في تطوّر ملحوظ لاحتجاجات “أساتذة التعاقد”، ضد وزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة، سطرت التنسيقية، برنامجاً احتجاجياً جديداً، تستهله بإضراب وطني تزامنا مع محاكمة زملائهم المتابعين، فيما تصر وزارة بنموسى على تجاهل مطالبهم الأساسية وتواصل انتهاج سياسة الآذان الصماء تجاههم.
وأعلنت التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، في بلاغ أعقب اجتماع مجلسها الوطني، برمجة مجموعة من الخطوات التصعيدية، أولها خوض إضراب وطني يوم الجمعة 25 نونبر الجاري، تزامنا مع محاكمة زملائهم المتابعين أما محكمة الاستئناف بتهم جنائية، مع تنظيم وقفة احتجاجية لمديريتي الرباط وسلا أمام محكمة الاستئناف.
وبعد أن خاض الأساتذة عدة وقفات احتجاجية واضرابات خلال الموسم الدراسي الماضي والحالي، دون تحقيق أدنى و ابسط مطالبهم بسبب تجاهل وزارة بنموسى لهذه الفئة، سطّرتْ الأطر التعليمية أو ما يسمى ب”أساتذة التعاقد” في برنامجا جديداً لاحتجاجات جديدة متواصلة حتى تحقيق مطالبهم المشروعة.
وسطرت التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، برنامجا احتجاجيا جديدا لإنزالات قطبية خلالا العطلة البينية الثانية يوم 5 دجنبر القادم، بكل من فاس ومراكش، وشكل احتجاجي آخر لمديريتي الرباط وسلا ذات اليوم، تزامنا مع محاكمة رفاقهم.
وأوضحت التنسيقية الوطنية أنها لم ترفض يوما الحوار مع الوزارة على أرضية الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية، مشيرة إلى أنها “فطنت مبكرا إلى أن هذه الحوارات لم يكن الهدف منها سوى شرعنة تمرير مخططات الدولة لبيع الوظيفة العمومية والتراجع عن مكتسبات الشغيلة التعليمية”.
وجدد أساتذة التعاقد، رفضهم للنظام الأساسي الجديد، معتبرين أن هذا الأخير، لم يجب عن الملف المطلبي للتنسيقية غير القابل للمساومة.
وطالبت التنسيقية بالحرية والبراءة لكافة المتابعين على خلفية نضالاتهم بالتنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد.
كما جددت استنكارها لما أسمته ب”استمرار ممارسة السرقة الموصوفة من أجور المفروض عليهم التعاقد”.
ويعد ملف أساتذة التعاقد من بين الملفات التي تثير الكثير من الجدل حول تصرفات الحكومة والوزارة الوصية ولامبالاتها تجاه الاستاذ ومنه الطالب والمنظومة التربوية بأكملها.
وبحسب الأساتذة المتعاقدين، فإن هذه العقود كانت “إذعانية” و”مفروضة” على خريجي المؤسسات الجامعية المغربية لتبدأ هذه الأطر التعليمية في التفكير في تنظيم نفسها في تنسيقية، من أجل تحصين الأساتذة والمطالبة بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية بمناصب مالية ممركزة قارة وإسقاط التعاقد.
ويتهم الأساتذة المتعاقدون، الحكومة ووزارة التعليم بانتهاج سياسة الآذان الصماء والهروب إلى الأمام تجاه مطالبهم بالإدماج في الوظيف العمومي. وجرت مجموعة من الحوارات بين الأساتذة المتعاقدين والوزارة ولكن مخرجاتها لم تستجب لمطالبهم.
ونظام التعاقد برنامج أطلقته الحكومة المغربية، سنة 2016، لتوظيف أساتذة في المدارس الحكومية بموجب عقود قابلة للتجديد، غير أنه خلف احتجاجات بين الأساتذة الذين وظفوا، ومطالبات بتغييره وإدماجهم في القطاع العام.
ولجأت وزارة التربية الوطنية في عام 2019 إلى التخلي عن النظام نهائيا، وإحداث نظام أساسي يصبح بموجبه هؤلاء الأساتذة أطراً بالأكاديميات، ويتضمَّن مقتضيات تضمن الاستقرار المهني، مثل الحق في الترقية، والتقاعد، والاستفادة من الحركة الانتقالية الجهوية، وغيرها.
