تقرير رسمي: استمرار الإفلات من العقاب عبر تزويج المغتصَبة والعنف ضد النساء في المغرب بسبب تحايلا على القانون؟!

0
422

يسلط تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال حقوق الإنسان نُشر الجمعة الضوء على فشل قانون “الإفلات من العقاب” عبر تزويج المغتصَبة والعنف ضد النساء في المغرب، لوجود تحايلا على القانون في مثل هذه القضايا.

في المغرب وعام 2012 كانت أمينة الفيلالي في الخامسة عشرة من عمرها عندما أخبرت والديها بتعرضها للاغتصاب..أجبرتها الأسرة على الزواج من مغتصبها وهو رجل يبلغ من العمر 25 عامًا.

واذا كانت حادثة أمينة فيلالي قد أدت إلى إلغاء هذا القانون غير أن استمرار “الإفلات من العقاب” عبر تزويج المغتصَبة والعنف ضد النساء في المغرب نتيجة نقاط قصور في القانون الجنائي بالمملكة، مشيدا في الوقت ذاته بقرارات للمحاكم المغربية بشأن الظاهرة، وفقا لتقرير رسمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

ورغم إلغاء الفصل 475 من القانون الجنائي، في عام 2014، الذي كان ينص على منع ملاحقة المغتصب في حال تزوجت به الضحية، واستبعاد إمكانية متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج.

لكن مع ذلك يستمر تزويج المغتصبة من قبل مغتصبها، لأن العائلات تختار تزويج “المغتصبات” خوفا من الفضيحة أو تحت ضغط من أقارب المتهم.

وفي تقريره الجمعة، قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة رسمية، إنه يتم اللجوء إلى مقتضيات فصل من القانون الجنائي، إذ يتم التنازل من قبل الضحايا في قضايا اعتداءات جنسية ضد النساء والفتيات في حالة إدلاء المتهمين بعقود زواج بالضحايا وبتنازلهن عن الشكاوى.

ووصف التقرير أن حالات التنازل هذه تعد إفلاتا من العقاب، وحذر المجلس من تعريض ضحايا الاغتصاب إلى ضغوطات للتنازل عن متابعة المتهمين.

وتعليقا على ذلك، نقل موقع “هسبريس أن لمياء بن سلامة، النائبة الأولى للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، قالت إن “للضحية الحق في التنازل إن هي أرادت، لكن النيابة العامة تحتفظ بسلطة ملاءمة المتابعة، وبعد دراسة المعلومات القضائية وتبين أن العناصر المتوفرة تستدعي الحفظ، يتم ذلك، خاصة في حال عدم وجود إثبات، أو شواهد طبية، وإنكار المعني بالأمر، بالإضافة إلى كون المشتكية متنازلة”.

وعكس ذلك تقول المسؤولة المغربية إنه “في القضايا الجنائية، حينما تقدم الضحية شكاية من أجل الاغتصاب أو الاختطاف، وبالرغم من تنازلها، يتم وضع المتهم في الحراسة النظرية في ظل وجود قرائن كافية”.

وأكدت الناشطة، بشرى عبدو، أن الحركة النسائية ناضلت من أجل الحذف النهائي للفصل 475 من القانون الجنائي الذي يسمح للمغتصب بالزواج من ضحيته.

وقالت عبدو في حديث لموقع “الحرة”: “اليوم الموضوع يفتح من جديد ويمكن القول إن ذلك، (تقصد تزويج المغتصبة)، يتم بنسب ضعيفة جدا وهناك تحايل على القانون وليس بسبب القانون،” بحسب تعبيرها.

وحتى إجبار المشتكية “على التنازل قد يحدث، باستغلال ثغرات، ولكن ذلك ليس قاعدة بل هو استثناء في المجتمع”، بحسب بشرى عبدو. 

وأوضحت عبدو في حديثها أن “تقارير المجلس هي مهمة جدا،  تسلط الضوء على مواضيع “تابو” (تعتبر محظورة) وتفتح نقاشا داخل المجتمع للحصول على تغيير في القوانيين”. 

