قالت مصادر مطلعة، عبّر أغلبية أعضاء المجلس الوطني لحزب “الاصالة والمعاصرة”، خلال اجتماع اليوم الجمعة على قرار المشاركة في الحكومة المقبلة التي كُلِّفَ عزيز أخنوش بتشكيلها.
وأفادت بأن أغلب المدخلات لأعضاء المجلس الوطني للحزب قد تكون حسمت المشاركة في الحكومة المقبلة ، وذلك بموافقة 10 أعضاء من أصل 15 عضواً المشاركة في اجتماع المجلس الوطني.
وهناك مجموعة من القياديين ترى بأن يفوز الأمين العام للحزب، المحامي عبد اللطيف وهبي، بحقيبة وزارية هامة في حكومة عزيز أخنوش، في محاولة لعسى والله أن يغير رأيه الرافض المشاركة في حكومة تحت رئاسة حزب الأحرار .
السبت الماضي ، صرح قيادي بارز في حزب الأصالة والمعاصرة، بأن الأمين العام للحزب، عبد اللطيف وهبي، “لم يعبر عن رغبته الشخصية في الانضمام إلى حكومة عزيز أخنوش في حالة ما إذا شارك فيها حزبه”. وأضاف المتحدث أن “وهبي يرغب كما عبر عن ذلك، في أن يبقى خارج التشكيلة الحكومية ولو كان حزبه شريكا فيها”.
ووفق نفس المصادر، فقد شهد اجتماع المجلس الوطني للحزب، مداخل لـلأمين العام عبد اللطيف وهبي، حيث قال إن ” الوفاء” بالتزامات حزب البام مع المواطنين، بعدما حل في المرك الثاني ثانيا في انتخابات في الثامن من شتنبر الأخيرة، يكون بـ”المشاركة في الحكومة”، لكن “على أساس هويتنا كحزب ديمقراطي حداثي”.
نفس الموقف عبر عنه سمير كودار، الذي طلب من الأمين العام عبد اللطيف وهبي أن يكون وزيرا في الحكومة المقبلة بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار متصدر الانتخابات.
وجاء حزب الأصالة والمعاصرة في المرتبة الثانية، بحصوله على 87 مقعدا، تلاه حزب الاستقلال بـ 81 مقعدا، الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بـ35 مقعدا، حزب الحركة الشعبية بـ29 مقعدا، حزب التقدم والاشتراكية بـ21 مقعدا، الاتحاد الدستوري بـ 18 مقعدا، والعدالة والتنمية بـ 13 مقعدا، بينما نالت باقي الأحزاب الأخرى 12 مقعدا.
والإثنين، انطلقت مشاورات تشكيل الحكومة بلقاءات منفصلة جمعت أخنوش مع أمناء الأحزاب الأولى في الانتخابات، وهم: عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لـ”الأصالة والمعاصرة”، ونزار بركة، الأمين العام لـ”الاستقلال”، وإدريس لشكر، الأمين العام لـ”الاتحاد الاشتراكي”، ومحند العنصر، الأمين العام لـ”الحركة الشعبية”، بحسب إعلام محلي.
وقال وهبي، في تصريح صحفي عقب انتهاء اللقاء، بدا وهبي مرتاحاً، وقال إنه تلقى «إشارات جد إيجابية» من أخنوش. لكنه لم يكشف طبيعة هذه الإشارات، بيد أن مصادر من الحزب أبلغت «الشرق الأوسط» بأنه تلقى عرضاً بالمشاركة في الحكومة، وربما عرض عليه حتى عدد المقاعد الحكومية ونوعيتها.
وأشار وهبي، الذي كان إلى جانب فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب (أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر)، إلى أنه سوف يعمل على «استمرار الحوار لبناء تصور مشترك في المستقبل». وعبر عن تفاؤله قائلاً: «لدينا شعور بأن الأمور ستسير بشكل أفضل». كما تقدم بالشكر لرئيس الحكومة المكلف على «إشاراته الإيجابية».
وكان المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة قد أعلن أنه لا يضع أي «خطوط حمراء» بخصوص التحالفات، مبرزاً أن الأهم بالنسبة له هو «احترام برنامجه الانتخابي، وتوجهاته الكبرى، ومبادئه الديمقراطية الحداثية التي لا تنازل عنها».
الاستقلال” أم “الأصالة والمعاصرة؟
وقال عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الأول (حكومية) في مدينة سطات (شمال)، للأناضول: “بعد التعيين الملكي لعزيز أخنوش، نحن في مرحلة المشاورات قبل اقتراح الحكومة بكامل أعضائها، ثم الذهاب إلى البرلمان لتقديم البرنامج الحكومي”.
ورأى أن “السيناريو الأقرب للتحقق هو أن أخنوش سيشرك حلفائه السابقين الذين فاوض بهم في 2016 (عقب انتخابات برلمانية تصدرها العدالة والتنمية)، ويتعلق الأمر بالحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري”.
وتابع: “لكن بهذه الأحزاب (تمتلك 184 نائبا) لن يتمكن أخنوش من تكوين أغلبية مريحة (مطلوب ما لا يقل عن 198 نائبا)، لذلك سيكون مضطرا إلى أن يختار بين الاستقلال (81 نائبا) والأصالة والمعاصرة (86 نائبا)”.
ورجح أن “الأقرب للتحقق هو أن يلتحق حزب الاستقلال بالأغلبية الحكومية، بالنظر إلى أنه أطال المقام في المعارضة”.
وزاد اليونسي بأن “ما يجعل الأصالة والمعاصرة أقرب إلى المعارضة هو أنه سيتم إعداده ليكون البديل للتجمع الوطني للأحرار مادام كليهما حزبي الإدارة (الدولة)”.
وأوضح أن “هناك سببا وجيها آخر لبقاء الأصالة والمعاصرة في المعارضة وهو أن الدولة تريد مزيدا من الإشعاع لهذا الحزب، خاصة أن عبد اللطيف وهبي (أمينه العام) جاء بخطاب جديد ووجوه جديدة، وبقاؤه في المعارضة يستهدف تحسين صورته في المجتمع”.
لكن ثمة سيناريو ثانٍ لتشكيل الحكومة، وفق اليونسي، “وإن كانت إمكانية تحققه ضعيفة، وهو حصول تحالف بين التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة مع الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، مع بقاء الاستقلال في المعارضة”.
واستدرك: “ما يجعل هذا السيناريو صعبا هو أنه سيفتح المجال أمام تشكيل المعارضة من حزبين يشتركان في نفس المرجعية (الاستقلال والعدالة والتنمية)، مع ما يفرضه ذلك من تحقيق تحالف مستقبلي بينهما، على الرغم من أن الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية ضعيفة العدد”.
توازن بين الأغلبية والمعارضة
متفقا مع اليونسي، اعتبر سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومة) بمدينة فاس (شمال)، أن “السيناريو الأرجح هو خروج الأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية إلى المعارضة لتجاوز أزمة المعارضة التي تلوح في الأفق”.
وأضاف بونعمان للأناضول أنه “مع النتائج التي حققها كل حزب ووصول المرشحين الأعيان (أصحاب نفوذ) إلى البرلمان، هناك أزمة معارضة يجب تدبيرها، ولن يكون أفضل من الحزبين السابقين للقيام بهذا الدور”.
وشدد على أن “تحقيق التوازن بين الأغلبية والمعارضة هو شرط أساسي لنجاح العملية السياسية في الولاية الحكومية القادمة”.
وختم بأن “الأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية بإمكانهم لعب دور المعارضة بشكل جيد”.