“من جائحة كورونا إلى الجفاف: الأسباب الحقيقية وراء أزمة اللحوم في المغرب”
في رد فعل على الارتفاع الكبير لأسعار اللحوم الحمراء، عزا محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، هذا الارتفاع إلى “الاختلالات المناخية” التي رفعت من كلفة الإنتاج. وأكد خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أن سلاسل إنتاج اللحوم الحمراء تأثرت بشكل كبير، مما انعكس سلباً على المردودية وأعداد الماشية.
وأشار صديقي إلى أن الحكومة اتخذت مجموعة من التدابير لمحاولة استقرار الأسعار، مثل دعم أعلاف الإنتاج الحيواني، فتح باب الاستيراد، وتعليق رسوم الاستيراد على الأبقار والأغنام. كما أضاف أن الحكومة تسعى لفتح أسواق جديدة وتبسيط المساطر لاستيراد الأبقار، وتعمل على توقيع عقود لرفع إنتاج اللحوم الحمراء.
ومع ذلك، أثار هذا التبرير تساؤلات حول فعالية مشروع “المغرب الأخضر” الذي كان من المفترض أن يعزز الأمن الغذائي ويقلل من الاعتماد على الاستيراد. وتساءل العديدون عن كيفية صرف الدعم الفلاحي، خاصة في ظل اتهامات الحكومة بدعم “اللوبيات الفلاحية” بدلاً من حماية مصالح المواطنين.
وينبغي الإشارة إلى أن هذا الوضع يكشف عن تقصير الحكومة في التعامل مع التحديات الاقتصادية الكبرى، حيث تبدو “حكومات الكفاءات” غير قادرة على تحقيق التوازن بين مصالح الفلاحين الكبار ومصالح الشعب. وقد أدى ذلك إلى استمرار ارتفاع الأسعار وفشل الاستراتيجيات المعلنة في تحقيق الأهداف المرجوة، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة النظر في السياسات الزراعية لضمان استقرار الأسعار وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي تصريحات سابقة ، قال يونس الكياف، عضو بالاتحاد العام للمقاولات والمهن للجزارين، أن عدة عوامل ساهمت في الأزمة الحالية، منها جائحة كورونا التي أدت إلى بيع الكسابة لقطعانهم بسبب انخفاض الأسعار آنذاك، والجفاف الذي أضر بالثروة الحيوانية، وارتفاع تكلفة الإنتاج، مما جعل من الصعب على الكسابة الصغار تربية الحيوانات.
فشل مشروع “المغرب الأخضر” وتقصير الحكومة
يعكس الوضع الراهن فشل مشروع “المغرب الأخضر” في تحقيق أهدافه، حيث كان من المفترض أن يتضمن استراتيجيات شاملة للتعامل مع التحديات البيئية والزراعية. لكن التدابير المتخذة لم تكن كافية، مما أدى إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي. ويشير التقصير في تنفيذ هذا المشروع إلى ضعف التخطيط وعدم القدرة على مواجهة التغيرات المناخية.
كما يكشف الوضع الحالي عن تجاهل حكومات الكفاءات لمصالح الشعب، حيث تركز السياسات على دعم الفلاحين الكبار الذين يهيمنون على سوق الفلاحة، بدلاً من تقديم الدعم الحقيقي للمزارعين الصغار وللأمن الغذائي الوطني. هذا الانحياز يظهر من خلال توجيه الدعم بشكل غير متوازن، مما يزيد من معاناة المواطنين ويؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم، مما يؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود.
دعوات للتغيير
في ضوء هذه الأزمة، دعا يونس الكياف الحكومة إلى فتح باب الاستيراد مرة أخرى، وخفض الضريبة المضافة عليه، لدعم المربين الصغار ومكافحة الاحتكار في سوق اللحوم. وأكد أن دعم مربي الماشية من خلال تقديم إعانات للأعلاف والنقل، وفتح باب الاستيراد لسد النقص في العرض، يمكن أن يساعد في خفض الأسعار وتحسين الوضع.
خلاصة
يشير الوضع الحالي إلى أن الحكومة لم تنجح في معالجة أزمة أسعار اللحوم بشكل فعال، وأن السياسات المتبعة لم تحقق أهدافها في تحسين الأمن الغذائي. يستدعي الوضع مراجعة شاملة للسياسات الزراعية والاقتصادية، وضمان تقديم الدعم للمزارعين الصغار، لمواجهة التحديات البيئية وتحقيق استقرار الأسعار لمصلحة المواطنين.