“جيل Z والمغرب المزدوج: بين الواقع المسكوت عنه والواجهة الرسمية”

0
401

في قراءة نقدية معمّقة لتفاعل المجتمع المغربي مع احتجاجات “جيل Z”، يقدّم المفكر والكاتب المغربي حسن أوريد تحليلاً يتجاوز الانطباعات السطحية، مؤكداً أن ما يُسمّى غضب الشباب اليوم ليس مجرد انفجارات آنية أو احتجاجات معزولة، بل انعكاس لأزمة أعمق في البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمغرب.

وفي مقاله المنشور على موقع “الجزيرة نت” تحت عنوان “لماذا غضب جيل زد في المغرب؟”، يقدم أوريد قراءة فكرية لمسار هذا الجيل، مسلطاً الضوء على الخصائص الجوهرية للشباب المعاصر: جيل رقمي متصل بالعالم، لا تخاطبه الخطابات الرسمية التقليدية ولا الوسائط الإعلامية القديمة التي كانت الدولة تعتمدها في مخاطبة المجتمع.

مفتاح التحليل:
يُبرز أوريد أن هذا الجيل يتمرد بطبيعته على التراتبية القديمة ويرفض الوصاية السياسية والفكرية، وهو ما يفرض على الدولة وأطرها الفكرية إعادة النظر في أساليب التواصل وآليات التعبير عن الواقع الاجتماعي، بعيداً عن القوالب التقليدية التي فقدت فعاليتها.

ازدواجية المغرب:
أحد أبرز المحاور التي يسلّط أوريد الضوء عليها هو ازدواجية المغرب بين بلدين داخل الدولة الواحدة:

  • مغرب الواجهة: ذلك الذي يُقدّم في الخطابات الرسمية ويُروّج له الإعلام، مليء بالإنجازات والأهداف الكبرى.

  • مغرب الواقع: المغرب اليومي الذي يعاني من تفاوتات اجتماعية حادة، ضعف في التعليم والصحة، وانسداد آفاق التشغيل أمام الشباب.

هذه المفارقة، بحسب أوريد، تعمّق شعور فئة واسعة من الشباب بالإقصاء وفقدان الثقة في المؤسسات والنخب السياسية القائمة، بما يضع مستقبل التماسك الاجتماعي والديمقراطي في المملكة على المحك. فاستمرار الانفصال بين الخطاب الرسمي والواقع الاجتماعي قد يؤدي إلى مزيد من الانكفاء، وفقدان الأمل، وربما تصاعد الاحتجاجات بطرق غير متوقعة.

الأسئلة التي يطرحها أوريد ضمنياً:

  1. هل تستوعب النخب السياسية المغربية التحولات الجذرية في وعي الشباب الرقمي؟

  2. إلى أي مدى يمكن للمغرب تجاوز ازدواجية الخطاب والواقع قبل أن تتحول الاحتجاجات إلى أزمة أكبر على مستوى الثقة في الدولة؟

  3. كيف يمكن إعادة بناء علاقة جدلية قائمة على المشاركة الفعلية والمساواة بين الدولة و”جيل Z”؟

  4. هل تكفي المقاربات الأمنية والسياسات التقليدية في معالجة مطالب هذا الجيل، أم أن الأمر يتطلب إصلاحات هيكلية شاملة؟

قراءة تحليلية:
يطرح أوريد تحذيراً استراتيجياً ضمنياً: استمرار تجاهل الديناميات الحقيقية للشباب المغربي قد يؤدي إلى فجوة متصاعدة بين الدولة والمواطن، وبين الخطاب الإعلامي الرسمي والواقع الاجتماعي. وهو بذلك لا يقتصر على مجرد قراءة احتجاجات عابرة، بل يشير إلى مخاطر بنيوية محتملة تهدد الثقة في المؤسسات واستقرار المجتمع إذا لم تُعالج بجدية.

كما يسلّط أوريد الضوء على دور الإعلام والتواصل الرسمي، مؤكداً أن المقاربات التقليدية لم تعد قادرة على التعامل مع الجيل الرقمي المفتوح على العالم، مما يضع على عاتق صانعي القرار مسؤولية إعادة التفكير في لغة الدولة، وصياغة خطاب جديد يتجاوز الرموز الرسمية ليصل إلى عمق الواقع الاجتماعي.

خلاصة:
تحليل أوريد يشير إلى أن احتجاجات “جيل Z” ليست مجرد موجة غضب عابرة، بل مؤشر على أزمة هيكلية تتطلب إعادة قراءة شاملة للعلاقة بين الدولة والشباب، بين خطاب الواجهة وواقع المواطن، وبين الإعلام الرسمي ومتطلبات العصر الرقمي. الفهم الحقيقي لهذه الأزمة هو الخطوة الأولى نحو استعادة الثقة، وضمان استقرار مغرب المستقبل.