تقرير يرسم صورة قاتمة للوضع الكارثي مع انهيار النظام الصحي في المغرب

0
232

إن أجمل ما يمكن أن يحدث لك في المغرب، هو ألا تمرض أو تصاب بكورونا !.. لمحة قاتمة قدمها تقرير برلماني جديد تكشف بشكل واضح عن أزمة المنظومة الصحية في البلاد، خصوصا بعدما راكمت العديد من الاختلالات في السنوات الماضية، مما جعل القطاع الحيوي لا يستجيب بشكل جيد لحق المغاربة في الصحة.

الرباط  –  كشف تقرير برلماني جديد، وقبله تقرير اللجنة الخاصة للنموذج التنموي، الإكراهات والمشاكل التي مازالت تعانيها المنظومة الصحية بالمملكة، متوقفا في نفس الوقت على أهمية الإصلاح الشامل لهذه المنظومة.

عدد العاملين في القطاع من ممرضين وأطباء لا يرقى للمعايير الدولية، فنجد ممرضا واحدا لأكثر من 44 مريضا في مصلحة واحدة، ونجد طبيبا واحدا يداوم 12 ساعة في مصلحة الاستعجالات، في غياب تام لتوفير شروط الممارسة للعاملين، سواء النفسية، العلمية أو العملية.

الحكومة المغربية لا تضع صحة المواطن ضمن أولوياتها، فلا ضير أن تبقى مستشفيات البلاد على ما هي عليه بينما تبنى مستشفيات في غرب إفريقيا وشرقها، لا ضير أن يموت المواطن المغربي في سبيل تنظيم تظاهرات دولية الهدف منها الإشعاع ليس إلا، ولا بأس أن ترسل الدولة مساعدات دوائية لدول بعيدة بينما المواطن المغربي في أمس الحاجة إليها، والغريب في الأمر، أن تصرف وزارة الشباب والرياضة 22 مليون دولار على إعادة ترميم ملعب لكرة القدم لا يعود بالنفع على المغاربة في وقت توجد مستشفيات في أمس الحاجة لتلك المبلغ لتحسين إستشفاء المواطنين بداخلها.

التقرير البرلماني الذي وضع المجهر على واقع الصحة بالمغرب، أبرز أن هناك إشكاليات على مستوى نظام الحوكمة والتمويل الصحي، خاصة النقص في الموارد المالية والبشرية، الذي وصفه التقرير  بـ”المهول”، بالمقارنة مع توصيات منظمة الصحة العالمية.

وذكر التقرير أن المستشفيات في الجهة تعاني من خصاص كبير في الموارد البشرية. وتحدث عن تخصيص أربعة أطر طبية بما فيها أطباء وممرضين، لكل عشرة آلاف نسمة.

ورصد التقرير الاكتظاظ الذي تشهده مستشفيات المنطقة، مقابل نقص الموارد البشرية من الأطباء والممرضين والموظفين الإداريين، فضلا عن ارتفاع معدل تغيب المديرين التنفيذيين، والمشاكل الكبيرة في إدارة الموارد البشرية.

وأوضح المصدر ذاته، أن مؤسسات الرعاية الصحية في المغرب بلغ 3005 من المؤسسات عام 2017، منها 2038 في الأرياف، في حين بلغ عدد المستشفيات 158مستشفى عام 2018، منها 25 مستشفى جامعيا، و30 مستشفى للقرب، بمعدل 25 ألفا و384 سريرا.

وفي هذا السياق، سجل التقرير خصاصا حادا في الأجهزة الطبية بالجهة، واستشهد بوجود جهاز واحد للرنين المغناطيسي في جميع مستشفيات جهة فاس مكناس، يوجد في المستشفى الجامعي الحسن الثاني في مدينة فاس، وجرى اقتناؤه سنة 2009.

وأشار التقرير إلى أن معظم المختبرات لا تتوفر على ما يكفي من المعدات اللازمة لإجراء التحليلات الطبية.

وسجل التقرير البرلماني أن مرضى أصيبوا بفيروس كورونا، لم يحصلوا على الأدوية بالمستشفى الإقليمي بمدينة تاونات، وكانوا يقتنونها من صيدليات خارج المستشفى، كما أن أقاربهم كانوا يقدمون لهم العناية بدلا من الأطر الطبية.

وعلى الرغم من وجود مستشفى جامعي بالجهة و7 مستشفيات إقليمية، لا تزال جهة فاس مكناس تعاني من نقص الأسرة بمتوسط ​​6.8 سرير لكل عشرة آلاف نسمة.

وقام بزيارة الفريق البرلماني، لعدد من المستشفيات في المنطقة، بما في ذلك المستشفى الجهوي والمستشفى الإقليمي بتاونات، بالإضافة إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني في مدينة فاس، والذي يعد أكبر مستشفيات الجهة.

وكشف التقرير ذاته، أن المغرب يحتل اليوم المرتبة 112 من ضمن 195 بلدا فيما يتعلق بمؤشر الولوج إلى الخدمات الصحية وجودتها، مشيرا إلى أن الولوج إليها يبقى صعبا، خاصة في الأرياف، علاوة على كونه مكلفا ويتطلب وقتا طويلا.

مشكلة الصحة العمومية في المغرب ليست مشكلة تدبير، لأن كل مسؤول في موقعه يشتغل بما هو متاح له، أقصد مسؤولي الوزارة الوصية فما تحت، فكل واحد يختبئ وراء عذر الإمكانيات، لكن ماذا لو جعلت الدولة مجال الصحة أولوية؟ ماذا لو أعادت توجيه نفقات كثيرة تعد بالمليارات لا يجني منها المواطن أي شيء إلى قطاع الصحة بهدف أن تتحسن ظروف الاستقبال والاستشفاء وتوفير الأدوية؟

الدعاية عبر منصات التواصل في المغرب  تظهر إنقاذ هيليكوبتير لإمرأة حامل  وسط الثلوج لا يجدي نفعا، لأن المطلوب هو أن يلج المواطن للمستشفى ويجد سريرا يليق به لا أن يفترش الأرض، أن يجد ما يكفي من الممرضين والأطباء، أن تكون سيارة الإسعاف في خدمته، فهل دولة بحجم المغرب يعجزها توفير ذلك؟ بل هي قادرة وأكثر إن توفرت إرادة قادة البلاد، في انتظار ذلك، من لا يعيش بكرامة لا يمرض بكرامة.