قضية “فساد النواب” في المغرب تسلط الضوء على تحديات كبيرة تواجه البرلمان المغربي ومصداقيته أمام الشعب. يتابع 35 نائباً برلمانياً في قضايا فساد وتبديد أموال عامة، وهو ما يثير جدلاً واسعاً حول مدى نزاهة المؤسسة التشريعية. هؤلاء النواب يتوزعون بين الأغلبية والمعارضة، وبعضهم واجه السجن أو تم تجريده من صفته البرلمانية في سابقة تاريخية في المغرب.
من خلال تناول قضية “فساد النواب” في المغرب، يمكن تحليل الأبعاد المختلفة لهذه القضية وتأثيرها على الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد. تعد هذه القضية نقطة تحول في مصداقية البرلمان المغربي، خاصة مع متابعة خمسة وثلاثين نائبًا في قضايا فساد وتبديد أموال عامة.
يتوزع النواب بين الأغلبية والمعارضة، مما يكشف عن مدى انتشار الفساد في جميع أنحاء المؤسسة التشريعية.
إن تجريد بعض النواب من صفاتهم البرلمانية وسجنهم يعكس تغييرات تاريخية في تعامل المغرب مع الفساد، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية معالجة هذه الظاهرة بشكل فعلي.
تأتي التعديلات الجديدة التي أدخلها البرلمان على نظامه الداخلي، بما في ذلك مدونة السلوك والأخلاقيات، جاءت استجابة لدعوة الملك المفدى محمد السادس لتخليق الحياة البرلمانية. المدونة تهدف إلى تحسين جودة النخب البرلمانية وتعزيز الشفافية والنزاهة داخل المؤسسة التشريعية. ورغم ذلك، فإن هناك نقاشاً حول مدى فعالية هذه التعديلات.
فعلى سبيل المثال، تمنع المدونة البرلمانيين المتابعين قضائياً من تولي مناصب قيادية أو دبلوماسية داخل البرلمان، لكنها لا تمنعهم من حضور الجلسات أو طرح الأسئلة، مما يطرح تساؤلات حول فعالية الإجراءات المتخذة لمحاربة الفساد
ومع ذلك، تظل فعالية هذه التعديلات محل جدل. فبينما تمنع المدونة النواب المتابعين قضائياً من تولي المناصب القيادية، إلا أنها لا تمنعهم من المشاركة في الجلسات، مما يجعل التساؤلات حول جدوى الإجراءات المعلنة قائمة.
يطرح الناشط الحقوقي محمد الغلوسي قضايا هامة حين يطالب بتجميد عضوية النواب المتابعين قضائياً، مشيراً إلى أن استمرار استفادتهم من المال العام يزيد من الفساد ويعمق الريع.
وفي المقابل، يرى بعض النواب أنه يجب احترام قرينة البراءة حتى صدور الأحكام النهائية، مما يفتح النقاش حول التوازن بين مكافحة الفساد واحترام الحقوق القانونية للمتهمين
وطالبت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار (معارض)، فاطمة التامني، منع النواب المتابعين في قضايا فساد في ولوج المؤسسة التشريعية.
هذه القضية تبرز الحاجة الملحة لإصلاحات أعمق في الساحة السياسية المغربية. فمكافحة الفساد تتطلب شجاعة أكبر من السياسيين، كما أشارت البرلمانية فاطمة التامني، خاصة مع فقدان الثقة المتزايد من قبل المواطنين في البرلمان، حيث تشير الاستطلاعات إلى أن ثقة المغاربة في هذه المؤسسة لا تتجاوز تسعة وثلاثين في المئة.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستسهم هذه التعديلات فعلاً في إعادة بناء الثقة وتحقيق تغييرات حقيقية، أم أنها مجرد خطوات شكلية لن تؤدي إلى نتائج ملموسة؟ الجواب قد يكمن في قدرة البرلمان على إظهار إرادة حقيقية لمكافحة الفساد، من خلال خطوات ملموسة وعملية، وليس مجرد تحسين الصورة العامة.