“جبهة إنقاذ لاسامير” تطالب باسترجاع أرباحاً فاحشة فاقت 45 مليار دره لشركات المحروقات بالمغرب

0
200

 شركات المحروقات بالمغرب راكمت نهاية 2021، أرباحا فاحشة فاقت 45 مليار درهم (حوالي 27ر4 مليار يورو)، مشيرا الى أن سعر المحروقات بالمملكة سيبقى مرتفعا.

حذّرتْ الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، من التداعيات السلبية والخطيرة لأسعار المحروقات على السلم الاجتماعي، وعلى المعيش اليومي للمواطنين، على توازنات المقاولات المستهلكة للطاقة البترولية.

عبرت الجبهة عن قلقها من الاحتقان المتصاعد من جراء التداعيات السلبية للتضخم والغلاء، مستنكرة الموقف السلبي للحكومة وتهربها من التعاطي الجدي والمسؤول مع أسعار المحروقات المرتفعة من بعد رفع الدعم والتحرير وتنامو الأرباح الفاحشة للفاعلين في القطاع.

واعتبرت الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، أن الحكومة تقف موقف المتفرج ولا تكترث لهدر الثروة الوطنية التي تمثلها أصول شركة سامير وتضييع الفرصة على المغرب للاستفادة من المكاسب المهمة التي توفرها صناعات تكرير البترول.

و استنكرت جبهة إنقاذ “لاسامير”، جميع أشكال التشويش والتصريحات تحت الطلب المناوئة لوجود شركة سامير، مؤكدة على أهمية صناعات تكرير البترول في تعزيز الأمن الطاقي الوطني وفي المساهمة في تخفيض أسعار المواد المكررة والمحروقات التي يستورد أكثر من نصفها من أوروبا التي لا تنتج النفط الخام وتكرره في مصفاة تقل في بعضها بكثير عن مواصفات مصفاة المغرب.

وبالنظر إلى جملة عوامل وأسئلة طرحها رواد فضاءات التواصل الاجتماعي في الأشهر الماضية، وانخرط فيها لفيف من النخبة، فإن الوضع أشبه بتجار المآسي، إذ تكون الأزمات والحروب والاضطرابات التي تعرفها النظم والمجتمعات دافعا لاغتناء فئة من وراء الأزمة، وهذا يحصل بشكل فاحش في الدول التي تغيب فيها آليات الحكامة والمحاسبة. وبصيغة أخرى، يفضي ذلك إلى الفراغ القانوني والمؤسساتي، أو عدم استقلالية المؤسسات الرقابية إلى مدى يجعلها تؤدي وظيفتها الفعالة، كما هو حال مجلس النواب/البرلمان الذي أعدّت له لجنة استطلاعية لأسعار المحروقات وشروط المنافسة صيف 2017 -عقب زيارات ميدانية ولقاءات مع الفاعلين والمستثمرين في قطاع المحروقات- تقريرا يشير إلى حالة الفساد في القطاع. ولكن توصيات اللجنة الاستطلاعية في ذلك التقرير، على ما فيه من وهن وعدم قدرة على التوصيف الصحيح لما شاب قطاع المحروقات من فساد، بقيت حبرا على ورق، بحيث لم تتحول إلى نظم قانونية وإجراءات تحمي المستهلك وتحدّ من نزعة الاحتكار، وذلك راجع إلى عدم الاستقلال الفعلي للسلطة التشريعية في النسق السياسي المغربي، وغياب الآليات التي تجعل المهام الاستطلاعية البرلمانية؛ التي يكون تشكيلها عادة لرصد العديد من الاختلالات والتجاوزات، تحوز سلطة التأثير الفعلي والمباشر في سنّ قوانين ملزمة تعالج الاختلالات الحاصلة.

