دعت الجبهة المحلية للمحمدية لمتابعة أزمة “سامير” في المغرب إلى تنظيم تجمعات احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية بالمحمدية الاثنين المقبل 20 يونيو، احتجاجا على الارتفاع الأسعار والأرباح الفاحشة للمحروقات بعد حذف الدعم والتحرير المبيت للقطاع في نهاية 2015، وطالبت بالاستئناف العاجل لتخزين وتكرير البترول بـ”سامير”.
وقالت الجبهة في بيان لها ، أن “الوضع الراهن بالمغرب يتسم باستمرار موجة غلاء أسعار المواد الأساسية، وعلى رأسها المحروقات، في ظل إصرار الحكومة على تجاهل إعادة تشغيل مصفاة لاسامير، وعدم التفاعل مع مقترحات القوانين بهذا الخصوص”، مؤكدة عزمها تنظيم مسيرة لذات الغاية في وقت لاحق.
وقالت الجبهة المحلية للمحمدية لمتابعة أزمة “سامير” أن “الوضع الراهن بالمغرب يتسم باستمرار موجة غلاء أسعار المواد الأساسية، وعلى رأسها المحروقات، في ظل إصرار الحكومة على تجاهل إعادة تشغيل مصفاة لاسامير، وعدم التفاعل مع مقترحات القوانين بهذا الخصوص”.
وتزامنا مع الارتفاعات المتكررة التي تشهدها أسعار المحروقات، احتجت الجبهة على إصرار اللوبي المتحكم في القرار السياسي على إعدام شركة سامير، والقضاء على منجزات الحكومة الأولى بعد الاستقلال.
وطالبت ذات الجهة السلطات المعنية بالكف عن التبريرات الواهية أمام النزيف المستمر والخسران المبين للثروة الوطنية، داعية إلى استئناف تشغيل “سامير”، والمحافظة على المساهمات المالية والاجتماعية والتنموية للشركة في الاقتصاد الوطني.
كما شددت على ضرورة التصدي للأسعار الملتهبة للمحروقات، وتجنب ارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي وتهديد الاستقرار والسلم الاجتماعي.
فعلى الرغم من انخفاض سعر النفط على المستوى العالمي، إلا أن أسعار المحروقات مازالت مشتعلة في المغرب، حيث بلغ سعر الغازوال في بعض المحطات بالرباط 15.64 درهما، فيما بلغ سعر البنزين 17.79 درهما للتر الواحد، دون أي أمل في انخفاض الأسعار، مع اختلاف ببضعة سنتيمات حسب الشركات.
ورغم انخفاض ثمن برميل النفط على المستوى الدولي لم ينعكس ذلك على مستوى السوق الداخلي بالمغرب، حيث تواصل ارتفاع أسعار “الغاز” و”البنزين”، والتي تجاوزت 18.03 درهم للتر الواحد حوالي ( دولارين).
فبعد” تغييب شركة تكرير النفط “لاسامير” الوحيدة في المغرب، أصبح ثلاثة فاعلين اقتصاديين يتحكمون في حوالي 80% من المحروقات، وهم الذين يقررون السعر، وما دامت لا توجد منافسة قوية فإنه طبيعي ألا يستفيد المواطن من أي تراجع للأسعار”.
وتراوحت الزيادات الجديدة في المغرب ما بين درهم و80 سنتيما، حيث قفز سعر الغازوال في بعض المحطات إلى 16 درهما للتر الواحد في بعض المدن، بينما وصل سعر البنزين إلى 17.90 درهما للتر الواحد، وهو ما اعتبره مواطنون تحدّثوا لجريدة هسبريس الالكترونية “ارتفاعا هو الأوّل من نوعه بلغ مستويات قياسية غير مسبوقة”.
في العام 1996، أُدرجت شركة سامير في بورصة الدار البيضاء، وبعد ذلك بسنة تقررت خصخصتها بتحويل 67.27 في المئة من رأسمال المصفاة المغربية إلى مجموعة “كورال السويدية”.
ويرى المراقبون أن الاقتصاد الوطني اليوم، يؤدي ثمنا باهظا، نتيجة الخطأ الكبير لعملية خصخصة شركة تمثل جوهر الصناعة في المغرب، وهو خطأ ساهم فيه عدد من المسؤولين السابقين.
يعتبر محمد الرهج، الأكاديمي والمحلل الاقتصادي، أن “خصخصة شركة سامير كان خطيئة أصلية”، في حين كان الواجب على الحكومة حينها “تحسين دورها على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي والاجتماعي”.
ودعا الأكاديمي والمحلل الاقتصادي، الحكومة إلى التدخل لإنقاذ “سامير”، ليس بتأميمها، ولكن على الأقل باستغلال تجهيزاتها وصهاريجها لتخزين المواد البترولية، إذا لم تكن تريد استغلال المصفاة لتكرير البترول.
كان المغرب يعوّل على مصفاة “سامير” في توفير أكثر من 80 في المئة من احتياجاته البترولية، إلى حدود عام 2015 حيث توقفت عن العمل، بعد أن تراكمت عليها الديون بسبب سوء الإدارة خلال فترة خصخصتها وبيعها لرجل الأعمال السعودي محمد حسين العامودي.
