تنظيم “داعش” ينعي مقتل عناصر من جبهة البوليساريو كانوا من قياداته..هل ستدرج البوليساريو على القائمة الدولية للإرهاب؟

0
411

“داعش” عرف ولادة جديدة  بمنطقة الساحل، حيث يحاول ويسعى إلى توسيع دائرة نفوذه بهذه المنطقة..نواة للتطرف تشكلت خلف أسوار تندوف بالصحراء الشرقية المحتلة. 

نعى تنظيم “داعش” في شريط مصور مقتل أربعة عناصر من جبهة البوليساريو كانوا من قيادات “داعش” بصفوفه، (يتعلق الأمر بكل من أبو الوليد الصحراوي وعبد الرحمان الصحراوي وعيسى الصحراوي وعبد الحكيم الصحراوي) في تأكيد واضح للتوجهات التي تؤطر الجبهة، الأمر الذي يشكل تهديدا واضحا لمصالح دول شمال إفريقيا بالمنطقة.

وقتل الزعيم السابق لتنظيم”داعش” أبو الوليد الصحراوي ( ينحدر من مدينة العيون، كما أنه كان عضوا نشيطا سابقا في جبهة البوليساريو) في الصحراء الكبرى، نتيجة عملية أمنية شنتها القوات الفرنسية بمنطقة الساحل منذ سنتين تقريبا.

كما قتل كل من عيسى الصحراوي، المنسق المالي واللوجستي لتنظيم “داعش” في مالي، وعبد الرحمان الصحراوي، الذي كان مكلفا بـ”إصدار الأحكام”، على يد الجيش الفرنسي بتنسيق مع الجيش الأمريكي سنة 2021، وكان القياديان عضوين بجبهة البوليساريو، حيث استقرا بمخيمات تندوف طيلة سنوات قبل أن يتوجها نحو الصحراء الكبرى للانضمام إلى “داعش”.

وأشرفت القوات الفرنسية كذلك على قتل عبد الحكيم الصحراوي المنتمي إلى جبهة البوليساريو، خلال غارة شنتها قوة “برخان” السابقة على موقع كان يختبئ فيه القيادي بتنظيم “داعش” 

وسبق للمغرب أن نبه في العديد من المناسبات السياسية والدبلوماسية، من التبعات الأمنية الخطيرة المترتبة عن هشاشة الوضعية الاجتماعية بمخيمات تندوف؛ ما يؤدي إلى تزايد “النشاط الإرهابي” بدول الساحل والصحراء.

وفي السياق قال رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد رمضان مسعود، إن “الفراغ الحاصل بمخيمات تندوف يدفع الشباب الصحراوي إلى الانضمام إلى الحركات المسلحة بالمنطقة، أو الانخراط في أعمال الإجرام والتهريب”.وأضاف مسعود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجمعيات الحقوقية المعنية بأوضاع المخيمات حذرت المجتمع الدولي أكثر من مرة بخصوص مخاطر التجنيد بتندوف”، لافتا إلى أن “المخيمات أصبحت بؤرة توتر بالقارة الإفريقية”. 

أوضح الباحث بشؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، أن أحد أهم أسباب تمركز “داعش” في إفريقيا ما يطلق عليه استراتيجية المعاقل الجديدة والممرات الآمنة، نظرا للطبيعة الجغرافية الوعرة للمناطق الجبلية والصحراوية، التي تمثل ملاذا آمنا للتنظيم وإتاحة فرصة التدريب المسلح لعناصره، والتمكن من ضرب الأهداف والمصالح الأمريكية والغربية داخل دول إفريقيا.

ورجح فاروق أن “داعش” سعى لتنفيذ استراتيجية البقاء عن طريق ما يسمى بـ “أطفال إفريقيا”، لمحاولة استقطابهم وانتقائهم لصفوف التنظيم، والاستفادة من الطبيعة الصلبة لنشأتهم وسط المعارك والمليشيات المسلحة ومدهم بأفكار التنظيم وأدبياته، وهو نوع من التمركز طويل الأمد، بهدف تكوين أجيال جديدة حاملة لجينات التنظيم ومبادئه التكفيرية المتشددة في إفريقيا، بشكل عام.

تشير تقارير متطابقة إلى أن مخيمات تندوف التي تضم صحراويين خاضعين لسلطة ميليشيات جبهة البوليساريو الانفصالية وتحت حرابها، تعيش أوضاعا مزرية وإهمالا من قبل القائمين عليها وأن هذا الوضع دفع بالكثيرين منهم إلى الانخراط في المشروع الإرهابي في المنطقة وبعض من تلك العناصر التحقت بصفوف فرعي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة في منطقة الساحل والصحراء.

وإزاء هذا الوضع يبرز تساؤل ملح حول ما إذا كانت الدبلوماسية المغربية التي أسست لحلول عقلانية وواقعية لنزاع الصحراء ونجحت إلى حدّ كبير بعيدا عن الضجيج الإعلامي والدعائي في عزل البوليساريو وفي تفكيك مخططات إرهابية على صلة بهذا الكيان غير الشرعي، ستطرح دوليا في مرحلة ما تصنيف الانفصاليين كتنظيم إرهابي.

والسؤال يكتسب مشروعيته في لحظة فارقة من مسار الدبلوماسية المغربية وبعد هذا الجهد الذي تطلب سنوات من العمل لبلوغ مرحلة متقدمة في كسب المزيد من الأصوات العربية والإقليمية والدولية الداعمة لمغربية الصحراء وللمقترح المغربي القاضي بمنح الصحراء حكما ذاتيا تحت سيادة المملكة.

