جبهة البوليساريو الكيان الانففصالي الوهي يعيش حالة ارباك غير عادية منذ إعلان الحكومة الاسبانية دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، حيث اقر كبير الانفصاليين بأن الجبهة لم تكن تتوقع مثل هذا القرار.
وكشف مضمون مقابلة صحفية مع إبراهيم غالي ما يسمى بزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية نشرتها صحيفة ‘ال موندو’ الاسبانية الاثنين، أن قرار الحكومة الاسبانية الذي أقرت فيه بواقعية مقترح المغرب للحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، حشر الجبهة الانفصالية في الزاوية وفاقم عزلتها حيث اشتكى غالي من “التحول الجذري’ في الموقف الاسباني مشيرا إلى أن الكيان غير الشرعي المسمى ‘جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب’ لم يكن يتوقع موقفا كهذا.
وكانت البوليساريو تراهن على ما تبقى من غطاء توفره بعض الدول إما تحت عنوان الحياد أو دعم ما يسمى حركا التحرر، لكن مع توالي الاعترافات الإقليمية والدولية بمغربية الصحراء، باتت الجبهة تشعر بأن بساط ‘شرعية’ زائفة يسحب من تحت أقدامها شيئا فشيء وأن هامش المناورة يضيق أكثر فأكثر.
وقد ندد كبير الانفصاليين بـ”التحول الجذري” في موقف إسبانيا بعد الدعم الذي قدمته مدريد لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء وهو أمر بدد كل رهانات الجبهة الانفصالية وسلط الضوء على محدودية خياراتها إزاء مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة.
وقال إبراهيم غالي في المقابلة مع يومية ‘ال موندو’ الاسبانية إنه من “الواضح أنه تحول جذري لم نتوقعه من دولة هي السلطة القائمة على الإدارة بحكم القانون”، أي وفقا للقانون على عكس الأمر الواقع”، في الصحراء المغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة.
وأضاف غالي الذي لم يكن قد تحدث علنا بعد بشأن تغيّر موقف الحكومة الإسبانية “أشعر أنني كأي صحراوي يواجه هذا القرار الخطر للغاية”، فاسبانيا “تركتنا لمصيرنا في 1975 وبعد 47 عاما تفعل الشيء نفسه”.
وتابع “لطالما دافعت إسبانيا عن حل في إطار الأمم المتحدة على أساس قرارات” الأمم المتحدة، “ما يعني الدفاع عن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي لإكمال عملية نزع الاستعمار. ولهذا السبب لا نفهم تحول الحكومة الإسبانية الجذري”.
ولطالما أبدت مدريد حيادها قبل أن تعلن في 18 مارس/اذار الماضي دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية التي تعتبرها حاليا “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”.
وسمحت البادرة هذه التي كانت الرباط تنتظرها بوضع حد لأزمة دبلوماسية كبرى مع مدريد مستمرة منذ عام تقريبا والتي نجمت عن استقبال إبراهيم غالي في إسبانيا في أبريل/نيسان من العام الماضي للعلاج من كوفيد.
ومن المقرر أن يتوجه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الرباط في الأيام المقبلة لتكريس المصالحة.
وأكدت الحكومة الإسبانية التي تعرضت لانتقادات من أطراف مختلفة في إسبانيا، وأيضا من الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو، أنها لم تغير موقفها ولكنها اتخذت فقط “خطوة إضافية” من أجل المساهمة في حل النزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو منذ رحيل الإستان عام 1975.
وأدت الأزمة بين الرباط ومدريد في ذروتها إلى وصول أكثر من عشرة آلاف مهاجر في منتصف شهر مايو/ايار من العام الماضي إلى جيب سبتة المغربي المحتل.
ثم استنكرت إسبانيا حصول ما وصفته بـ”ابتزاز” و”عدوان” من جانب الرباط، التي استدعت سفيرتها لدى إسبانيا. ولم تعد السفيرة إلى مدريد إلا في 20 مارس/اذار.
لكن مدريد عادت عن موقفها وأقرت بعد قراءة موضوعية بواقعية المقترح المغربي وأعلنت ذلك في رسالة من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وكشف صحيفة “الأحداث” المغربية أن إبراهيم غالي الذي لم يخف شعوره بخيبة أمل من الموقف الإسباني، تهرب خلال المقابلة مع الصحيفة الاسبانية من الردّ على أسئلة تتعلق بالتهم التي تلاحقه ومنها اتهامات بالاغتصاب والتعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها والتي أدت به إلى العدالة الإسبانية.
وكان من المتوقع أن تلقي السلطات الاسبانية القبض على غالي حين زار مدريد سرّا بوثائق دبلوماسية جزائرية مزورة لمحاكمته أو التحقيق معه في تلك الاتهامات لكن ترتيبات غامضة سمحت له بالمغادرة حيث أقلته طائرة جزائرية، بينما يحقق القضاء الاسباني حاليا في كيفية دخوله وخروجه ويتعقب حلقة الوصل التي سهلت له إجراءات الدخول والمغادرة.
وامتنع غالي في المقابلة عن الرد على ثلاثة أسئلة تعلقت بما هو منسوب إليه من اتهامات ذات طابع جنائي وأيضا بشأن هجمات مفترضة نفذتها ميليشيا البوليساريو على المصالح الإسبانية كما كان الحال مع البحارة الإسبان الذين قتلوا في سبعينات القرن الماضي.
وسئل غالي ما إذا كانت الجبهة الانفصالية التي يقودها ستتعرض للمصالح الاسبانية على غرار ما فعلت في سبعينات القرن الماضي كرد على التحول في الموقف الاسباني، لكنه امتنع عن الإجابة تاركا الباب مواربا لكل السيناريوهات.
والطبيعة الإجرامية لجبهة البوليساريو تحتمل كل ردود الفعل فهي لم تتوان عن انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع المغرب برعاية أممية في تسعينات القرن الماضي كما أنها تواصل قمع معارضيه في مخيم تندوف خاصة منهم المؤيدين لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.