وكان المغرب يدعم المنتجات البترولية حتى عام 2015 حين تخلت حكومته في عهد رئيس الوزراء السابق عبد الإله بنكيران عن دعم جميع المحروقات باستثناء غاز البوتان، بسبب التكلفة الكبيرة التي كانت تتكبدها الموازنة العامة.
وقال الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ومنسق “جبهة إنقاذ مصفاة سامير: “المغرب كان يبني حاجياته على تكرير مصفاة سامير التي كانت تمثل في الأصل 80 في المئة من الاستهلاك الوطني زائد 20 أو 15 في المئة كانت تُستورد من الخارج”.
وتابع قائلا: “ارتفاع سعر البرميل في السوق الدولية ما هو إلا قميص يوسف. أسعار البترول ارتفعت في المغرب بسبب وقف دعم البترول من طرف الدولة في 2015 من صندوق المقاصة (الموازنة)”.
وقال اليماني: “في فترة الدعم لم يتجاوز سعر الغازوال (السولار) الثمانية دراهم للتر. الآن تجاوز الـ16 درهما”.
ويملك أخنوش، الذي يوصف بالمقرب من أصحاب القرار وتولى وزارة الزراعة بين 2007 و2021، شركة “أفريقيا غاز” التي تعد أهم الفاعلين في سوق المحروقات بالمغرب إلى جانب شركتي “توتال” الفرنسية و”شل” الهولندية البريطانية.
ويواجه ضغوطا في الأشهر الأخيرة بسبب غلاء عدة مواد أساسية، جراء تداعيات الحرب في أوكرانيا. لامتصاص هذا الغضب أعلنت الحكومة تخصيص دعم بحوالي 200 مليون دولار لموظفي قطاع النقل البري، بعدما نظّموا إضرابات.
لكن التوقعات تشير إلى استمرار ارتفاع الأسعار عموما هذا العام “في معدلات تفوق المتوسط المسجل خلال العقد الأخير”، بحسب المندوبية السامية للتخطيط وهي هيئة الإحصاءات الرسمية في المغرب.
ونتيجة هذا الوضع، تراجعت معنويات الأسر خلال الفصل الأول من العام الجاري إلى “أدنى مستوى لها” منذ العام 2008، وفق نفس المصدر.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يواجه فيها المغرب، الذي يعتمد على الخارج لتوفير حاجياته من المحروقات، أزمة مماثلة. لكن أثرها لم يكن ينعكس على المستهلكين بفضل دعم الدولة أسعار البيع في محطات البنزين، على أساس هوامش ربح محددة.
بعدما ظل هذا الدعم لعقود ضمانة “للسلم الاجتماعي” تقرر وقفه في العام 2015 نظرا لكلفته الباهظة على ميزانية الدولة، لكن على أساس أن يتم تعويضه بتحويلات مالية شهرية للأسر الفقيرة. إلا أن ذلك لم يتحقق.
في المقابل، واجهت شركات المحروقات اتهامات “بمراكمة أرباح تفوق 45 مليار درهم (4,5 مليار دولار) منذ التحرير وحتى نهاية 2021″، وفق ما يؤكد حسين اليماني من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
ورغم أن القطاع بات خاضعا لقانون السوق الحرة، إلا أن المنتقدين يصفون هذه الأرباح “بالفاحشة” بالمقارنة مع الهوامش التي كانت محددة قبل التحرير.
وأكدت الحكومة السابقة عام 2018 أن “هذا الفارق يتعدى درهمين للتر”، في مراسلة لمجلس المنافسة الرسمي لطلب رأيه حول الموضوع.
من جهته، يرى رضى النظيفي، الكاتب العام للجامعة الوطنية لتجار ومسيّري محطات الوقود بالمغرب، أن أصحاب المحطات “لديهم ربح قارّ، ولا دخل لهم في ارتفاع الأسعار في المغرب الذي تتحمل مسؤوليته الشركات الموزعة للمحروقات”.
ودعا نظيفي في تصريحه لـ”عربي بوست” الحكومة إلى إخراج النصوص المتعلقة بتطبيق قانون “الهيدروكاربور”، الذي تعاقبت عليه ثلاث حكومات “لتحديد من المسؤول عن هذا الارتفاع”، حسب قوله.
فيما اعتبر الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، أن المبررات التي يقدمها المهنيون بأن تأثير الانخفاض على الأسعار قد يأخذ وقتاً أكبر بالنسبة للمحروقات، و”استغلال المستهلك” لا يجب السكوت عنه.
زكرياء فيرانو، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أكد على ضرورة تدخل الدولة من أجل إقرار ميكانيزمات وآليات تخفف من ثقل ارتفاع الأسعار في المغرب على المواطن المغربي، في ظل هذه الظروف.
من جانبه، طالب الكاتب العام للجامعة الوطنية لتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب، الحكومة بوضع حد لهذا الارتفاع، مؤكداً أن “ما يهم المستهلك هو خفض الثمن، ونحن أيضاً يهمنا أن يكون الثمن منخفضاً”.
وكشف المتحدث أن هيئته راسلت مجلس المنافسة من أجل التدخل لحماية المهنيين، والقدرة الشرائية للمواطنين، كما طالبت وزارة الاقتصاد والمالية بإعفاء المهنيين من الحد الأدنى للضريبة، الذي يتم احتسابه على أساس رقم المعاملات.
أسعار البنزين ترتفع في المغرب لأعلى مستوى مع انخفاض سعر النفط عالمياً