جمعية “شاراكا” الإسرائيلية توظف شبابًا مغاربة: تعزيز للتعاون الثقافي أم محاولة لاختراق النسيج الاجتماعي؟

0
65

في خطوة أثارت الانتباه، قامت جمعية “شاراكا” الإسرائيلية بتوظيف عدد من الشباب المغاربة لتعزيز الأنشطة الثقافية على المستوى الدولي، خاصة بعد تعليق أنشطتها في عدة دول عربية من بينها الإمارات والبحرين.

يأتي هذا التوجه الجديد في وقت تشهد فيه العلاقات المغربية-الإسرائيلية تطورات متسارعة منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أواخر 2020. ولكن يظل السؤال: هل هذه التعيينات تأتي في إطار تعزيز التعاون الثقافي بين المغرب وإسرائيل؟ أم أن هناك أهدافًا أعمق تسعى الجمعية لتحقيقها في ظل التوترات السياسية الإقليمية؟

تعيينات جديدة وأسماء بارزة شملت التعيينات الجديدة في جمعية “شاراكا” شخصيات مثل سهيل بنقدور وسلمى أنس، اللذين شاركا في الوفد المغربي الذي زار إسرائيل في يوليو الماضي. سهيل بنقدور، خريج جامعة الأخوين والمتخصص في العلاقات الدولية، يُعتبر من دعاة الحوار بين الأديان وصناع السلام.

من جانبها، تعتبر سلمى أنس مهندسة شابة ظهرت للمرة الأولى في الأوساط الإعلامية من خلال هذه التعيينات.

السؤال المطروح هنا: هل يأتي اختيار هذه الشخصيات الشابة بناءً على كفاءاتها وقدرتها على تمثيل روح التعايش والسلام؟ أم أن هذه التعيينات تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية معينة تحت غطاء الأنشطة الثقافية؟

جدل حول الأجور والتطوع تشير التقارير إلى أن التعيينات الجديدة في “شاراكا” تأتي مع رواتب شهرية ومكافآت مالية للموظفين، بمن فيهم مدير الفرع في المغرب يوسف الأزهري، والموظفين الجدد سهيل بنقدور وسلمى أنس.

لكن يبقى هنا جانب آخر من الجدل، حيث لم يظهر هؤلاء الموظفون بعد عودتهم من إسرائيل في المشهد العام، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال أنشطة ملموسة، وهو ما يثير تساؤلات حول شفافية هذه التعيينات وحقيقتها.

على النقيض، نجد أن فيصل مرجاني، رئيس جمعية “مغرب التعايش”، يواصل نشاطه بكل حرية وثقة على منصات التواصل الاجتماعي ويعمل بشكل تطوعي دون أي مقابل مادي، مكرسًا نفسه لنشر قيم التعايش والسلام بين الثقافات والأديان المختلفة.

هذا التفاني من مرجاني، الذي يواجه انتقادات ومناوشات من جهات نافذة، يعكس التزامه الحقيقي بالقضية التي حملها على عاتقه منذ تأسيس الجمعية.

في المقابل، يتطلب من الأشخاص المعينين في “شاراكا” برواتب شهرية أن يدفعوا ضرائب عن تلك الرواتب، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات إضافية حول هذا النوع من العمل “الجمعوي” الذي يبدو بعيدًا عن الطابع التطوعي التقليدي في المغرب، كما هو الحال مع أعضاء جمعية بركة الملاح ورئيس جمعية “مغرب التعايش” فيصل مرجاني الذين يعملون جميعهم بدون مقابل.

تداعيات التوظيفات على العلاقات المغربية-الإسرائيلية في ظل التطورات الحالية، يبقى السؤال الأبرز: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه التعيينات على العلاقات بين المغرب وإسرائيل؟ وكيف سيتعامل المجتمع المغربي مع هذه التعيينات التي قد تعتبر خروجا عن الأعراف المتبعة في العمل الجمعوي داخل المملكة؟

من الملاحظ أن التوظيف في جمعية شراكة برواتب وامتيازات مالية يتعارض مع الفهم التقليدي للعمل الجمعوي التطوعي في المغرب، والذي يعتمد على مساهمات الأفراد في خدمة المجتمع دون انتظار مقابل مادي. هذا التوجه نحو توظيف موظفين برواتب قد يثير تساؤلات حول الغايات الحقيقية وراء هذه الجمعية، خاصة في سياق الترويج لأهداف مثل التعريف بالهولوكوست وتعزيز الشراكات من أجل السلام.

يمكن اعتبار أن هذه الخطوة تمثل تغيّراً في نهج العمل الجمعوي، وربما تشير إلى تحوّل في الأولويات أو الطموحات التي تتجاوز الأهداف الاجتماعية والتطوعية البحتة إلى مناحي أخرى، بما في ذلك الجوانب الثقافية والسياسية. هل هذه التحركات تمثل استجابة لحاجات تمويلية أم أنها تعكس استراتيجية أوسع نطاقًا للتأثير الثقافي والسياسي؟

الواقع هو أن هذا النوع من التعيينات قد يخلق انطباعات مختلطة، خصوصًا في مجتمع مثل المغرب حيث يتم التعامل مع العمل الجمعوي غالبًا كمساحة للعمل الطوعي النزيه من أجل خدمة المجتمع بدون مصلحة شخصية.

وهل ستعزز هذه الخطوة التعاون الثقافي بين البلدين أم أنها قد تؤدي إلى تفاقم الجدل حول تطبيع العلاقات؟

ختامًا، يبقى المشهد غير واضح المعالم، ويمهد لمزيد من التساؤلات حول طبيعة الأنشطة التي تقوم بها جمعية “شاراكا” في المغرب، ومدى تأثيرها على العلاقات بين البلدين.