تساقطات مطرية ضعيفة وخزانات جوفية مستنزفة. الوضع المائي في المغرب وصل درجة خطورة كبيرة، والدولة تعلن عن استراتيجيات عاجلة لمواجهة التحدي. فهل ينجح الأمر؟
رغم حالة الجفاف والوضعية المائية المتأزمة التي تعرفها المملكة المغربية، أقدم برلماني سابق عن إقليم سيدي قاسم، بوضع قنوات من أجل توصيل مياه السقي من واد ورغة بجماعة الخنيشات إلى ضيعته الشخصية المتواجدة بجماعة بير الطالب.
وحسب ما يوثقه شريط فيديو متداول من عين المكان، فإن المعني والذي ينتمي لعائلة سياسية معروفة بالمنطقة قد أخرج قناة من سد كدية برنة المتواجد بجماعة اولاد نوال إقليم سيدي قاسم ليمرّ عبر جماعة الخنيشات دوار اولاد سعيد في اتجاه دوار عبيدات.
وقام الشخص المذكور بإيجاد معبر لمياه ورغة مستغلا بذلك علاقاته المتشعبة بالمنطقة عبر حفر معبرين تحت الطريقين الإقليميتين رقم 4540-4232 في اتجاه جماعة جرف الملحة.
واحتج عدد من ساكنة المنطقة من قيام البرلماني السابق والمنتمي لأحد أحزاب المعارضة بمد ضيعته الشخصية بقناة مائية تمتد لأكثر من 5 كيلومترات في الطريق العام ما يؤدي لتبذير مياه السقي وتشويه الملك العام وهو ما يتعارض مع مخطط العمل الاستعجالي الذي قدمه وزير التجهيز والماء خلال جلسة عمل خصصت لاتخاذ الاجراءات الاستباقية والمبادرات التدبيرية لضمان الأمن المائي.
وتحوم مخاوف حول تحويل مياه واد ورغة وسبو في إقليم سيدي قاسم لمصدر لسقي الضيعات الخاصة بالسياسيين والمنتخبين خصوصا في ظل الوضعية المائية المتأزمة التي تعيشها المملكة المغربية بفعل شحّ الأمطار والجفاف.
وسجلت المملكة عجزاً في التساقطات المطرية خلال الموسم الزراعي الجاري بنسبة 70 في المئة مقارنة مع المعدل، كما تراجعت نسبة ملء السدود إلى 23.2 في المئة مقابل 31.5 بالمئة بينما تراجعت حصة الفرد من الموارد المائية من “2560 متر مكعب سنويا في سنة 1960 إلى 620 متر مكعب في سنة 2020″، وفق معطيات وزارة التجهيز والماء.
لكن حتى في الموسم الماضي كانت الأوضاع كارثية، وشهدت المملكة خلالها موجة جفاف غير مسبوقة منذ أربعة عقود. ويعوّل المغرب بشكل كبير على السدود، وهي استراتيجية لمواجهة مواسم الجفاف، لكن تواليها باستمرار خفّض نسبة ملء السدود بشكل واضح.
وتشهد بعض مناطق المغرب انقطاعات في تزويد السكان بالمياه، وهو خيار تشير تقارير وسائل إعلام مغربية أنه متعمد لأجل دفع السكان إلى مزيد من ترشيد المياه، خصوصاً في المناطق التي تشهد ضغطا كبيرا على الموارد المائية.
وتعاني مناطق في وسط وجنوب المغرب بشكل كبير من أزمة مياه الشرب، ومنها أكادير الكبير، التي تأثرت بتراجع كبير في مياه السدود وسط ندرة تامة للتساقطات المطرية، وكذلك جهة درعة تافيلالت، التي نبهت عدة تقارير إلى أنها مهددة بأزمة عطش.
ويشير خبراء كثر إلى أن الأزمة سببها التقلبات المناخية، خصوصا ارتفاع درجة الحرارة، إذ تشهد بعض المناطق مناخا حاراً على طول العام، وتوالي سنوات الجفاف، وكذلك النمو السكاني، وعدم ترشيد الاستخدام، خصوصا في مجال السقي.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه المياه السطحية بسبب الجفاف، تتعرض المياه الجوفية لاستنزاف كبير نتيجة الاستعانة بها لتوفير مياه الشرب، أو للنشاط الزراعي المكثف، خصوصا بعض الزراعات التي تستنزف المياه. وتشير تقارير رسمية أن 88 بالمئة من المياه في المملكة تستخدم في السقي.
ويبرز جواد الخراز أن المغرب يتوفر على قوانين وخطط استراتيجية مهمة في حكامة المياه، لكن المشكل كذلك هو في عدم تطبيقها، معطيا المثال بـ” الترخيص لمزارعين كبار استغلوا أراضي شاسعة وأسرفوا في استغلال المياه الجوفية”، وكذلك دعم تطبيق القانون الخاص بـ”عقد الفرشة المائية” الذي يلزم المزارعين بإدارة مياه الخزانات الجوفية.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، (مؤسسة استشارية) قد حذر، في منشور له، من أن المياه تتعرض للاستهلاك المفرط وللهدر رغم ندرتها في المغرب. وأشار إلى وجود ضعف في فعالية آليات المراقبة، وإلى لجوء بعض المدن إلى استخدام مياه الشرب لسقي المساحات الخضراء وللمشاريع السياحية رغم معاناة سكان في مناطق أخرى من العطش، لافتاً كذلك إلى استمرار زراعات تستهلك الماء بكثرة.