الحداثة بشكل عام أو العصرنة هي تحديث وتجديد ما هو قديم وهو مصطلح يبرز في المجال الثقافي والفكري والحداثة تشمل مجموعة من التغييرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ونجد بأن الترويج لهذا المفهوم في العالم العربي أخذ طابع تقليدي لا يتوافق مع الفكر الإسلامي فهو يدعو لإزاحة التراث الإسلامي واعتباره غير صالح للعصر واستبدال النظرة الإسلامية لأصول الإسلام بمنظور غربي ضيق يتماشى مع المدنية الغربية بمظاهرها الحضرية وفلسفتها الاجتماعية.
الرباط – تباينت ردود في صحف ومواقع التواصل بالمغرب حول تصريحات الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي عبد اللطيف وهبي بـ “بعد خروج الإسلاميين (العدالة والتنمية) لابد من النقاش مع المواطنين بفكر حداثي يناهض الفكر المحافظ” !؟.
وكان وهبي قد صرح لوكالة “سبوتنيك” الروسية،إن المشاورات بشأن اختيار الوزراء ما زالت مستمرة حتى الآن، وإن الحكومة الجديدة ستعمل على النهوض بثلاثة مسارات “اقتصادي، سياسي، اجتماعي”.
وأوضح وهبي أنه من المرتقب أن يتم الإعلان عن أسماء الحكومة الجديدة قبل الثامن من الشهر المقبل أكتوبر/تشرين الأول.
واضاف الأمين العام لـ “اللبام” : “بعد خروج العدالة والتنمية (من الحكومة) لابد من النقاش مع المواطنين بفكر حداثي يناهض الفكر المحافظ، وكذلك فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، خاصة أن هناك انتظارات كبيرة لهذا الجانب، كما أن الجانب الاجتماعي يحتل أولوية في ظل القرارت التي يجب تنزيلها”.
وفي الـ 15 من الشهر الجاري ، اعتبر الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة” (وسط) المغربي، عبد اللطيف وهبي، أن التراجع الذي حصل لحزب “العدالة والتنمية” (قائد الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته) في الانتخابات الأخيرة “لم ولن ينقص أبدا من وطنيته وجدية أدواره”.
وقال وهبيخلال لقاء جمعه مع عدد من برلمانيي حزبه إن “تراجع عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية خلال الاستحقاقات الأخيرة (إلى 13 مقابل 125 في 2016) لم ولن ينقص أبدا من وطنيته وجدية أدواره التي جسد فيها غيرته على الثوابت الدستورية ومراجع الأمة المغربية طيلة الولايتين الحكوميتين السابقتين”.
وشدد على أنه “سيظل (العدالة والتنمية) حزبا هاما في التاريخ السياسي المغربي، وسنظل حريصين على التعاون معه، لحاجة بلادنا له ولكل أحزابنا الوطنية”.
وأكد أن شرعية وجود الحزب “ستعيد له قوته للمساهمة من جديد في العملية الديمقراطية، علما أنه ليس هناك موت دائم في السياسة ولا انتصار دائم فيها”.
وقال إن حزبه “تجاوز صراع المواقع مع حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي- متصدر الانتخابات)، ودشن مرحلة جديدة برسائل إيجابية جيدة (لم يوضحها) من هذا الحزب المكلف بتشكيل الحكومة”.
وبالمقابل، قال وهبي لنفس الوكالة الروسية إن تحالف حزبه الثلاثي مع “التجمع الوطني للأحرار” و”الإستقلال”، مبني على “التقارب في التفكير والانسجام في الاختيارات السياسية وقوة الحضور “.
إن محاولة بعض الحداثيين العرب من المعاصرين الاتجاه غربا يلزم تقديم كثير من التنازلات حتى يبارك الغرب أعمالهم ويدعمهم لإقامة أنظمة عصرية تهتم بإقامة الدولة أكثر من إقامة الدين وتربي أجيالا تهوى الغرب وتعجب بقشور حضارته وتدعم جهود هيمنته على العالم الإسلامي دون التنبه للخطر الذي يحيق بالإرث الإسلامي وغض الطرف عن جرائم الغرب الفكرية والعسكرية ونهبه لثروات العالم العربي والإسلامي وإذكاءه الحروب والتخطيط لإدامة النزاعات والعمل على إطالة أمدها حتى يطمئن الغرب على تبعية أنظمة الدول الإسلامية لأيدولوجيته وسيرها على رؤيته وتطبيقا لمخططاته التي لا تريد إسلاما يحرج الغرب ويؤسس دول مناهضة ومغالبة لأطماعه.