في السياق نفسه، يمكن استحضار العمل الذي قام به مجلس المنافسة الذي يعدّ مؤسسة دستورية ذات طابع استشاري؛ يدخل اختصاصها بشكل مباشر فيما نحن بصدده، حيث عمد مجلس المنافسة قبل سنتين إلى رصد ارتفاع أسعار المحروقات وتحديد هامش الربح الذي جنته شركات المحروقات في ظرفية محدودة عقب تحرير قطاع المحروقات، إلى رفع تقرير لملك البلاد، يفيد بوجود تواطؤات محتملة بين موزعي المحروقات، باحتمال “وجود ممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات” كما جاء في بيان له يوم 21 يوليو/تموز 2020، مع فرض غرامة مالية بمبلغ 9% من رقم معاملات موزعي المحروقات بأنواعها الثلاثة بالمغرب، وما دون ذلك بالنسبة للشركات الأخرى. وفي مرحلة لاحقة، رفع تقرير ثان يعمّم الغرامة المالية على كل الشركات بشكل متساو في حدود 8%، ليبرز فيما بعد وجود خلاف داخل المجلس نفسه، حيث تم تكوين لجنة للنظر في سير عمل المجلس، هي التي رفعت توصيات إلى الملك نتج عنها إعفاء رئيس المؤسسة بيوم 22 مارس/آذار 2021، بسبب مخالفات قانونية وتدهور مداولات المجلس، حسب بلاغ للديوان الملكي حينئذ.

ومن خلال تقرير المجلس الذي أفاد بوجود تواطؤات بين موزعي المحروقات، وكذلك التوترات التي شابت المجلس الذي ينتظر منه ضمان التنافس الشريف في الاقتصاد وحماية المستهلك، فإن المصرح به من مؤسسة رسمية هو الاستغلال الفاحش لتحرير قطاع المحروقات، في ظل غياب قوانين ضابطة، أو مع العجز عن تسقيف الأسعار. فتدهور المداولات داخل المجلس نفسه لا يفيد بعدم صحة خلاصات المجلس التي أتت شبه مطابقة لما أسفرت عنه اللجنة الاستطلاعية، وبين عمل اللجنة البرلمانية وما لحق رئيس المجلس يتبيّن حساسية موضوع المحروقات، والتأثير القوي “للوبي” المحروقات، الذي قد ينتج عن حالة الجشع زيادة الاحتقان الاجتماعي والسياسي معا في البلاد، ويؤثر في الثقة المجتمعية بالمؤسسات الدستورية التي تعاني أزمة معمقة في الأصل. 

ويرى الكاتب المغربي، يحي العلمي،  أن “لوبي” المحروقات وغيره على صلة مباشرة بالمستوى السابق من أشكال اقتصاد الريع وتمظهرات الفساد، إنما ينتعش في ظل غياب استقلالية المؤسسات عن دوائر النفوذ، كما تجلى في تقرير اللجنة الاستطلاعية، ثم لاحقا مع مجلس المنافسة في نسخته السابقة والحالية التي عبّر رئيس المجلس فيها عن انتظاره تحيين قانون المجلس، وهذا يعبر عن أزمة تخفي خلفها حالة عجز قد يتطور معها الرفض المجتمعي إلى ما هو أبعد من احتجاج صامت.

ويشر العلمي، إلى أن توقف “لا سامير” الشركة الوحيدة بالمغرب المختصة بتصفية وتكرير البترول عن العمل، وعدم تدخل الدولة في حل المشكلة أو في القطاع برمته؛ سمح للوبي المحروقات بالهيمنة على سوق التوزيع، أما الضرورة فتقتضي تدخل الدولة في القطاعات التي تمس بشكل أو بآخر الاستقرار المجتمعي، فالمحروقات مجال حيوي ترتبط به جملة من القطاعات، ويتطلب حضور الدولة لضمان التوازن وعدم وقوع المجتمع تحت رحمة الشركات، في سياق اقتصادي تغيب فيه آليات الحكامة وتشوبه شبه الفساد.

ووفقا للجبهة، فإن الدولة “لا تستطيع الضغط على الأغنياء لأداء ما بذمتهم، فتعمل على التوجه للفقراء، ومن يخسر في النهاية هي الطبقة المتوسطة وشبه المتوسطة”، بعد أن شدد على أن دعم مهنيي النقل استفادت منه بدرجة أولى “الباطرونا” صاحبة المقاولات وشركات النقل.