وقد اعتمد المغرب على مدى سنوات مقاربة شاملة تجمع بين مقاومة التطرف بكل أشكاله والتنمية في أقاليمه الجنوبية كسد ميع أمام تحول الصحراويين للتطرف، لكن البوليساريو المدعومة من الجزائر كانت تعمل على مسار مضاد لكل تلك المشاريع.

وإن فشل الانفصاليون في تقويض الجهود المغربية على نطاق جغرافي معين، فإن مخيمات تندوف الخاضعة للبوليساريو ولإدارة جزائرية من وراء ستار، تسير على خط التطرف سواء بفعل الوضع المزري الذي تعيشه والقمع الذي لا يهدأ لكل من يعارض طروحات البوليساريو، أو بفعل تسلل التطرف فكرا لتلك التجمعات ضمن موجة لا تشكل استثناء في خضم انتشار ظاهرة يعتقد من يتبناها أنها تشكل خلاصا من الظلم والاستبداد الذي يمارسه قادة الانفصاليين.

ويقول معارضون صحراويون، إن كبير الانفصاليين إبراهيم غالي وعدد من قادة ميليشيا البوليساريو متورطون في قضايا تتعلق بالإرهاب تشمل التعذيب والاختطاف والقتل وقد فشلت جهود القبض على غالي حين زار اسبانيا سرا بوثائق دبلوماسية مزورة وهي القضية التي فجرت أزمة بين مدريد والرباط قبل أن تتم تسويتها مؤخرا بإعلان الحكومة الاسبانية دعمها لمقترح المغرب منح الصحراء حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية كحل واقعي قابل للتطبيق.

وتشير دراسة لمحمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية تنبيها إلى “انتشار مظاهر التطرف والراديكالية بمخيمات تندوف مع تورط عناصر من البوليساريو ضمن خلايا إرهابية بالمنطقة وظهور قيادات في تنظيمات إرهابية بالمنطقة، منها داعش والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تنشط في دول غرب إفريقيا والساحل”.

وتفسر الدراسة هذا التحول إلى الراديكالية في جانب منه إلى “الوضع المزري واللاإنساني الذي يعيشه السكان المحتجزون في المخيمات، فبعد عقود من الزمن دفع شباب المخيمات إلى أحضان التنظيمات الإرهابية السلفية”.

وتشير الدراسة كذلك إلى تيه عقائدي كنوع آخر من التطرف انزل إليه بعض الصحراويين المحتجزين في مخيم تندوف مع السقوط في براثن التطرف الشيعي وأن هذا “التطرف الجديد وجدا أرضا خصبة من التيه العقائدي وفقدان التوازن والانسجام الديني والدعوة والتحريض علانية من طرف أئمة البوليساريو لاعتناق عقيدة الجهاد على طريقة حزب الله”.

وبحسب التقرير ذاته، تقول عائشة ادويهي رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، إن “جبهة البوليساريو تنظيم مارق منغلق لا يختلف عن باقي التنظيمات الإرهابية”.

وكان وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت قد كشف في منتدى دولي بدبي قبل خمسة أيام، أنه تم رصد علاقة بين تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وفرعه بالساحل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وعناصر تابعة لجبهة البوليساريو الانفصالية، مشيرا إلى أن قادة في هذه التنظيمات تنحدر من جبهة البوليساريو.

ونبه الوزير المغربي كذلك إلى تنامي نشاط الجماعات الإرهابية وما يشكله ذلك من خطر على أمن المنطقة، مذكّرا بجهود المغرب في مكافحة الإرهاب والتصدي للتطرف والمساعدة في منع حدوث انفلات في المنظومة الأمنية الدولية.

وقال في كلمة بمناسبة انعقاد الاجتماع الوزاري للتحالف الأمني الدولي في دورته الرابعة “إن إقامة تحالف أمني دولي يضم في عضويته مجموعة من الدول المؤثرة في القرار الأمني العالمي، يأتي في ظل ما يجتازه العالم من تحولات جيو- إستراتيجية متسارعة، تستدعي تظافرا متزايدا للجهود لمنع حدوث انفلات في المنظومة الأمنية الدولية”.

ويقول متابعون لشؤون الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، إن خطر الإرهاب يستدعي تركيزا أكثر على منطقة الساحل وتعقب مصادر التهديدات وتسليط الضوء على دور ميليشيا البوليساريو في تنامي الإرهاب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر إضافة إلى أن انخراط هذه الميليشيا في الجريمة المنظمة العابرة للحدود تستدعي وقفة دولية والتفاتة لتلك النشاطات التي تعد بدورها صنفا من صنوف الإرهاب.

وعلى ضوء ذلك فإن طرح إدراج البوليساريو على قائمة التنظيمات الإرهابية بات مسألة ملحة ضمن جهود مكافحة الإرهاب.

ولا شك أن الدبلوماسية المغربية تمتلك من القدرة على فضح وكشف تورط البوليساريو في أنشطة إرهابية وإجرامية وهو أمر يستدعي حتما جهدا مغربيا إضافيا.

وتشعر الجبهة الانفصالية حاليا بعزلة متزايدة بعد أن نجحت الدبلوماسية المغربية في تفكيك أحزمة الدعم التي كانت تحظى بها الجبهة التي تقدم نفسها بدعم من الجزائر كجبهة تحررية وقد سقطت أقنعتها.