فبهذا يظل الجمهور الإسلامي منفصم فكريا عن دينه فهو بين من يعتقدون جازمين بأن الإسلام غير صالحا لعصر التطور فيجب إقصاءه أو تقليم أضافره ليبدو وكأنه لا شوكة له ولا قوة فيه فمتى ما قال الغرب بأن ذاك الأمر يعد إرهابا أسرع الحداثيين إلى خلعه من الإسلام وأفرغوا جهدهم في مغالطات تأريخية وغيروا وبدلوا وغيروا في النصوص ليخرجوا بنتائج مفادها أن هذا الأمر الذي من أجله حكم على الإسلام من أجله بالإرهاب ليس من الإسلام أصلا بل من التراث المتشدد وغير المسلم به وأنما هو من مخلفات التراث ويسترسلوا في وصف ذلك البريء بما تجود به عقلوهم من أوصاف فيصفونه بالتراث الذي ما عاد مواكبا للعصر وأنه بنى أحكامه على أسس سياسية.
والغرض من ذلك كله محاولة توسيع الهوة بين مسلم اليوم ومسلم الأمس شيئا فشيئا حتى يرى عامة المسلمين بأن معركة إثبات الذات الفكرية قد نجح فيها الغرب وتمكن من عرك الإسلام وإفراغه من مضامينه التي لطالما أرقت الغرب وغضت مضاجع ساسته وقادته حتى بات لديهم هاجس مقاومة ذلك الفكر الذي سفه عقولهم واستحوذ على قلوبهم فحاولوا بشتى الطرق إضعافه وصد أتباعه بشتى المغريات وكل الوسائل ولم يخطر على بالهم أن يظهر من ينادون بتغيير الإسلام ذاك المجهول العظيم لديهم ليبدوا وكأنه يحتاج إلى رفده بتجاربهم في الحريات والحقوق والمعاملات والحكم والإدارة.
ولا يمكن بأي من الأحوال اعتبار هذا التيار الحداثي ذا قيمة في تبصير المسلمين وتذكيرهم بدينهم فهو يدعوهم صراحة إلى نبذه والاتجاه صوب الحضارة الغربية وعبادة المادة مقابل حصولهم على الرفاهية والنهضة والتي بالتأكيد لن تتثنى بالتنازل عن أغلى ما يملكون ولو ظنوا بأنه مدعاة للقول بأنه لصالح الإسلام أو استكمالا لمسيرته بل هو خروج عن قيمه والتمرد على أحكامه وابتداع ما يتافي رسالته الواضحة ورؤيته المتفق عليها بين حقب الأمة منذ مجيء الإسلام مرورا بآخر مؤلفة خطها المسلمين دفاعا عن الإسلام.
يذكر أن الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة”، بنى حملته الانتخابية على مهاجمة عزيز أخنوش، الأمين العام لحزب “التجمع الوطني للأحرار”، واتهم حزبه باستعمال المال الكثيف لشراء ولاءات الناخبين، وأعلن في عدة تصريحات سابقة عن عدم إقدامه على التحالف مع الحزب الذي يقود اليوم الأغلبية التي ينتمي إليها حزبه.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يناقض فيها زعيم الحزب الذي خرج من القصر تصريحاته ومواقفه، أو تصدر عنه تصريحات متضاربة أو غريبة.
وحصل “التجمع الوطني” على 102 مقعد من أصل 395 في مجلس النواب (الغرفة الرئيسية للبرلمان)، متبوعا بحزبي “الأصالة والمعاصرة” 86، و”الاستقلال” 81، و”الاتحاد الاشتراكي” 35، و”الحركة الشعبية” 29، و”التقدم والاشتراكية” 21، و”الاتحاد الدستوري” 18.
فيما حل حزب “العدالة والتنمية” في المركز الثامن، مسجلا تراجعا كبيرا بحصوله على 13 مقعدا فقط.