غير أن الاحتجاجات استمرت بسبب إصرار الأساتذة على إدماجهم في الوظيفة العامة، وأن تكون مناصبهم المالية تابعة لوزارة التربية، لا الأكاديميات.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه أن يتم الحسم في النظام الأساسي الجديد لمهن التربية والتكوين، الذي كان خلال الأشهر الماضية محط نقاش بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات التعليمية، أبدى المتعاقدون رفضهم ما جرى تداوله بخصوص مضامين ذلك النظام.
وبحسب التسريبات التي نشرت خلال الأيام الماضية، فإنه من المقرر أن تُلغى الأنظمة الأساسية الـ12 لموظفي الأكاديميات (أساتذة التعاقد) مباشرة مع صدور النظام الأساسي الجديد، لتُدمج هذه الفئة من الأساتذة في النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية لتسري عليهم مقتضياته طيلة مسارهم المهني من التوظيف إلى التقاعد.
وبموجب النظام الأساسي الجديد، سيحصل أساتذة التعاقد على منصب مالي مركزي والتوظيف في مناصب مالية محدثة بموجب قانون المالية ضمن جدول أعداد موظفي الأكاديميات، كما سيتوصلون بأجورهم مباشرة من الخزينة المركزية.
وبالإضافة إلى ذلك، سيشارك أساتذة التعاقد في الحركة الانتقالية الوطنية لموظفي وزارة التربية (من جهة إلى أخرى)؛ وسيرسمون بأثر رجعي ومالي وإداري، أي الترقيات في الرتب والمشاركة في الامتحان المهني للترقية 2022، من السلم 10 إلى السلم 11 بالنسبة للفوج الأول (2 يناير/كانون الثاني 2017)، بالإضافة لمنحهم الحق في المشاركة في المباريات الداخلية بوزارة التربية وخارجها.
غير أن التنسيقية اعتبرت، في بيان أصدرته أمس، أن معالم النظام الأساسي الجديد “تنذر بالإجهاز التام على الوظيفة العمومية باعتباره خارج نظامها”، كما أنه “لا يستجيب للمطلب الرئيسي للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد والمتمثل في الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية وإسقاط نظام التعاقد”.
وقالت إن ما يجرى ترويجه بخصوص هذا النظام “ما هو إلا تغليط للرأي العام وتزييف للوعي”، معتبرة الأمر “محاولة لتجريم الفعل النضالي والحق في الإضراب والاحتجاج السلمي”.
وبرأي الزغداني، فإن “النظام الأساسي الموحد يهدف إلى مهننة قطاع التعليم وليس ترسيخ الوظيفة العمومية”، موضحا أن “عبارة أطر الأكاديميات” تدل على أن الإدماج غائب عن النظام الأساسي الموحد الذي تعمل عليه وزارة التربية الوطنية.
وقال: “نناضل من أجل نيل صفة موظفي وزارة التربية والوطنية وليس أطر الأكاديميات. ما قد يتغير هو أن الأساتذة المفروض عليهم التعاقد سيتوصلون برواتبهم من الخزينة العامة بدل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وهذا الوضع لم يحل مشكلتنا؛ بل مجرد ذر للرماد في العيون ليس إلا”.
وأوضح أن “الحركة الوطنية الشاملة التي سيستفيد منها أساتذة التعاقد وأطر الدعم مجرد مطلب ضمن الملف المطلبي، الذي ننادي من خلاله منذ 4 مارس/آذار 2018 بإسقاط مخطط التعاقد والإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية”، متسائلا عن “معايير الوزارة في تحديد مردودية الأساتذة الذين سيستفيدون من منحة الشهر الـ13، في ظل غياب شروط تحقيق الجودة”.
وبينما لفت عضو لجنة الإعلام أن “كوتا (محاصصة) الشهر الـ13 ستقسم الأساتذة وستخلق حزازات بينهم”، عاد ليؤكد أن “التنسيقية مستمرة في نضالها إلى حين تحقيق مطلب الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية وإسقاط مخطط التعاقد”.