جواز الشباب للسكن: خطوة جادة نحو تمكين الشباب أم مجرد وعود انتخابية؟

0
117

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشباب المغربي، أعلنت الحكومة عن توقيع اتفاقية تمنح حاملي “جواز الشباب” تخفيضات تصل إلى 7% على شراء السكن ضمن مشاريع مجموعة العمران. هذه الخطوة، التي تهدف إلى تسهيل ولوج الشباب إلى السكن، تطرح تساؤلات حول مدى جديتها وفعاليتها في معالجة أزمة السكن وارتفاع معدلات البطالة، خاصة في ظل ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب إلى 36.7% وفقًا لأحدث الإحصائيات. فهل هذه الاتفاقية خطوة جادة نحو تمكين الشباب، أم أنها مجرد حملة انتخابية مبكرة؟

الاتفاقية: ماذا تعني للشباب؟

بموجب الاتفاقية، سيتمكن حاملو جواز الشباب من الاستفادة من تخفيضات تصل إلى 5% على جميع المشاريع السكنية لمجموعة العمران، مع إمكانية الحصول على تخفيض إضافي بنسبة 2% في حالة وجود عروض خاصة. هذه التخفيضات، التي تتراوح قيمتها بين 15 ألف درهم و100 ألف درهم حسب قيمة العقار، قد تبدو جذابة للشباب الذين يعانون من صعوبات في الولوج إلى السكن بسبب ارتفاع الأسعار.

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذه التخفيضات كافية لتمكين الشباب من شراء السكن في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية؟ خاصة وأن العديد من الشباب يعانون من البطالة أو يعملون في وظائف غير مستقرة لا توفر دخلاً كافيًا لتحمل أعباء شراء السكن.

التحديات الاقتصادية: البطالة وأزمة السكن

تشير الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى أن معدل البطالة في المغرب ارتفع إلى 13.3% في عام 2024، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في البطالة بين الشباب (36.7%) وحاملي الشهادات (19.6%). هذه الأرقام تعكس تحديات اقتصادية كبيرة تواجه الشباب المغربي، مما يجعل من الصعب عليهم الاستفادة من مثل هذه المبادرات دون وجود سياسات داعمة لخلق فرص عمل وزيادة الدخل.

إضافة إلى ذلك، تعيش 120 ألف أسرة مغربية في دور صفيح، 63% منها في مدينة الدار البيضاء. وعلى الرغم من الجهود الحكومية لتحسين ظروف عيش 347 ألف أسرة، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً للقضاء على هذه الظاهرة تمامًا. فهل يمكن أن تكون هذه الاتفاقية جزءًا من الحل، أم أنها مجرد ترقيع مؤقت لأزمة سكنية عميقة؟

السياق السياسي: بين التمكين والانتخابات

يأتي توقيع هذه الاتفاقية في وقت تشهد فيه البلاد تحضيرات مبكرة للانتخابات المقبلة، مما يدفع البعض إلى التساؤل عما إذا كانت هذه الخطوة جزءًا من حملة انتخابية تهدف إلى كسب ود الشباب، الذين يشكلون شريحة كبيرة من الناخبين. فهل هذه الاتفاقية تعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد لتمكين الشباب، أم أنها مجرد إجراء تكتيكي لتحسين صورة الحكومة في أعين الناخبين؟

من جهة أخرى، تؤكد الحكومة أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار الجهود الرامية إلى دعم الشباب وتمكينهم من الولوج إلى السكن، مما يساهم في تقليص عجز السكن ودعم قطاع البناء الذي يشغل أكثر من مليون مغربي. غير أن نجاح هذه الجهود يتوقف على مدى توفر الإرادة السياسية لتنفيذها بشكل فعّال، وليس فقط كإعلانات إعلامية.

تحليل نقدي: بين الواقع والطموح

لا شك أن الاتفاقية تمثل خطوة إيجابية في اتجاه دعم الشباب، خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقارات وصعوبة الولوج إلى السكن. غير أن فعالية هذه الخطوة تبقى مرهونة بعدة عوامل، منها:

  1. القدرة الشرائية للشباب: هل التخفيضات المقدمة كافية لتمكين الشباب من شراء السكن في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الدخل؟

  2. توفر فرص العمل: كيف يمكن للشباب الاستفادة من هذه التخفيضات دون وجود فرص عمل توفر دخلاً كافيًا لتحمل أعباء شراء السكن؟

  3. الاستدامة: هل هذه الاتفاقية جزء من استراتيجية شاملة لتمكين الشباب، أم أنها مجرد إجراء مؤقت؟

الخلاصة: بين الجدية والانتخابات

في النهاية، تبقى الاتفاقية خطوة إيجابية تحتاج إلى مزيد من التطوير والتفعيل لضمان نجاحها. فإذا كانت الحكومة جادة في تمكين الشباب، فإنها مطالبة بتبني سياسات شاملة تعالج جذور الأزمة، من خلال خلق فرص عمل وزيادة الدخل وتحسين القدرة الشرائية. أما إذا كانت هذه الخطوة مجرد حملة انتخابية، فإنها لن تحقق سوى وعود مؤقتة تزيد من إحباط الشباب بدلاً من تمكينهم.

السؤال الأهم الذي يبقى معلقًا هو: هل ستكون هذه الاتفاقية بداية لسياسات حقيقية لتمكين الشباب، أم أنها مجرد وعود انتخابية تتبخر بعد انتهاء الانتخابات؟ الإجابة ستحددها الخطوات القادمة للحكومة في تعاملها مع أزمة السكن والبطالة.