن العديــد مــن المــواد التــي تعاقــب بالســجن علــى التعبيــر مــن بينهــا، الكتابـات والأقوال التـي تعـرض للمـس بالنظـام الملكـي وبالديـن الإسلامي وبالوحـدة الترابيـة للمغـرب.
وأبرز التقرير أنه خــال ســنة 2021 أثيــرت محاكمــات اســتنادا للقانــون الجنائــي بحــق صحفييــن مغاربــة، وهــذه المحاكمــات بشــكلها وتفاصيلهــا القانونيــة يمكــن أن نخرجهــا مــن الجرائــم المتعلقــة بالصحافــة والنشــر، لأن كلا مــن عمــر الراضـي، وسـليمان الريسوني، تـم التحقيـق معهما ضمـن مقتضيــات القانــون الجنائــي وهــي ذات طابــع جنســي.
وشدد أنه بالنظــر لأوضاع الصحفييــن المغاربــة فــي 2021 نجــد أن هنــاك تراجعــا اســتثنائيا فــي حريــة الإعلام والتعبيــر في البلاد، فرغم التقدم القانوني النسبي فيما يتعلق بإلغاء عقوبات الحبـس فـي قانـون المطبوعات، إلى أنـه علـى صعيـد الممارسـات دائمـا هنـاك خطـر يهدد هـذه الحريات، وكذلــك وجــود نصــوص فــي القانــون الجنائــي تتيــح حبس الصحفيين.
وأوضح التقرير أنه علــى المســتوى الدولــي، كان لافتا الانتباه للموقــف الــذي عبــرت عنــه الولايات المتحــدة الأمريكية، الحليــف التقليــدي للمغـرب، إذ قالت على لسان المتحــدث باســم خارجيتهــا، نيــد برايــس، إنهــا أصيبــت بـ”خيبة أمل” بسبب “تقارير حول حكم محكمة بالمغرب على الصحافي سـليمان الريسوني بخمـس سـنوات سجنا نافذا”.
تجدر الإشارة أن المغرب احتل المركز 136 من أصل 180 دولة في مؤشــر حريــة الصحافــة العالمــي الصــادر عــن مؤسســة مراســلون بــلا حــدود سنة 2021.
ورداً على هذه الدعوات أكدت السلطات المغربية في عدة مناسبات على أن هذه الملاحقات “تخص قضايا حق عام لا علاقة لها بحرية التعبير”، مشددة على استقلال القضاء.
وكانت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان أكدت في تقرير لها مؤخراً “عدم وجود أي تردد أو تراجع يخص الإرادة العليا للدولة التي ظلت على الدوام، منفتحة، ومتطورة وحاسمة في اختيارات حقوق الإنسان”، مدينة “الاستغلال السياسوي الأجنبي لحرية التعبير”.
من جانب آخر انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “حرمان 74 من فروعها المحلية” العام المنصرم من تجديد وثائقها الإدارية، و”الصعوبات التي تواجه تأسيس عدة جمعيات”. كذلك، سجلت “143 حالة منع وحصار” لتظاهرات، داعية إلى “رفع حالة الطوارئ الصحية”. وتمنع السلطات المغربية بموجب حالة الطوارئ الصحية منذ ظهور جائحة كوفيد-19 التظاهرات والتجمعات العامة، لكنها تسمح ببعضها أحياناً.