جماعة“العدل والإحسان”: لن نشارك فى الانتخابات المقبلة لأنها “عبثية” والحكومة لا تحكم !؟

0
239

في خروج إعلامي جديد، قالت جماعة “العدل والإحسان” الصوفية  المحظورة ، إن المغرب لا يعيش «ديمقراطية مثالية، وليست هناك حكومة تحكم»، 

وأكدت الجماعة على أن قرار الجماعة واضح جدا بالنسبة للمشاركة فى الانتخابات التشريعية القادمة، حيث لن تشارك في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي تجرى في المغرب، وذلك بمناسبة انطلاق الحملة الانتخابية لاستحقاقات 8 شتنبر.

وبتث الجماعة مقطع فيديو على موقعها الرسمي  يتضمن مواقف وتصريحات لقيادييها بشأن أسباب مقاطعتهم للانتخابات المقبلة.

إذ قال فتح الله أرسلان نائب الأمين العام للجماعة، إن الحكومات في المغرب لا تحكم، فلذلك في العملية الانتخابية عبثية و”العدل والإحسان لا يمكنها أن تشارك في العبث، على حد وصفه.

وأضاف ” من المفروض في الانتخابات أن يكون فيها أحزاب تتنافس على الحكم لتطبق برامجها، أما عندنا فنحن بعيدون على هذا الواقع، والتنافس لا يكون إلا لخدمة الحاكم”.

من جهته، أوضح عمر إحرشان عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة، أن المغرب جرب 30 استحقاقا انتخابيا، وجرب مختلف الحكومات السياسية والتكونوقراطية، وحكومات اليسار والإسلاميين.

أما محمد منار عضو الدائرة السياسية للجماعة، فاعتبر أن الانتخابات تخلق نوعا من التداول على السلطة لكن في المغرب لا يوجد هذا الأمر، الانتخابات لا تؤدي إلى التداول على السلطة أو امتلاك القرار السياسي، مضيفا ” يمكن القول أنها تؤدي إلى التداول على هامش من السلطة فقط”.

تأسست جماعة “العدل والإحسان”، المغربية نهاية سبعينيات القرن الماضي، على يد الشيخ عبد السلام ياسين (1928 ـ 2012). وتعتبرها السلطات “جماعة محظورة”، فيما تقول “العدل والإحسان”، إنها حصلت على ترخيص رسمي في الثمانينيات.

وبغض النظر عن الصيغة القانونية للجماعة، وحتى عن طبيعتها الدينية إن كانت جماعة سلفية أو صوفية أو إخوانية، أو إن كانت جماعة دينية لا علاقة لها بالسياسة، فإن “العدل والإحسان” كانت وإلى وقت قريب تمثل ثقلا سياسيا مهما في المغرب، وأسهمت إلى حد كبير في الضغط من أجل الوصول إلى دستور العام 2011، الذي فتح صفحة سياسية جديدة في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، بدخول الإسلام السياسي ممثلا في حزب العدالة والتنمية رسميا إلى المنافسة على الحكم.

إلا أن الجماعة ومنذ رحيل زعيمها المؤسس الشيخ عبد السلام ياسين، وعلى الرغم من سلاسة التغيير القيادي داخلها، حيث تولى قيادتها محمد العبادي بمنصب الأمين العام للجماعة، وظل لقب المرشد العام للجماعة ملتصقا بمؤسسها الشيخ عبد السلام ياسين، على الرغم من ذلك فإن أداء الجماعة السياسي قد أصابه الفتور، وغاب قادتها تقريبا عن المشهدين السياسي والإعلامي.. 

العدل والإحسان على خط الأزمة

الظاهر في سلوك الجماعة السياسي منذ رحيل الشيخ عبد السلام ياسين أنها تحرص على تطويق محاور التوتر مع السلطة، وتجمد كل تكتيكاتها السابقة في التموقع في بؤرة الصراع الاجتماعي، لكن ما يخفى هو الكيفية التي تدير بها صراعاتها وتوتراتها الداخلية، فثمة تيار داخل الجماعة، يؤمن بالخط الياسيني بشكل أرثودوكسي، ولا يقبل إحداث أي تغيير فيه، ولو بشكل عملي، وهو يشترط وجود الشيخ المرشد، بذات الأدوار التربوية والروحية، التي كان الشيخ ياسين يقوم بها، بل ويطلب بعض أطيافه إجراء تقييم شامل للمسار السياسي للجماعة، والأخطاء التي ارتكبتها من جراء وضع البيض كله في كفة السياسة، وإخلاء الثغر التربوي، وإضعاف جلسات النصيحة، التي راهنت عليها الجماعة لبناء التربية الإيمانية.

وثمة في المقابل، نخب وسطى (من الطبقة الوسطى وأطر الجماعة)، براغماتية، أصبحت تعتقد أن إرث الشيخ ياسين، يحول دون تقدم الجماعة سياسيا، وأنه، من الأفضل التعاطي معه بشكل عملي، من خلال قيادة براغماتية، تهدئ جبهة الصراع مع السلطة، وتبقي على وحدة الجماعة، باللعب على خطين، خط الانكفاء التربوي الذي يرضي التيار الياسيني الحرفي، والصمت السياسي، الذي يرضي الطرفين: التيار الياسيني التربوي الذي ينتقد التضخيم السياسي في عمل الجماعة، والنخب البراغماتية، التي تعتبر الصمت في هذه المرحلة أفضل بكثير من إحماء جبهة الصراع مع السلطة السياسية. أي أنه يمارس المراجعة العملية لخط الشيخ، ويظهر الصرامة الفكرية في عدم الانزياح عنها.

ولذلك، فالتقدير أن صمت “العدل والإحسان” إذا تم النظر إليه في سياق تحولي، أي بمقارنة مع ما دأبت عليه الجماعة من إظهار مواقفها، والحضور الإعلامي الكثيف، والتموقع في صلب التوترات الاجتماعية، فهو يعكس تدبيرا داخليا للأزمة، وتحولا إيجابيا في العلاقة بالسلطة.

قيادة العدل والإحسان، تدرك أن خط الشيخ ياسين، حقق ذروته في مرحلة ابتلائه السياسي، أي مرحلة إدخاله لمستشفى المجانين، ثم مرحلة اعتقال مجلس الإرشاد، والإقامة الجبرية للشيخ ياسين، وأن المنحنى التنازلي للجماعة بدأ مع رسالة “إلى من يهمه الأمر”، وتعمق مع فشل رهان رؤية 2006، وأن كل الجهود التي قامت بها الجماعة، لامتصاص الأزمة، فشلت، وأن منسوب استقطابها وتمددها، قد وصل إلى مستويات متدنية، وأن اللحظة التي قدرت فيها الجماعة أنها ستعيد الوهج والألق لخطها (أي مرحلة الحراك) ارتدت إلى العكس، بعد انسحاب الجماعة من مكونات الحراك، وفقدانها لصورتها، وأن وفاة الشيخ ياسين لم تكن صدمة لها، بل إيذانا بدخول براديغمها الحركي إلى دائرة الشك والمساءلة، إن لم نقل بلوغه إلى منتهاه.