جمعية ميمونة (المسلمة) تكشف افتتاح معبد يهودي وسط جامعة محمد السادس "بوليتيكنيك" بمراكش جميع طلبها مسلمين

0
231

كشفت جمعية ميمونة “المكونة من 5 مسلمين” المؤسسة من طرف المستشار الملكي والمدعومة بسخاء، الناشطة في مجال إحياء التراث الثقافي اليهودي بالمغرب،أمس الأربعاء، عن افتتاح معبد يهودي صغير لـ10 أشخاص في جامعة محمد السادس “بوليتيكنيك”، بمراكش، في سابقة هي الأولى من نوعها في البلاد.

وقالت الجمعية في بيان مقتضب إن البيعة “محل عبادة اليهود” “هو الأول من نوعه في العالم العربي والإسلامي”، مبرزة أن الحدث عرف حضور شخصيات إسلامية ويهودية، بينهم إيلي عبادي، الحاخام الأكبر للمجلس اليهودي الإماراتي وجاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية بمراكش.

في تصريحات إعلامية، قال مهدي بودارع، رئيس جمعية ميمونة، إن المعبد اليهودي الجديد سيحمل اسم “بيت الله”، مبرزا أنه مثال على التعايش الديني بين اليهود والمسلمين.

وأوضح المتحدث أن الكنيس يتسع لنحو 10 مصلين ويحتوي على كتب التوراة وعلى مخطوطات تاريخية مهداة من الطائفة اليهودية بمراكش وفاس، بحسب وكالة “ميديا لاين” الأميركية.

من جانبه، أشاد إيلي عبادي بافتتاح الكنيس، وقال إنه دلالة على الاعتراف بيهود المغرب وبثقافتهم، مبرزا أنه سيحتضن، إلى جانب الصلاة، المحاضرات وأنشطة الطلاب والضيوف الراغبين في اكتشاف الثقافة اليهودية المغربية.

وحظي تشييد الكنيس بدعم من إدارة جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية ومن اتحاد يهود السفارديم الأميركي، كما حظي بمواكبة من جمعية ميمونة.

ويأتي افتتاح الكنيس اليهودي بعد نحو ثمانية أشهر من إعلان الطائفة اليهودية بمراكش عن قرب تشييد كنيس يهودي قرب مسجد وكنيسة، مؤكدة حينها أن الهدف من الخطوة هو إحياء التعايش الديني بين المغاربة اليهود والمسلمين.

وسبق للجمعية ذاتها، أن طلقت سلسلة ورشات ودورات تكوينية في الآونة الأخيرة، من بينها ورشات حول فن الطبخ اليهودي ودورات لتعليم اللغة العبرية للمرشدين السياحيين.

وتندرج تلك الدورات ضمن مشروع “روح الملاح”، الذي ترعاه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية واتحاد يهود السفارديم الأميركي، ويهدف لإعادة الاعتبار إلى التراث اليهودي المغربي. 

ويعيش في المغرب حوالي 2000 يهودي أغلبهم في مدينة الدارالبيضاء والعاصمة الرباط،وفاس والصويرة ومراكش وأغادير.

حسب الأرقام التي أكدها المكتب المركزي للإحصائيات في إسرائيل، الذي أصدر أخيرا تقريرا عن أعداد اليهود الموجودين عبر العالم، بمناسبة السنة العبرية الجديدة 5783.

وكان عدد اليهود المستقرين في المغرب يتجاوز 300 ألفا في سنوات الخمسينات، قبل هجرتهم نحو إسرائيل وغيرها من بلدان العالم، خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، البلد الذي استقبل أكبر عدد من اليهود في العالم، حيث يستقر اليوم 5.7 ملايين يهودي، حسب المكتب نفسه.

ويمثل المغاربة 8.13 في المائة من مجموع سكان إسرائيل اليوم، الذين يبلغ عددهم اليوم 6.05 مليون نسمة، يشكل فيها الإسرائيليون الذين ينحدرون من أصول مغربية 488.3 ألف نسمة.

ويصل عدد المغاربة الإسرائيليين الذين قدموا من المغرب واستقروا في إسرائيل، 146.4 ألف نسمة. أما أعداد المغاربة الإسرائيليين الذين رأوا النور في الدولة العبرية، فبلغ 341900 نسمة.

ويعود تاريخ تواجد اليهود بالمغرب، وفق تقديرات، إلى أكثر من 2000 عام. ويضم المغرب، اليوم، أكبر تجمع لليهود في شمال إفريقيا بما يتراوح بين 2000 و3000 شخص. وقد كان هذا العدد يفوق ربع مليون في أربعينيات القرن الماضي. ومنذ نهاية الأربعينات بدأت العائلات اليهودية بالهجرة إما صوب إسرائيل التي تضم اليوم نحو مليون يهودي مغربي، أو إلى أوربا وأمريكا الشمالية.

وعلى عكس الجماعات اليهودية التي عاشت في الشرق، فإن يهود المغرب لم تسقط عنهم الجنسية المغربية، كما تجمعهم صلات “وجدانية وثيقة” بالمملكة. 

وبحسب أوندريه كوميل أحد مؤسسي جمعية الذاكرة اليهودية المغربية، فإن سبب تعلق اليهود المغاربة بما يصفه “الوطن الأم” تتقاطع فيه عوامل تاريخية ودينية ووجدانية، وهو ما يفسر بحسب المتحدث، كيف يحافظ المغاربة اليهود في إسرائيل، خاصة، وفي جميع أنحاء العالم، على التراث اليهودي المغربي، المتمثل أساسا في نمط عيش يتماهى مع مجموعة من التفاصيل المستمدة من الهوية والثقافة المغربيتين كالتحدث بالدارجة المغربية والطبخ والأزياء والموسيقى وحفلات الزفاف إضافة إلى نمط الهندسة المعمارية. 

وابتداء من الأربعينات بدأت هجرة اليهود من المغرب، حيث انتقل جزء كبير منهم إلى الشرق الأوسط مع الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، ويروي كوميل أن جزءا كبيرا من هؤلاء اليهود تعرضوا للتهميش على حساب نظرائهم القادمين من أوربا.

وقد ولد هذا الوضع إحساسا بـ”الحنين الدائم” إلى المغرب تم توريثه للأبناء والأحفاد، وهو ما يفسر ما يصفه المتحدث بالارتباط الوجداني لدى المغاربة اليهود في إسرائيل بكل ما هو مغربي.

من جهته يشير محمد حاتمي أستاذ التاريخ بجامعة فاس وباحث مهتم بتاريخ الجماعات اليهودية المغربية أن اليهود كانوا يساهمون بشكل كبير في تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال التجارة وهو ما جعلهم مقربين من السلاطين.

وفي غوصه في خبايا التاريخ، يذكر الأستاذ الباحث أن الاقتصاد المغربي بدأ منذ القرن السادس عشر يرتبط بالخارج وقد كان اليهود يؤمنون الجزء الأكبر من اقتصاد البلاد مع الخارج، وذلك عبر اشتغالهم بالمرافئ. وتشير كتب التاريخ إلى عبارة “تجار السلطان” عند الحديث عن عائلات يهودية كانت تمارس التجارة عبر المحيط الأطلسي انطلاقا من مدينة الصويرة، وتكشف التسمية عمق العلاقة التي جمعت هذه العائلات بالسلاطين المغاربة منذ نهاية القرن الثامن عشر.