وقال المجلس في تقريره إن هناك تزايدا في حالات التبليغ عن العنف ضد النساء، إذ بلغ عدد الشكاوى المسجلة بالنيابات العامة، سنة 2020، ما مجموعه 64251 شكاية”.

ورغم ذلك، تقول المحللة، شريفة لومير، إن مثل هذه القضايا تبقى نقطة سوداء في القضايا الجنائية المغربية، مضيفة “شاهدنا، منذ سنوات طوال، نضال الحركات النسائية من أجل إلغاء هذه النقطة في القانون الجنائي، لأنها لا تكرس سوى العنف ضد المرأة المغربية، وتعزز الإفلات من العقاب وبحماية القانون في حين أن القانون يحتّم حماية المرأة المغتصبة عوض الوقوف إلى صف مغتصبها بمقتضى القانون”.

وترى لومير إن “هذا نقاش أخذ سنوات طويلة من الشد والجذب”، مضيفة “واليوم نحن بحاجة إلى مراجعة فعلية لهذه الفصول التي تتيح الإفلات من العقاب”.

ينص القانون المغربي على معاقبة المغتصب بـ “السجن من 5 إلى 10 سنوات، وتشدد العقوبة لتصل إلى 20 سنة في حالة افتضاض (فض بكارة) الضحية. أما إذا كانت الضحية قاصراً، فيعاقب الجاني بالسجن من 10 إلى 20 سنة. وتشدد العقوبة في حالة الافتضاض لتصل إلى السجن 30 سنة.

كذلك ينص على معاقبة من هتك عرض قاصر بالحبس من سنتين إلى 5 سنوات. وتشدد العقوبة إلى 10 سنوات إذا استخدم العنف.

في مارس/ آذار 2017، قدم 10 أعضاء في مجلس النواب المغربي مشروع قانون لتشديد عقوبة الاغتصاب ولم يُبت. وتواصلت معدة التحقيق مع وزارة العدل المغربية حول أسباب تأخر تعديل القانون لكنها لم تتلقّ رداً.

وتؤكد الناشطة النسوية المغربية عائشة الحيان أنه “لا ينبغي أن يفرق القانون بين هتك العرض والاغتصاب، سواء باستخدام العنف أم لا، ولا بوجود افتضاض من عدمه”، معتبرةً أن “الافتضاض يعد ظرف تشديد، بينما يجب توحيد المصطلحات القانونية تجاه أي اعتداء تتعرض له الأنثى، لأنه يعد بالنهاية اعتداءً يمس ذاتها وسلامتها”.

تضيف: “يجب أن يكون هناك نص قانوني يمنع القاضي من اللجوء إلى ظروف التخفيف في جرائم الاغتصاب، يجب أن تكون العقوبات رادعة لإنصاف الناجيات”.

أما رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية يوسف العلقاوي، فيرى ضرورة “حذف كل نص قانوني يشير إلى رضا القاصر في قضايا هتك العرض”، لافتاً إلى أن “الهدف الأساسي من العقوبة ليس القسوة على الجاني فحسب، بل أيضاً إبعاده عن الضحية وتحقيق الردع العام قبل الردع الخاص”.

ونقل التحقيق عن إحدى ضحايا الاغتصاب، “أسماء”، وهو اسم مستعار بناء على طلبها، أنها حاولت الانتحار بعد الذي تعرضت له.

وتروي أسماء أنها كانت تبلغ من العمر 15 عاماً عند تعرضها للاغتصاب. تقول: “أمرني بخلعِ ملابسي، وعندما رفضت صفعني، ثم بدأ بخلع ملابسي رغماً عني، وقال إن أحداً لن يسمعني”.

وفي 2018، سجل تقرير للنيابة العامة المغربية تزايد قضايا جرائم الاغتصاب السنة الماضية في المغرب إذ تجاوز عددها 1600، في حين كانت بحدود 800 قضية سنويا خلال الأعوام الماضية. وأشار التقرير إلى تسجيل أكثر من 290 قضية خطف قاصرين خلال 2017.