“حدود حرية التعبير في المغرب: بين حماية الصحافة وتنظيم النشر الرقمي وفق القانون”

0
71

تحليل تصريحات رئيس وحدة قضايا الصحافة برئاسة النيابة العامة: توازن دقيق بين حرية التعبير وتطبيق القانون الجنائي

تصريحات حسن فرحان، رئيس وحدة قضايا الصحافة برئاسة النيابة العامة، ألقت الضوء على حدود حرية الصحافة في المغرب، وفتحت الباب أمام نقاش معمق حول العلاقة بين التنظيم القانوني للعمل الإعلامي وحرية التعبير. وبين الرسائل التي أوضحها المسؤول وما لم يقله بشكل صريح، تتجلى تحديات هذا التوازن الدقيق.

ما الذي يريد المسؤول قوله؟

حماية الصحافة المنظمة:

أشار فرحان بوضوح إلى أن الصحافة الملتزمة بالقانون 13.88 تحظى بحماية قانونية. هذه الإشارة تؤكد أن حرية الصحافة ليست مطلقة، بل تخضع لضوابط تنظيمية تحكمها القوانين الوطنية، مع ضمان الدستور المغربي لهذه الحرية بموجب الفصل 28.

ضبط النشر الرقمي:

أبرز فرحان أن المنشورات الرقمية، التي لا تلتزم بشروط الصحافة الإلكترونية، تخضع مباشرة للقانون الجنائي إذا تضمنت أفعالاً مجرّمة.

هذا التصريح يبرز رغبة النيابة العامة في تمييز الصحافة المنظمة عن النشر الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي قد يتحول إلى فضاء للإساءة والتشهير.

محاربة التجاوزات في حرية التعبير:

تناول فرحان ظاهرة استغلال منصات التواصل الاجتماعي لنشر محتويات تتسم بالسب والقذف، مؤكدًا أن مثل هذه الممارسات لا يمكن تصنيفها كحرية تعبير محمية.

الرسالة هنا واضحة: الحرية لا تعني الفوضى.

ما الذي لا يريد المسؤول قوله؟

إشكالية تطبيق القانون الجنائي على الصحفيين:

رغم الحديث عن حماية الصحافة المنظمة، لم يتطرق فرحان إلى الانتقادات الموجهة لاستخدام القانون الجنائي ضد الصحفيين. هذه النقطة تثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الممارسات قد تُستخدم لتقييد حرية الصحافة.

التمييز بين النشر المهني والشخصي:

أشار فرحان إلى أن مواقع التواصل تُصنف كنشر شخصي، لكنه لم يوضح بشكل دقيق المعايير المستخدمة للتمييز بين النشر الصحفي والشخصي. هذا الغموض قد يثير الجدل، خصوصًا في قضايا قد تتداخل فيها هذه الأدوار.

السوابق القضائية ومدى شفافيتها:

ذكر المسؤول وجود سوابق قضائية تكرس هذا الفصل، لكنه لم يقدم أمثلة ملموسة أو يوضح كيف يتم التعامل مع الحالات التي قد تُفسر فيها القوانين بشكل متباين.

رسائل متعددة: بين التوضيح والتحذير للصحفيين:

تصريحات فرحان تبدو وكأنها دعوة للتقيد بالضوابط القانونية لضمان الحماية من أي مساءلة جنائية. الرسالة هنا تهدف إلى ترسيخ ثقافة الصحافة المسؤولة.

لمستخدمي التواصل الاجتماعي:

يُظهر حديث المسؤول موقفًا صارمًا تجاه إساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي. الرسالة تبدو أقرب إلى تحذير: المسؤولية القانونية لا تسقط بمجرد كون النشر رقميًا.

للرأي العام:

تقديم النيابة العامة كجهة تعمل على تعزيز التواصل والانفتاح، مع سعيها لتوضيح الإطار القانوني بهدف محاربة الأخبار الزائفة وتعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي.

أسئلة عالقة تحتاج إلى إجابة:

  1. ما هي المعايير الدقيقة للتمييز بين الصحافة الإلكترونية والنشر الشخصي على مواقع التواصل؟

  2. كيف يمكن ضمان عدم استغلال القانون الجنائي لتقييد حرية التعبير؟

  3. هل هناك نية لتطوير قانون الصحافة والنشر ليواكب تحديات الإعلام الرقمي؟

  4. كيف يمكن تعزيز توعية المستخدمين بالقوانين المتعلقة بالنشر الرقمي، لتجنب الوقوع في مخالفات قانونية؟

التفاعل بين القانون والرأي العام: هل يكفي؟

رغم أن النيابة العامة تؤكد على أهمية التواصل مع الرأي العام لتوضيح المواقف القانونية، إلا أن تصريحات فرحان تكشف عن وجود فجوة بين النصوص القانونية وفهم الجمهور لها.

هل يحتاج المغرب إلى مزيد من الحوار بين المؤسسات القانونية والمجتمع المدني لتطوير هذه القوانين؟

نحو توازن مستدام بين الحرية والتنظيم

تصريحات رئيس وحدة قضايا الصحافة تمثل محاولة لوضع حدود واضحة بين حرية الصحافة والتعبير من جهة، وتطبيق القانون من جهة أخرى. ومع ذلك، يبقى التحدي في كيفية ضمان أن تكون هذه القوانين أداة للحماية والتنظيم، وليس للتقييد.

هل يمكن أن يشهد المستقبل تطورات تشريعية تضمن هذا التوازن؟ وكيف يمكن تعزيز الثقة بين الصحفيين والنيابة العامة لتجنب أي سوء فهم أو استغلال لهذه النصوص؟

تظل هذه الأسئلة محور النقاش، وتحتاج إلى إجابات جادة تضمن الحفاظ على حرية التعبير كركيزة أساسية للديمقراطية، مع ضمان احترام القانون.