عاد ملف المدرسين المتعاقدين في المغرب، إلى الواجهة بداية الأسبوع الجاري، حيث أعلنت التنسيقية الوطنية للأساتذة، اليوم الاثنين،رفع شعار“المقاطعة” في وجه وزارة التربية الوطنية، بسبب نهج الأخيرة سياسة الآذان الصماء إزاء مطالب الأساتذة.
ويعود ملف هذه الفئة التي تضم أكثر من 85 ألف مدرس، إلى العام 2016، مع نهاية ولاية الحكومة التي كان يترأسها حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بنكيران.
وأكد “أساتذة التعاقد” في بيان لمجلسهم الوطني أنهم سيقاطعون كل اللقاءات التكوينية والزيارات الصفية للمؤطرين التربويين، مع مقاطعة جميع مجالس المؤسسة باستثناء مجلس القسم.
كما دعا بلاغ المجلس الوطني الأساتذة، تزامنا مع انطلاق الموسم الدراسي، إلى مقاطعة كافة العمليات المرتبطة بمنظومة مسار، بما في ذلك مسك النقط.
وانتقد البلاغ تصاعد وثيرة الهجوم على الأساتذة، سواء من خلال “القمع، أو السرقات المالية، أو المتابعات الكيدية، أو المحاكمات الصورية، وغيرها”، مؤكدين استمرار نضالهم للموسم الخامس تواليا إلى الحين إسقاط التعاقد.
وأكد عضو من داخل المجلس الوطني لأساتذة التعاقد أن موسمهم النضالي سينطلق مباشرة مع بداية الموسم الدراسي مطلع شهر أكتوبر المقبل، بأشكال احتجاجية ميدانية تصعيدية.
وأوضح أن المجلس الوطني للتنسيقية يعمل على صياغة البيان الختامي، الذي سيسطر الأشكال الاحتجاجية المقبلة، والتي تتضمن إضرابات واحتجاجات على المستوى الوطني.
وكانت وزارة التعليم المغربية، أعلنت في بيان سابق، أن تبني الحكومة لنمط التعاقد في توظيف المُدرّسين “جاء في إطار إرساء الجهوية المتقدمة من خلال استكمال اللامركزية واللاتمركز في قطاع التربية الوطنية، وملاءمة وضعية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بصفتها مؤسسة عمومية مع مستلزمات القانون المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، وكذلك تقويتها باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتّع باستقلالها الإداري والمالي وتتحكم في مواردها البشرية”.
كما اعتبرت الوزارة أنه “خلال جميع مراحل عملية التوظيف هذه، حصل اختبار جميع الأطر التي جرى توظيفها، سواء من طريق المذكرات المُنظّمة لهذه العملية، أو من طريق الإعلانات لفتح باب الترشيح لاجتياز المباريات، أو عند الإعلان عن النتائج النهائية بجميع البنود المُتضَمّنة في العقود التي وقّعها المعنيون بالأمر، والتزموا احترام جميع مقتضياتها بكامل إرادتهم”.
لكن في مقابل ذلك، اعتبر المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن التوظيف بالعقدة هو توظيف يضرب في عمق عنصر الجودة في التعليم العمومي، ودعا إلى التراجع عنه.
وقد عبّر أولياء التلاميذ على نفس الموقف، إذ اعتبرت الفدرالية الوطنية المغربية لجمعية آباء وأولياء التلاميذ، أن التوظيف بالعقدة ساهم في الإضرار بالمدرسة العمومية، والعصف بكل مجهودات إصلاحها وتحسين مؤشرات جودتها. كما أن التوظيف بالعقدة، زاد من تعميق اختلال تكافؤ الفرص بين المؤسسة العمومية والمؤسسات الخاصة من جهة، والمدارس في القرى ونظيراتها في الوسط الحضري.
بعض النقابات من جهتها اعتبرت قرار التوظيف بالعقدة هجوما جديدا وخطيرا على مكاسب القطاع العمومي، بهدف تفكيكه وتصفيته وخوصصته، بتوجيه من المراكز المالية العالمية.
إن كل ما سبق يؤكد بالملموس أن احتجاج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد لا يروم فقط إسقاط التعاقد، بل الدفاع عن المدرسة العمومية.